جنرال أميركي: داعش يكافح لعرقلة وثلم تقدم القوات المحررة في غربي الموصل

ترجمة: حامد احمد

ينقل مراسل صحيفة نيويورك تايمز ميشيل جوردن، مشاهداته عند جبهة القتال في الجانب الايمن من الموصل برفقة قوات مكافحة الارهاب والفريق الركن عبد الوهاب الساعدي.
ويقول عند صعودنا سطح بناية مع عدد من قوات مكافحة الارهاب رصدنا مواقع داعش في غرب الموصل بينما كانت احدى سيارات التنظيم المفخخة تناور الطريق باتجاه الخط الامامي.
وفي غضون دقائق كان هناك انفجار كبير مع رؤيتنا لكرة نارية حمراء انبعث منها عمود دخان اسود الى السماء.
ويضيف المراسل انه حتى هذا الوقت، على الاقل، لم تحدث هناك خسائر ناجمة عن نيران صديقة، حيث القوات العراقية تشق طريقها بحذر نزولا نحو الطرق الممتدة امامهم المليئة بالانقاض التي حالت دون تقدم سائق السيارة الانتحاري اكثر نحو هدفه، مشيرا الى انه بامكانك رؤية هذا المنظر من الانقاض والسيارات المحترقة والحواجز في كل مكان من المدينة وعلى جانبي الطرق.
منذ اسابيع والمعركة لاسترجاع الجانب الغربي من المدينة تدور يوميا على هذا النهج، معارك زاحفة من شارع الى شارع مع تصاعد الخسائر.
المسلحون يعملون على مجاراة ومقاومة اي تحرك من قبل قوات مكافحة الارهاب ويستغلون تواجد مئات الالوف من المدنيين الذين مازالوا عالقين في مناطق سيطرتهم استغلالا كاملا.
ويقول الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، وهو قائد بارز في قوات جهاز مكافحة الارهاب، “لو كانت المدينة خالية من المدنيين، كنا قد انتهينا من مهمتنا منذ وقت طويل”.
ويبدو ان مأزق وجود المدنيين يزداد سوءا يوما بعد يوم مضيفا حافزاً ملحاً للقادة العسكريين هناك على ايجاد منفذ ووسيلة اسرع ضد تنظيم داعش.
ولا تملك القوات العراقية القدرة الكافية على تنفيذ حصار طويل إذ أخبر رئيس الوزراء حيدر العبادي قادته العسكريين بان اطالة معركة تحرير الموصل، التي دخلت شهرها السابع الان، قد تكون في صالح تنظيم داعش.
ولم يكن هذا النهج هو الاسلوب الذي رسمه القادة الاميركان لقوات جهاز مكافحة الارهاب التي اسسوها بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003. والهدف الاساسي من تشكيل هذه القوة كان لأداء مهام ومداهمات عسكرية سريعة خاطفة ضد مجاميع الارهاب والتمرد.
ويقول الكولونيل المتقاعد ديفد ويتي من قوات العمليات الخاصة للجيش الاميركي والمستشار السابق لجهاز مكافحة الارهاب، إن “جهاز مكافحة الارهاب قدم تضحيات ضخمة منذ عام 2014 وكثير من مقاتليه القدماء قد قتلوا في معارك سابقة في الانبار ومناطق اخرى”.
وأضاف الكولونيل ويتي، انه يبدو بان ستراتيجية مسلحي داعش الرئيسية تركز الان اكثر في جهودهم على عرقلة وثلم هجوم قوات مكافحة الارهاب، اخذين في حساباتهم انه اذا تمكنوا من عرقلة اكثر القوات العراقية خبرة في القتال فانهم سيتمكنون من عرقلة تقدم الهجوم الأوسع لقوات الحكومة العراقية.
وتقاتل قوات جهاز مكافحة الارهاب الان عند احدى الجبهات الجنوبية الى الغرب فقط مع قوات الشرطة الاتحادية والفصائل المرافقة الاخرى من قوات وزارة الداخلية.
