ببغاء لا اله الا الله!

أمل الياسري

ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻴﺦ ﻳﻌﻠﻢ ﺗﻼﻣﻴﺬﻩ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ لقول(ﻻ ﺇﻟﻪﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ)، ﻳﺸﺮﺣﻬﺎ ﻟﻬﻢ وﻳﺮﺑﻴﻬﻢ ﻋَﻠَﻴْﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﺗﻼﻣﺬﺓ ﺍﻟﺸﻴﺦ ببغاءﻫﺪﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﺤﺐ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻭﺍﻟﻘﻄﻂ، ﻭﻣﻊ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ كثيراً، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺄﺧﺬﻩ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺩﺭﻭﺳﻪ، ﺣﺘﻰ ﺗﻌﻠﻢ ﻧﻄﻖ ﻛﻠﻤﺔ(ﻻﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ)، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻨﻄﻘﻬﺎ ﻟﻴﻞ ﻭﻧﻬار، ﻭﻓﻲ ﻣﺮﺓ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺘﻼﻣﺬﺓ ﺷﻴﺨﻬﻢ ﻳﺒﻜﻲ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﻳﻨﺘﺤب، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﻮﻩ ﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﻗﺘﻞ ﻗﻂ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ:أﻟﻬﺬﺍ ﺗﺒﻜﻲ؟ ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺃﺣﻀﺮﻧﺎﻟﻚ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻪ.

ﺭﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ قائلاً: ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻟﻬﺬﺍ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺑﻜﺎﻧﻲ ﺃﻧﻪﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﻢ ﺍﻟﻘﻂ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ، ﺃﺧﺬ ﻳﺼﺮﺥ ﻭﻳﺼﺮﺥ الى ﺃﻥ ﻣﺎﺕ، ﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ (ﻻ ﺇﻟﻪﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ)، وحينما ﻫﺎﺟﻤﻪ ﺍﻟﻘﻂ ﻧﺴﻴﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﺥ، ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻟﻬﺎ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻓﻘﻂ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ، ﺛﻢ أردف فقال: ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺒﻐﺎﺀ، ﻧﻌﻴﺶ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻧﺮﺩﺩ (ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ) ﺑأﻟﺴﻨﺘﻨﺎ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﻀﺮﻧﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻧﻨﺴﺎﻫﺎ ﻭﻻ ﻧﺘﺬﻛﺮﻫﺎ، ﻷﻥ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﺮﻓﻬﺎ.

أﺧﺬ ﻃﻠﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﺒﻜﻮﻥ خشية، وﺧﻮﻓﺎً ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺼﺪﻕﻓﻲ (ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠـﻪ)، أما نحن فهل ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ (ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ) ﺑﻘﻠﻮﺑﻨﺎ؟أيها السياسي: ﻣﺎ ﺇﺭﺗﻔﻊ ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻹﺧﻼﺹ، ﻭﻻ ﻧﺰﻝﺷﻲﺀٌ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ، ﻭﺑﻘﺪﺭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ، فحينما يطل علينا رجل دين وسياسة محنك، ومخلص يعلم قلبه بصدق قول (لا إله إلا الله)، ويعتمد الحوار والتسامح، ويفكر بعقلية الوطن الواحد، لايحب الصراخ، لأنه يشعر بعمق قصة وطن إسمه العراق.

الببغاوات السياسية أخذت تلقلق ترهاتها الوطنية، بإسم الشعب والوطن، اللذين أنهكهما الدم والدمع، فنلاحظ عند كل مصيبة يقولون:(لا إله إلا الله)، لكنهم لا يفقهون مصاديقها، وتجد أن إخلاصهم للحزب والفئة، بعيداً عن هموم الوطن والمواطن، والسبب أنهم لم يعرفوا كنهها ولم يشعروا بها، فالعمل بنظرية العقل المنفصل، والخطوات المتعجلة، والخضوع لردات الفعل الأنية، لايجلب سوى الخراب والفُرقة، فما أحوجنا لعقول أصحاب المشروع الوطني الجامع، وبدلاً من أن تلعنوا الظلام، أشعلوا بصدق شمعة (لا إله إلا الله).

ما أروع الكلمات التي تنطلق من أفواه آل الحكيم، حينما يذكرون أن النهايات العظيمة، تليق بمَنْ عاشوا بتواضع، وعملوا بإخلاص وتفانٍ، ولم تشغلهم المحطات الجانبية عن أهدافهم النبيلة، لذا كانت النهاية بعظمة المشروع الذي جاهدوا من أجله، لأنهم شعروا بصدق كلمة(لا إله إلا الله)،وإمتزجت دماؤهم الطاهرة بعنوان أكبر، وأعمق، وأصدق، وسيظل مشروع الدولة العصرية العادلة دائم الحضور، لذا لنتجاوز الماضي، ونركز على الحاضر، ونعمل بصدق وإخلاص، عندئذٍ سيكون إنتصارنا محتوماً، وإلا فمصيرنا مثل ببغاء الشيخ.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here