الـحب : (التجارة) الوحيدة التي ليس فيها (خسارات)!!

fv

 

ليس هناك أروع من الحب ، ولا أجمل من الحب ، ولا أعذب من هوائه وطعمه وسقمه وناره وجوره وظلمه ولوعته وغرامه وهيامه ومجونه..!!

الحب..أيها العشاق والهائمون في بحوره يدخلكم مرحلة الإرتياح والشعور بالآدمية وفيه تتفتح الروح وينمو الجسد ويتصاعد الاحساس الوجداني بقيمة الإنسان ، ويرتاح فيه الضمير ، ويشعر فيه القلب ان الدماء قد تسارعت وتيرة ضرباتها ، وتشعر وكأنك في (رحلة إسراء) تستقبلك فيها (آلهة الحب)، ويقبلك (مروخ) ويلقي عليك التحية ، ويدخلك الله تعالى جنات خلده، وما عليك أي من الجنات تختار، وعليك بوصية ربك، ان لاتقرب من هذه الشجرة، لأن قبلك (آدم) قد تلقى من ربه كلمات، لأن (حواء) ورطته فيما لايرضى ربه، وارادت ربما (آيفون متطور) فأغوته بتفاحتها الساحرة..وكادت (زليخة) ان (توقع) بالحبيب (يوسف الوسيم)، لولا عناية الله وحفظه ، وكانت تدخله ، سجونا ومعتقلات، وقد كان (يحكم) عليه بمادة (4 إرهاب) ، لكن ( المخبر السري) لم يذكر حينها ان قميصه قد من دبر، والا كان مصير النبي يوسف في غياهب الجب، ولحكم عليه مدى الحياة..ولولا الحب ..لما كان بمقدور (زليخة) ان تظفر بيوسف مرة أخرى، بعد إن (إكتمل النصاب) وراحت الكتل السياسية في حينها تستخدم مبدأ (التوافق) ، حتى شمل بقرار العفو العام وإطلق سراحه!!

الحب لم يتعب إمرؤ القيس ولا فاطم ولا جميل ولا بثينة ولا قيس ولا ليلى  ..ولا كل عشاق العالم ..في كل الأزمان..وآخرهم مسلسل (مهند ونور) , و(العشق الأسود) و(العشق الممنوع)  وبقيت قصص عشقهم  ، زادا روحيا ينهل منه العشاق الكثير!!

الحب ، أيها العاشق المجنون يوفر لك فرصة ان يفرش لك الحبيب دربك بالزهور والرياحين وكل ما لذ وطاب من جمال الطبيعة وبهائها وسحرها وفتونها ومجونها وخلاعتها وفجورها ، وايمانها ، وعقيدتها وفلسفتها، فالحب جميل ، والله يحب الجمال، لأنه هو من يودع فينا الجمال والحب، وهو من يسقينا كؤوسه المترعة ما يروي ظمأنا ويشفي غليلنا ويشبع نهمنا الى كل مايريح النفس ويعلي شأن الانسان ويفتح له أسرار العطاء بلا حدود، ويشعر انه امام كون شامل يسرح فيه على هواه، لاتهمه الدول ولا بعد المسافات، وسواء ان زحف الى الحبيب مشيا على الأقدام او استقل سيارة او طائرة او سفينة، فهو يبحر الى عالمه الذي يعشقه، ويهوى الوقوع في بحار الحب وغرامها الساحر الأخاذ، لكن يبقى في كل الاحوال من يمتلك (سيارة فارهة) أكثر سرعة في استمالة الحبيب، او لنقل من يقع في غرامها..عندها سينصت الى كل اغاني الحب والشوق والجمال ومن تطرب الاسماع، وقد يتحول الى راقص على ( الوحدة ونص)!!

وقد قال المطرب اللبناني الاصيل المرحوم وديع الصافي عن الحب إنه : هالحرفين مو أكثر..!! ويكفي ان نحب، ونتخيل عندها إننا اصبحنا ملوك أنفسنا، بل أباطرة ، نمارس دكتاتوريتنا ، على هوانا، ومرة نمارس الديمقراطية الى أقصاها وندخل متاهات ودهاليز وجبال ووديان ومسالك وعرة، بلا خوف او رعب من المجهول، فالحب هو من يمنحك الشجاعة والرجولة ، وهو من يمنحك القدرة على الكلام، وقد تتحول دون ان تدري الى شاعر او فنان او كاتب او مطرب او مجنون، والجنون هو أحد أعراض الحب عندما يبلغ مدياته الغائرة في الاعماق، ومن لايخوض بحور الحب او يغرق بين مياهها العميقة سيبقى على الشطآن ، ليس بمقدوره ان يغوص في دروبه وفتونه وليس بمقدوره ان يرتقي الى طموح الحبيب في ان من يريد ركوب سفينة الحب عليه ان يتحمل مصاعب الطريق، وما يواجهه من متاهات واهوال، ومن لايجيد ركوب خيله، كفارس أصيل ،  ربما يسقط عند أول ركضة لفرس جامحة، تريد ان تختبر فارسها، إن كان بوسعه مطاردتها، او البقاء متفرجا بين الوديان والسهول، ليس بمقدوره ان يصعد الى أعالي الجبال، حتى ان الشاعر الكبير المرحوم ابو القاسم الشابي قال : ومن يتهيب صعود الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر!!

