تركيا تقرر مصيرها السياسي عبر الاستفتاء الشعبي المرتقب

أقر البرلمان التركي مؤخرا، مشروع التعديل الدستوري الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم، للانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، في خطوة لطالما سعى إليها رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، لتعزيز سلطته وصلاحياته.

وحوّل تصويت البرلمان التركي بقبول تعديل ثمانية عشر بندا في الدستور، معركة الدستور إلى الشارع التركي، إذ قررت اللجنة العليا للانتخابات في البلاد إجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية في الـ 16 من نيسان الحالي، حيث سيقرر الأتراك ما إذا كانوا سيوافقون على ما يرمي إليه أردوغان.

وقد أقر البرلمان التركي مشروع التعديل الدستوري، في كانون الثاني الماضي، خلال عملية تصويت سرية شارك فيها 488 نائبًا، بأغلبية 339 صوتا ومعارضة 142 من أصل 550 نائبا يشكلون البرلمان
ووفقا للجنة العليا للانتخابات فإن عدد الناخبين الأتراك المسجلين داخل البلاد حاليًّا هو 55 مليونا و336 ألفا و960، وأن عدد الصناديق الانتخابية في الداخل سيكون حوالي 164 ألفًا. بينما عدد الناخبين الأتراك في الخارج مليونين و92 ألفًا و389، ومن المزمع أن يقترعوا في 119 بعثة دبلوماسية موجودة في 57 بلدا.

ومن أجل إقرار التعديلات الدستورية في البلاد ينبغي أن يكون عدد المصوتين في الاستفتاء الشعبي بـ (نعم) أكثر من 50% من الأصوات (50+1).

ومع أن منصب الرئيس بموجب الدستور التركي هو منصب فخري، إلا أن أردوغان يخطط لتعزيز سلطته وصلاحياته من خلال تغيير دستوري يغير نظام الحكم من نظام برلماني الى نظام رئاسي يلغى بموجبه منصب رئيس الحكومة.

ووفقا لتقارير صحفية نشرت مؤخرا، فإن التعديلات الدستورية تتيح، في حال إقرارها بالاستفتاء الشعبي، التحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، حيث سيقوم الرئيس بتعيين نوابه والوزراء، وكذلك كبار الموظفين البيروقراطيين في البلاد، كما تمنح الحق للرئيس بإقالتهم، بمرسوم رئاسي، حيث تم توسيع صلاحيات الرئيس التشريعية بمنحه الحق في إصدار مراسيم تشريعية لا تمس الحقوق والحريات الأساسية، وتصبح لاغية في حال إقرار البرلمان لقانون مخالف لهذه المراسيم.

كما تمنح التعديلات الرئيس الحق في تعيين نصف أعضاء مجلس القضاء، وتعيين مجلس الوزراء وتعديل الحكومات، وتلغي منصب رئيس الوزراء. وستؤدي إلى رفع عدد المقاعد في البرلمان التركي من 550 مقعداً إلى 600، وتخفيض سن الترشح للبرلمان من 25 عاماً إلى 18 عاماً، كما تقرّ التعديلات إقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معاً في يوم واحد كل خمس سنوات، وتتيح للرئيس التركي الحفاظ على صلاته الحزبية.

ويحق لكل حزب أو مجموعة أحزاب حصلت، على الأقل، على نسبة خمسة بالمائة من عموم الأصوات في آخر انتخابات أن تتقدم بمرشحها للرئاسة، على أن تحصل على تواقيع 100 ألف ناخب على الأقل.

وبحسب التعديلات، يحق للبرلمان التركي، بموافقة أغلبية الأصوات، فتح تحقيق بحق رئيس الجمهورية في حال ارتكب جرماً. ووفقا لتقارير صحفية فإن إحالة الرئيس للتحقيق تتطلب موافقة 60% من النواب، بينما تقتضي إحالته إلى المحكمة العليا موافقة ثلثي النواب.

وتسمح التعديلات الدستورية لكل من البرلمان، بموافقة ثلاثة أخماس أعضائه، ورئيس الجمهورية بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، على أن تشمل كلاً من رئاسة الجمهورية والبرلمان.

وستدخل معظم هذه التعديلات حيز التنفيذ بعد الانتخابات العامة التي سيتم إجراؤها في 3 تشرين الثاني من عام 2019.

وحث أردوغان مواطني بلاده على التصويت بـ”نعم” في الاستفتاء، مشبّها النظام البرلماني (القائم حالياً) بـ”سلاسل وأغلال تقيد مسيرة تركيا في النمو والتقدم”، ومشددا على أن النظام الرئاسي سيحافظ على “اللحمة الوطنية بين أفراد الشعب التركي، ويعزز خطى تركيا في تحقيق أهدافها”.

ولكن من جهة أخرى، تقلق المعارضة من غياب أي جهة حيادية لمراقبة عملية جمع الأصوات وتسجيلها، والتي ستتولاها وكالة أنباء الأناضول الحكومية وحدها. كما إنها تنتقد إجراء الاستفتاء في ظل استمرار فرض قانون الطوارئ الذي يعطي الحكومة اليد العليا في إدارة الأمور، بينما اشتكت أكثر من جهة معارضة من منع أجهزة الأمن تنظيم تظاهرات أو تجمعات أو حملات إعلامية تعارض النظام الرئاسي.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن التعديلات قد تحظى بموافقة نحو 55% من الناخبين، وهو ما يعني تنافسا شديدا قد تحسمه في النهاية أصوات شريحة المترددين. وسيجد أردوغان حافزا للدعوة إلى انتخابات مبكرة إذا ربح الاستفتاء نظرا لأن السلطات الجديدة التي طالما سعى إليها لن تطبق إلا بعد إجراء انتخابات جديدة للرئاسة والبرلمان.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here