خفايا تداعيات إطلاق سراح الصيادين القطريين

وسائل إعلام عربية وجهت أصابع الإتهام منذ وقت مُبكر إلى إحدى الجماعات المسلحة المقربة من إيران، حتى أعلنت قناة الميادين اللبنانية المقربة من إيران تدخّل كتائب حزب الله العراق، لكن كطرف مفاوض وليس منفذ.

وبينما راجت روايةٌ تربط بين عملية الإختطاف والإفراج عن سكان قريَتي الفوعا وكفريا المُحاصرتين، لم يصدر أي تصريح رسميٍ أو شبه رسمي يؤكد علاقةً عملية الإختطاف بسكان القريتين السوريتين، بل نشرت وزارة الدفاع الروسية مطلعَ نيسان إحصائية لسير عمليات المصالحة بين البلدات السورية ذكرت فيها أن ألفاً وأربعمئة وخمسين بلدة سورية دخلت في إتفاقيات المصالحة التي تشرف عليها موسكو، فضلاً عن ارتباط القريَتين المذكورتين بما سُمي اتفاقَ المُدن الأربعة، والذي يفرج بموجبه النظام السوري عن سكان الزبداني ومضايا في دمشق مقابل إفراج المعارضة عن سكان الفوعا وكفريا في إدلب، وضمن عمليات تبادلٍ محلية لم ترد فيها أي إشارةٍ للجانب العراقي أو المختطفين القطريين.

رئيس الوزراء حيدر العبادي قلل بدوره من إحتمالية ارتباط قضية القطريين بالمدنيين في سوريا، وكشف في كلمته الأسبوعية عن وصول مئات الملايين من الدولارات من قطر كانت مُعدّة لتسليمها للجهة المسلحة الخاطفة، وانتقد العبادي تصرف الحكومة القطرية ومحاولتها تسليم مبالغَ ضخمة لفصيل مسلح في العراق وأعلن تحفظ بغداد على المبالغ المضبوطة، وتساءل عن سبب وجود هذه المبالغ مع الوفد القطري المفاوض في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن إطلاق سراح مدنيين، في إشارةٍ لإتفاقات ثنائية بين الخاطفين والجانب القطري، وأشارت تقارير إعلامية في وقت سابق إلى أن المبالغ المضبوطة في مطار بغداد بلغت نصف مليار دولار.

العبادي أكد في كلمته أن القطريين والسعوديين الذين تم اختطافهم كانوا قد دخلوا بتأشيراتٍ رسمية لأغراض الصيد، بينما كرر الناطق باسم وزير الداخلية وهاب الطائي تأكيده على أن دخول القطريين كان شرعياً وبعلم السلطات.

وأضاف أن فريق الصياديين الخليجيين لم يكن الأول من نوعه، بل سبقه أكثر من ستين فريقِ صيد خليجي دخلوا العراق بعلم وموافقة السلطات العراقية. وقال الطائي أن عملية الخطف ترقى لأن تكون عملاً إرهابياً، ووعدت الداخلية التي ينتمي وزيرها لمنظمة بدر بمعاقبة الخاطفين فور إكتمال التحقيق.

مراقبون أشاروا إلى جملة من الخسائر التي لحقت بالعراق جراء هذه العمليات، وتحديداً في الجانب الإقتصادي، حيث ترتفع كُلف التأمينات التي على العراق دفعها للشركات والوفود الأجنبية مقابل دخولهم البلاد، خاصة بعد أن إتضح عجز العراق عن حماية الوافدين الذين يمنحهم تأشيراتَ دخولٍ وإقامة، فالمستثمر أو العامل الأجنبي الذي يدخل البلاد قد يجد نفسه ضمنَ صفقةً إقليمية ودولية كما حصل مع فريق الصياديين القطريين. ويزداد بذلك الإعتمادُ على الشركات الأمنية الخاصة مع تراجع الثقة بالأجهزة الأمنية المحلية، خاصةً مع المعلومات التي أشارت إلى أن خاطفي القطريين كانوا قد اختطفوا حتى القوة المكلفة بحمايتهم خلال العملية.

لكن وفي الوقت ذاته .. كشفت عملية الإختطاف، التباين الواضح بين الجهات المُهيمنة على المشهد في العراق، وعن حجم التحدي الذي تكابده حكومة بغداد في مواجهة الفصائل المسلحة، وبدا المحيط العربي أكثر تفهماً لهذا الواقع، وظهر ذلك جلياً عن طريق ردود الأفعال الرسمية في الرياض والدوحة، حيث تلقى وزير الداخلية ورئيس الوزراء اتصالاتٍ وبرقياتِ ثناء على جهود الحكومة في إطلاق سراح المُختطفين، وأبدت العاصمتان تفهمهما لتعقيد الوضع العراقي والضغوط المفروضة على الحكومة وأجهزتها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here