ويقول مراسل نيويورك تايمز ان الجنرال الساعدي اصطحبني الى الخطوط الامامية بسيارته الهامفي المدرعة. كنا نسير بحذر عبر حطام السيارات المفخخة والحواجز التي نُصبت على عجل من اكياس الرمل وحطام السيارات المتروكة. وخلال سيرنا اطلعني الساعدي على شاشة جهاز اي باد تكتيكي كان يحمله معه حيث عرض لي خلالها مواقع جميع القوات الصديقة وموقعه ايضا والشوارع في المدينة.
وعندما باشرت سيارة الهامفي بالتحرك كان هناك عدد متفرق من المدنيين، قسم منهم وضعوا اعلاماً بيضاء على بيوتهم. وبمرور الوقت وصلنا الى حي التنك من المدينة ولم يكن هناك اي اثر لمدني. حي التنك لم يعد حيا سكنيا فقد كان عبارة عن ارض فقط.
وترجلنا من سيارات الهمفي في حي التنك ودخلنا في منزل متروك ذي باحة صغيرة والتقينا بمجموعة صغيرة من الجنود، ولم يكن احد منهم يرتدي سترة واقية، ويبدو ان الجميع كانوا يفضلون ارتداء ملابس خفيفة فوق زيهم العسكري. ولم أجد هناك أي مستشار عسكري من قوات التحالف، بل كان هناك فريق صغير من العسكريين داخل عجلات مضادة للعبوات الناسفة يراقب المعركة من حي اليرموك.
وكان الجنود العراقيون قد نصبوا موضع مدفع رشاش عند سطح المنزل لتوفير غطاء ناري للجنود المتقدمين نحو القتال في الأسفل. وكان بالامكان مشاهدة طائرتي هليكوبتر بلاك هوك اميركية تحوم على بُعــد.
وتبادل الطرفان اطلاقات نيران المدافع الرشاشة لساعات، وكان شباب من جنود قوات مكافحة الارهاب يحملون حاويات ذخيرة اطلاقات المدفع الرشاش لنقلها الى سطح المنزل.
وقال احد مرافقي القائد الساعدي، وهو يراقب سريان المعركة عبر منظار ويسجل احدث التطورات على جهاز الاي باد، ان اكثر مسلحي تنظيم داعش الذين كانوا يقاتلونهم هم من المسلحين الأجانب، وذلك من خلال جثثهم التي عثروا عليها ويبدو انهم لم يغتسلوا منذ اسابيع.
واضاف مرافق الساعدي “ليست لديهم حياة اجتماعية، لقد جاءوا هنا فقط للقتال والموت”.
وفي النهاية تم وضع حد للموقف حيث تم استدعاء طائرة اميركية لتوجيه ضربات جوية تقمع بها بعض مواضع العدو المقاومة في وقت كانت نيران مدفع الرشاش العراقي تنهال عليهم بالضرب .
ومع ذلك لم يتم إخراس تنظيم داعش، فقد وجه احد قناصي داعش اطلاقة نار على موقع للرصد عند سطح المنزل الذي نتواجد فيه ربما قد شاهد الجندي العراقي ولكن الاطلاقة جاءت عبر نافذة مدخل السطح في المكان حيث اجلس فيه انا ومرافق القائد مع عدد آخر من الصحفيين وقد ضربت الحائط وكنا في الأسفل. وفي ذلك اليوم احد قادة كتيبة مكافحة الارهاب في وحدة عسكرية مجاورة لم يكن محظوظاً حيث جاءت اطلاقة في صدره من قبل قناص فارق الحياة على إثرها.
وفي طريق عودتنا تركنا المنطقة المليئة بالانقاض وركام الحديد المحترق وبدأنا بالتدريج نكتشف وجود مظاهر مصغرة للحياة المدنية حيث عدد من المحال الصغيرة مع اطفال يلعبون في الشارع. وكان هناك صف من باصات الاجرة للسكان الذين يرغبون بمغادرة المدينة للالتحاق بمعسكرات النازحين في الجنوب.وأوقف الفريق الركن الساعدي سيارته الهامفي وفتح باب السيارة المدرعة الثقيل لتسليم بعض الطعام لمتسول مسن في الشارع. ولكن ما تزال هناك معارك اخرى ستخاض خلال الساعات القادمة، ويوم غد سيكون يوما جديدا آخر.
 عن: نيويورك تايمز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here