أي جحيم ينتظر داعش؟

محمد رضا عباس

اكتب هذه الكلمات وقلبي يعتصر دما على أطفال العراق والذين تيتموا من اباءهم وامهاتهم وهم في المكان والزمان الخطأ ليكونوا لقمة صائغة لبرابرة العصر , عناصر داعش . لا اعرف باي دين يتدينون ومن أي ثدي رضعوا , واي اخلاق يتخلقون . لقد نزع الله من قلوبهم الرحمة فأصبحوا كالحيوانات المسعورة وهم يبحثون عن الضحية الثانية لهم. لقد حاولت ان اتجنب تسمية عناصر داعش بالكلاب , لأني اجد انه ليس من الانصاف والعدل والأخلاق ان اشبه الكلاب بعناصر داعش , و هناك قصص كثيرة تتحدث عن وفاء الكلب لصاحبه , فهناك كلاب من حما صاحبه من هجمات ذئب والأخر حما صاحبه من هجمات دب , وهناك كلب من جلس على قبر صاحبه حتى مات , وهناك كلب دخل الكنيسة عنوة ليجلس تحت نعش صاحبه . اعتقد ان الله خلق البشر من طينة واحدة وخلق عناصر داعش من طينة أخرى , لقد صنعهم من جيف الشيطان .

جاءت فكرة كتابة هذه الكلمات , وانا اسلم حفيدي زين البالغ من العمر سنة وتسعة اشهر الى والده في منطقة تبعد عن داري حوالي 150 كيلومتر بعد ان تركته عائلته معنا ( الجد والجدة) طيلة فترة مشاركتهم في احد المؤتمرات العلمية . لقد قضى زين معنا وقتا ممتعا الى درجة لم يتذكر ان البيت غير بيته وان الناس من حوله ليس من بينهم امه وابيه. بالحقيقة , كنت انا وجدته قلقين جدا من ان يتذكر زين امه وابيه وبذلك سنكون في موقف لا يحسد عليه خاصة وان مكان المؤتمر يبعد عنا سبعة ساعات في السيارة . زين كان رائعا لم يسال عن امه او ابيه , حيث حاولنا جهد الإمكان عدم ذكر اسم امه وابيه امامه.

كتبت عن بقاء زين معنا ببعض التفاصيل , حتى يعرف القارئ ان الأطفال في عمر زين وان لم يستطيعوا التعبير ما بداخلهم وما يشعرون , ولكنهم ينتظرون اللحظة المناسبة لتعبير ما بداخلهم بشكل يدمي القلوب ويثير المشاعر , وهذا بالضبط ما قام به زين والذي ابكى عيني على أطفال بعمر زين و من سوف لن يروا ذويهم الى الابد . كان والد زين في انتظارنا في احدى المطاعم , لقد طار زين فرحا لحظة مشاهدة والده و كان يريد ان يقفز من كرسيه المخصص ليعانق ابيه. لقد اندفع زين الى والده يقبله ويحضنه , وبعد استقبال الاب الحافل لابنه , طلب منا الاب بأخذ زين الى احد المحلات المجاورة للمطعم حتى يستطيع نقل امتعة ابنه من سيارتي الى سيارته, وهي كثيرة : كرسي , سرير النوم , عربته , ملابسه , هدايا الجد والجدة من اللعاب , واكل الطريق . الذي جلب انتباهي هو ان زين ظل ينظر ويلوح لوالده من داخل المحل طيلة فترة نقل والده للأمتعة. وهنا اخذت عيني تذرف الدموع وانا استذكر حال الأطفال بعمر زين وهم ينتظرون قدوم والدهم الذي مزقت جسده سيارات داعش المفخخة واحزمته الناسفة.

أقول أي دين او أي تعاليم تسمح لبشر ان يقتل أخيه البشر بهذه الطريقة الشنيعة؟ كيف يتجرأ شخص بتمزيق جسد شخص اخر لا يعرفه ولم يشاهده ولا يعرف دينه او مذهبه؟ وما هو ذنب هؤلاء الناس؟ أي جرم يغضب الله فعلوه؟ ومن اعطى الحق لهؤلاء بقتل الأبرياء وهم في المسجد يصلون لربهم , وفي السوق وهم يتبضعون , وهم في طريقهم الى مدارسهم , كلياتهم , وظيفتهم , واعمالهم . لقد مرت على العالم الكثير من الحركات المسلحة , ولكن لم نسمع ان احدها قام بتفجير مدنيين وهم في طريقهم الى اعمالهم بالسيارات المفخخة . لقد استمرت حركة الاكراد المسلحة ضد حكام بغداد طيلة خمسون عاما , ولكن لم نسمع ان قامت مجموعة كردية بعملية إرهابية في بغداد او بقية المحافظات الأخرى , وهم كانوا قادرون عليها .الحركات المسلحة تقوم بحماية المدنيين والدفاع عن حقوقهم حتى يكسبوا عطفهم , اما داعش فهو يقتل الأبرياء من المدنيين للوصول لهدفه السياسي . اتعجب هل يريد داعش قتل جميع العراقيين , ليكون على راس حكومة عراقية شعبها من الأفغان والباكستانيون والقوقاز ؟

لا يوجد تفسير للأعمال المرعبة لهؤلاء الانذال الا ان نقول انهم تخلوا عن انسانيتهم وأصبحوا ذئاب مفترسة تأكل ابناءها. لا يمكن معالجتهم لانهم قد شربوا من دماء الضحايا حتى الثمالة , علاجهم هو الموت أينما ثقفوا . ان بقاء هؤلاء على قيد الحياة لا ينتج منه الا الدمار , لان الحية لا تلد الا حية , ولن يمكن ان يكون الذئب حملا وديعا . من يقتل مواطن وهو في طريقه الى عمله يسهل عليه قتل جاره , وبقال شارعه , حلاق منطقته . لا خير يرتجى من هؤلاء , وسينقلبون في لحظة واحدة الى ذئاب قاتلة ان افلتوا من الموت الان . انهم سيشكلون خطرا حتى على زوجاتهم واطفالهم. كيف يؤتمن من سفاح قاتل؟ كيف سيكون حال الجار الذي يعرف جاره انه من السفاحين؟ هؤلاء السفاحين لا يحبون الحياة فعينوهم على الموت السريع.

داعش سبب في حرمان أكثر من مليونين طفلا من امه او ابيه او الاثنين معا. ما ذنب طفل يكبر ويترعرع بحضن غير امه وابيه؟ ما ذنب الأطفال وهم لم يشبعوا من حضن اباءهم او امهاتهم او الاثنين؟ ما ذنب طفل فقد ابيه في احدى الانفجارات وهو ينظر الى طفل اخر يلعب ويمرح مع امه وابيه؟ ما ذنب الاب او الام ان يحرموا من فلذات اكبادهم؟ لو كان عناصر داعش من البشر لتذكروا حب وحنان ذويهم , ولتذكروا الإباء ابناءهم , ولكن كما ذكرت انهم ليسوا من البشر الاسوياء , ومن يهون عليه قتل البشر بدون ذنب يهون عليه حتى قتل أولاده .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here