من هنا طلع قرن الأشرار

ان مقولة الأرهاب لا دين له و لا توجه فكري معين ليست حقيقية او واقعية فالمجرمين الأرهابيين الذين يقتلون الأبرياء من الناس المدنيين بأعتبارهم من الأهداف السهلة ( و اصطيادهم ) ليس بالأمر الصعب و لا العسير طالما توفرت الأعداد الغفيرة من الناس في كل الساحات و التجمعات السكانية و التي من الطبيعي ان تعج بالحياة و البشر و هم اي هؤلاء المدنيين الذين لا حول لهم و لا قوة الحلقة الأضعف في المنظومة الأجتماعية لانهم لا يمتلكون السلاح لا بل يمنعون من امتلاكه و بالتالي فهم لا يستطيعون حماية انفسهم و الدفاع عن ممتلكاتهم و يكونون عرضة للهجمات الأرهابية المسلحة .
كانت ( القضية الفلسطينية ) و كان الصراع العربي – الأسرائيلي هو البداية المشوشة و المتداخلة بين الأرهاب و المقاومة و كان ذلك النزاع المزمن و الطويل و الهجمات العنيفة و الأخرى المضادة و التي غالبآ ما تكون اكثر عنفآ و دموية و كانت الفصائل الفلسطينية المسلحة وبالأخص اليسارية منها هي الوعاء الكبير الذي استوعب كل ( الثوريين ) في العالم في حقبة المد اليساري العظيم في الستينيات و السبعينيات و عندها وجد ( الأرهابيون ) في تلك الحركات الثورية المسلحة مكانآ لهم و مأوى يجمعهم و اصبحت كل الهجمات التي تستهدف المنشآت العسكرية و المدنية في خانة واحدة و تحت يافطة عريضة عنوانها البارز محاربة ( الأمبريالية ) و اذنابها و كان اول ( اختراع ) سجل بأسم المقاومة الفلسطينية و الذي يعتبر بمقاييس اليوم و تصنيفاته ارهابآ صريحآ واضحآ في اختطاف الطائرات و اتخاذ الركاب المدنيين رهائن للمساومة و تبادل الصفقات و السجناء و كانت ( البدعة ) الأخرى و المسجلة كذلك بأسم تلك الفصائل في الهجوم على المنازل و المدارس و اتخاذ المدنيين الآمنين و ان كانوا من ( اليهود ) سجناء و اسرى و التمترس خلفهم و جعلهم الجدار الذي يحتمي به المهاجمين فكانت تلك الأعمال ارهابية و اجرامية بكل القوانين و الأعراف و القيم فأذا كان العدو لئيمآ و دنيئآ فلا يمكن مقابلته بنفس اسلوب الخسة و الدونية .
من هذه المنطقة التي انتجت ( الحركات الثورية ) و الأرهاب العربي اليساري و الذي ضرب في كل مكان من العالم و لم يقتصر على محاربة ( اسرائيل ) العدو المفترض طلع الأرهاب هذه المرة متدينآ بالأسلام و تعاليمه و مرجحآ النصوص العدوانية القاتلة على تلك التي تدعو للرحمة و المغفرة و العفو عند المقدرة كما كانوا يتبجحون فتكونت ( القاعدة ) المنظمة التي اوجدها العقل الأمريكي و مولها المال السعودي و كان جنودها من المتطوعين المؤمنين المغفلين و كانت اللافتة التي تجمع تحتها هؤلاء هي اخراج القوات السوفيتية المحتلة من افغانستان ( ارض الأسلام ) و ما ان خرج السوفييت من ( افغانستان ) يجرون اذيال الهزيمة و الأنكسار المر حتى استدارت تلك المنظمات الأسلامية الأصولية صوب المؤسسين و الممولين و هم كأسلافهم من الأرهابين ( العروبين ) كانت الطائرات سلاحهم المفضل و لكن ليس في اختطافها عندما تفتق الذهن العدواني في تحويلها الى صواريخ مدمرة و الأنقضاض بها على المباني و المنشآت كما حدث في الهجوم الشهير على ( الولايات المتحدة الأمريكية ) في العام 2001 غير مهتمين بأرواح المدنيين من المسافرين على تلك الطائرات و سجل لهم ( التأريخ ) هذا الأختراع الهمجي الجديد في استخدام الطائرات اما اختطاف الناس و قتلهم و خاصة اولئك الذين تطوعوا للمساعدة و تقديم المعونة الى المنكوبين في مناطق الحروب و النزاعات ( واغلبها في مناطق المسلمين ) فكانت رؤوس اولئك المنجدين تقطع و توضع فوق ظهورهم في مشاهد ليست فقط مقززة و انما مخزية و لم ينفع مع اولئك الجلادين المسلمين المناشدات و الأسترحام و لا دموع امهات الضحايا المتوسلات بحرقة و ذل ان كان ذلك ينفع ولو قليلآ في هز المشاعر و تحريك الأحاسيس البليدة لأولئك المجرمين .
بعد ان عجزت من الأبداع الأنساني في العلوم و الفنون و الآداب و الأختراع المفيد للبشرية و بما يحسن من نوعية الحياة على هذا الكوكب المأهول بالسكان كانت تلك المنطقة و لسنين ماضية و اخرى لاحقة مصدر قلق و عدم استقرار و توتر لكل العالم بدوله و سكانه و كان التهديد الخطير الذي يحدق بشكل جدي بالبشر فمن ركام الجهل و التخلف تخرج الأفكار المتطرفة القاتلة و هناك نبتت بذور الأرهاب الذي كان في بدايته عربيآ يساريآ و لاحقآ دينيآ اسلاميآ و لا يمكن التكهن بما سيحمله المستقبل في نوعية الأرهاب القادم وأي هوية سوف يحمل و لكن من المؤكد سيبقى الفقر و الجهل و الشعور بالظلم و التهميش كلها عوامل جيدة و ملائمة في خلق بيئة مناسبة لأنتعاش كل المنظمات المتطرفة الأقصائية و خاصة تلك المدججة بالنصوص الغير قابلة للتغير او التعديل كما هو الحال في الأحزاب العقائدية الشمولية و الحركات الدينية الأصولية .
حيدر الصراف
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here