الحب، هو التجارة الوحيدة التي ليس فيها (خسارات) ..فالحب هو تجارة رابحة في كل الأحوال، وحتى من يظن انه ربما (خسر) حبيبته، فقد ربح (تجربة) ، حتى وان كانت (مريرة) ..فبدون الحب لن يساوي الانسان قيراطا واحدا ، بل ان من لايتذوق طعم الحب ومن لايغوص في أعماقه لن يسمى بحبيب..قد يكون (هاو) للحب او راغب فيه، لكنه لن يدخل مرحلة (الإحتراف) بل لن يستحق ان يكون (محبا) حقا وحقيقة، فالحب يحتاج الى (تضحيات) و (صبر) و (جلد) و(تأن) و (مطاولة)، واحيانا حتى (مراوغة) لكي (تستميل) الحبيب او ممن ترغب ان يقع في شراكك،  وبعضه يتطلب (تضحيات جسام) ..(فمن أجل عين الف عين تكرم) كما يقال ..والحبيبة التي تذوب فيها ويسحرك جمالها وطلعتها وفتونها تستحق ان تخوض من أجلها (حروبا كونية) إن صح التعبير، وهناك من يسحرن البشر، ولا يستطيع المحب الا ان يقع في (شراك) الحبيب رغما عنه، وهذا هو الحب الذي يستحق ان نضحي من أجله، ونتعب ونقاسي ونتألم ونصرخ ونشرب نخب الحب و (نسكر) ونهيم ونئن ونذوب ونحزن ونتألم وقد نفرح ونطير في الأعالي ونردد مع الطيور(ياطيور الطايرة ..ردي لهلي) ..فما أروع (سكرة الحب) وما أحلى مجونه ، حتى ان ساحرة الطرب العربي أم كلثوم قالت عنه (هل رأى الحب سكارى مثلنا) ..وما احلى ان نعلن (وحدة اندماجية ) بين روحين تواقتين الى الاندماج، لكن ليس على طريقة (الوحدات الاندماجية) السياسية الفاشلة، والتي عادت علينا بويلات ، حتى افترقنا مرة أخرى، ولم نعد إخوة ورفاق، كما كما نتمنى ، أو هكذا صوروا لنا (الوحدات العربية) قبل عقود ، وتم (الطلاق) بينها قبل ان تعقد (مهر الزواج) ، لأن (إخوة يوسف) أراداوا ( الإيقاع) بيينا وقد غاروا منه وهالهم ان يروا أخاهم يوسف وقد امتلك حب والديه، حتى القوا به في اليم، الى ان انقذه رعاة الغنم، ثم باعوه بثمن بخس دراهم معدودة..بعدها انجاه الله ..وتحول الى ملك عظيم على مصر، وتحققت نبوءة يعقوب في ان يسجدوا ليوسف ، ومنهم إخوته الاحد عشر كوكبا ووالديه الشمس والقمرا..اللذين رآهم له ساجدين!!

ومن يشعر ان قلبه توقف عن الحب حتى في مراحل عمره المتقدمة، فقد يخبو ويشيب ويشعر بالتعب والارهاق وعدم الراحة..أما من يبقى (يتغذى) من (رحيق الحب) وينهل من (نخبه) حتى ولو كؤوسا قليلة، فسيدخل مرحلة الانتعاش مرة أخرى، ويشعر بأنه عاد له الشباب والرغبة في تواصل الحياة، التي وفرت له فرصة ان يختبر قدراته الروحية واذا به في أوجها، تزيده حنانا وشعورا بالكبرياء ، وان له قيمة كبرى، وبدون الحب يتحول الى (نهر مندثر) أو (ساقية مغمورة) بعد ان توقفت الامطار عن التدفق، وبانت الصحارى على مقربة منها، وترى الجدب دب في أوصال تلك الأرض التي أضناها العطش، عندها سيشعر الإنسان أن الموت قادم اليه لامحالة، وهي يشعر بطعم الموت،وان اوراق شجرته قد ذبلت ،حتى وإن بقي هو على قيد الحياة!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here