كان الزواج حلماً جميلاً للشباب والشابات في الوطن الأم ، ومع تطور الحياة وزيادة
الهجرة إلى الغرب ، تغيرت الظروف والنظرة إلى الزواج ، لوجود الحرية المفتوحة على
مصراعيها في الغرب ، ومجالات التمتع وإشباع الحاجات النفسية والجسدية متوفرة لمن
يبحث عنها ، وبالعكس فالقيود الإجتماعية في الوطن الأم كبيرة ومتعددة ، تفرضها التقاليد
والأعراف ، وقد تغيرّت الآن ولكن ! لا مجال للمقارنة مع التغيّرات في الغرب .
فكان معدل سن الزواج في الوطن مثلاً لا يتعدى الثلاثين عاماً إلا في بعض الأحوال ،
لكن نرى في دول الإغتراب يتعدى الثلاثين بل الأربعين عاماً ،لأسباب معروفة ، منها على
سبيل المثال لا الحصر ، صعوبة الحياة وقيود العمل وتكاليف الزواج وصعوبة رعاية الطفل
سيما أن على الأبوين العمل للوفاء بمتطلبات الحياة ، وكذلك فتور العلاقات الإجتماعية في
الغرب ، وأصبحت المادة هي الهدف بعد أن كانت وسيلة ، وندرة لقاء الشباب والشابات إلا
في بعض المناسبات ، وهذا ما يعزز العزوف عن الزواج لكلا الجنسين ، والإبتعاد عن كل
ما يقيّد الحرية ، والعكس صحيح عند البعض في الإستقرار والتوازن وتكوين ألأسرة .
وزبدة الكلام ، هناك أسباب كثيرة ومتعددة لعزوف الشباب عن الزواج ، والأنكى من ذلك
الآباء والأمهات دورهم أصبح إرشاديا ً يقدموا النصح فقط ، واولادهم أحراراً في القبول أو
الرفض ، وفي أكثر الأحوال هو الرفض ، لأن الجيل الجديد يعتبر نفسه الأذكى والأصلح
من الجيل القديم ، والولد أو البنت أحرار بعد سن البلوغ ، ولا وصاية للوالدين قانوناً ، ولهذا
نرى المشاكل الإجتماعية وحالات الطلاق في إزدياد بشكل لافت ، ويمنع إستعمال العنف في
تربية الأبناء والبنات القاصرين و قد تلجأ الدولة لأخذ الأطفال من الوالدين في حالات معينة
ولا تعيدهم إلا بعد ضمان عدم إساءة معاملتهم نفسياً أو جسدياً .
فالزواج له معوقاته ، والعزوبية لها مشاكلها في خضّم هذا المدّ الجارف من مساحة الحرية
المفتوحة المكفولة قانوناً ، فالله يكون في عون الوالدين المهاجرين ، وقد جلبوا معهم تقالديهم
بما فيها سلبيات وإيجابيات ، ويرغبوا إستمراريتها في المغترب ، فيصطدموا مع الأبناء ، ولا
مجال للتوافق إلا إذا نظر الآباء بإحترام لأراء ابنائهم بمحبة وتفهم حاجاتهم الآنية والمستقبلية ،
وعلى ألأبناء النظر إلى آبائهم نظرة ود ورحمة ، ليكون التفاهم المشترك ديدنهم لقيادة سفينة
الحياة إلى بر الأمان إن شاء الله .
منصور سناطي