كلها تغلي الجزرة والبيضة والقهوة!

أمل الياسري

يروى أن فتاة في السادسة عشرة من عمرها إشتكت لأبيها مصاعب الحياة ومشاقها، فقد أنهكتها المشاكل، وما أن تتوارى مشكلة إلا وتظهر مشقة أخرى، إصطحبها أبوها إلى المطبخ، وملأ ثلاثة أوانٍ بالماء، ووضعها على نار ساخنة، وسرعان ما أخذت الماء تغلي في الأواني الثلاثة، ووضع الأب في الإناء الأول جزراً، وفي الثاني بيضة، وبعض حبات القهوة المحمصة والمطحونة في الإناء الثالث، إنتظر الأب مع إبنته بضع دقائق ثم أطفأ النار.

أخذ الوالد الجزر ووضعه في وعاء، وأخذ البيضة ووضعها في وعاء ثانٍ، وأخذ القهوة المغلية ووضعها في وعاء ثالث، ثم نظر إلى إبنته وقال: يا عزيزتي ماذا ترين؟ أجابت الابنة: جزر وبيضة وبُن، لكنه طلب منها أن تتحسس الجزر، فلاحظت أنه صار ناضجاً، وطرياً، ورخواً، ثم طلب منها أن تنزع قشرة البيضة، فلاحظت أن البيضة باتت صلبة، ثم طلب منها أن ترتشف بعض القهوة، فإبتسمت الفتاة عندما ذاقت نكهة القهوة.

سألت الفتاة وهي مستغربة: ولكن ماذا يعني هذا يا أبي؟ فقال: إعلمي يا ابنتي، أن كُلاً من الجزر والبيضة والبُن، واجه الخصم نفسه وهو المياه المغلية، لكن كلاً منها تفاعل معها على نحو مختلف، لقد كان الجزر قوياً وصلباً، ولكنه ما لبث أن تراخى وضعف، بعد تعرضه للمياه المغلية، أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية، تحمي سائلها الداخلي، لكن هذا الداخل ما لبث أن تصلب، عند تعرضه لحرارة المياه المغلية.

نظر الأب لإبنته وقال: أما القهوة المطحونة فقد كانت ردة فعلها فريدة، إذ إنها تمكنت من تغيير الماء نفسه، وأصبحت لذيذة جداً فماذا عنكِ؟ هل أنت جزرة، أم بيضة، أم بُن؟! والحقيقة هناك حكمة كبيرة، وهي أن منطقتنا اليوم باتت تغلي من الداخل، لكثرة التطاحنات السياسية، والطائفية، والمذهبية، عليه يجب أن يكون طعم العراق بوحدته في حلحلة المشاكل الداخلية، كطعم قهوته العربية الأصيلة، ولأن دوره فريد ومؤثر سنرتشف حلاوة الإنتصار.

الناس مثاليون عندما يتحدثون، لكن عند المواقف تكتشف أشياء أخرى، تضاف للشخص المتزن، كالفرق بين الإنسان الصالح والإنسان المصلح، فالأول خيره لنفسه، أما الثاني فلنفسه ولغيره في المجتمع، ويحاول الإصلاح بشتى الطرق، للتغلب على المشاكل والمعوقات التي تعترض حياتنا، فتارة يوضح أن المملكة العربية السعودية، كانت كالجزرة صلبة، لكنها بالحوار والإنفتاح، والإبتعاد عن التشنج والتعصب بدت طرية رخوة، فإختلفت بعض مواقفها آزاء قضايانا، لأنها أدركت نجاح تجربتنا السياسية الديمقراطية الناضجة.
جميل ما قاله سماحة السيد عمار الحكيم، عند زيارته الأخيرة للشقيقة مصر، عندما أوضح”أن الشيعة العرب ولاؤهم لأوطانهم أينما كانوا، في البحرين، أو اليمن، أو العراق، أو سوريا، أو لبنان وغيرها، ومن الخطأ إدخال هويتهم العربية، في المساحة الطائفية السياسية”عليه يجب أن يكونوا كالبنيان المرصوص، حيث يجمعهم رب واحد، ونبي واحد، وكتاب واحد، فينبري شباب المشروع الخالص، يتقدمهم السيد عمار الحكيم، للعمل بنظرية العقل الجمعي المنتصر، والفريق القوي المنسجم، لتحقيق السلام والوئام في المرحلة القادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here