الحنين لرجل واحد

هادي جلو مرعي

 رجل واحد يكفينا.. لكن لايمكن للمرأة أن تتزوج أربعة في وقت واحد.

الدين دكتاتورية، وليس بالضرورة إنه توصيف سلبي، وربما قصدت بالدكتاتورية فرض الأحكام التي لاتجوز مناقشتها والإعتراض عليها لأنها نازلة من سلطة عليا ومدعمة بنصوص من القرآن الكريم وعلى الناس جميعهم أن ينفذوا تعاليم وتوصيات غير قابلة للرفض، أو التمرد. وهنا يكمن نوع الحاجة الى حكم غير ديمقراطي، فالتجذر الديني واضح تماما، وربما سمعتم حديث البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب في لقاء القاهرة الأخير حين أكدا على حضور الأديان وثباتها ورسوخها خاصة وإن الشرق منبعها ومبتها وحاضنتها والواهب لتوقدها المستمر، بل وصار تقاسم النفوذ بين الإسلام والمسيحية مؤكدا على مساحة الأرض.

وإذن علينا أن نقرر أولا: هل نحن مجتمع ديني راسخ، أم هو قابل للتغيير نحو المدنية التي لاتترك المساحة كلها للدين وتضعه كما في الغرب في زاوية محددة، ام إننا ماضون بالفعل الى ثبات محكم وعلينا أن نقرر مصيرنا المشترك وفقا لرؤية دينية، وأن نحاول تخفيف الغلواء الدينية والتطرف والتشدد في ممارسة العبادات والمعاملات، ونحتكم الى العقل والهدوء وحتمية التعايش؟

بالتأكيد من الصعب إقناع المدنيين والمثقفين اليساريين بحتمية الرضوخ النهائي للفكر الديني في مناطق من الشرق الأوسط خاصة في بلاد مثل الخليج ومصر وشمال أفريقيا واليمن والعراق وبلاد الشام لكننا سنجد إننا جزء من منظومة محكومة دينيا، وليس للمدنيين وللتيارات اليسارية والقومية سوى أن تنافس على خط الملعب، ولكن ليس في وسط الملعب.

العامل العشائري المقيت يحكم كذلك وحين جاء الإسلام إنتشر في بيئة عشائرية وكان سهلا للناس ان يعودوا بعد موت النبي محمد الى العشيرة ولانهم في مجتمع لم يعد للعشيرة كل الدور كان لابد من خديعة ما وصار ميسرا اكثر ربط الدين بالدولة او الغحتكام الى العشيرة في المراسيم الدينية وبالعكس ويمكن كذلك إختبار الأشخاص المتدينيين من خلال الترويج لفكرة او لسلوك يصطدم بمعايير ومقاييس العشيرة فنجد الديني عشائريا والعشائري دينيا.

الأنظمة الديمقراطية من الصعب أن تتجذر في مجتمع ديني عشائري وحينها ستفشل وقد فشلت فعلا لأن العامة من الناس يحتكمون الى القوة، ولأن العشيرة هي مفهوم واضح للسطوة والقوة ونجد إن أبناء العشيرة لايتوافقون مع الديمقراطيين بل مع الأقوياء والمتجبرين وملاك المال والأرض والقوة والسلاح. العشيرة في العراق يمكن أن ترضخ لصدام حسين لكنها في الديمقراطية تحمل السلاح وتخرج الى الشارع، وإذا تنازع شخصان على دولار أو دولارين فيمكن أن يحدث نزاع عشائري يقتل فيه الناس، وتحرق البيوت بسبب العصبية.

وحين يكون المجتمع عشائريا دينيا فإنه يحب الخضوع للسلطان الجبار، وليس للدولة المتعددة المؤسسات والقوى والأحزاب فحينها تعم الفوضى. الدكتاتور رجل طيب يضمن الهدوء والإنصياع للقانون، والديمقراطية في البلاد العربية فتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here