اليوم أخي الشيعي أنقذني من الموت!

أمل الياسري

سار صديقان في صحراء قاحلة لمدة يومين، تحرقهما الشمس بسياطها النارية، وتكوي قدميهما رمال البيداءالقاسية، حتى بلغ العطش مأخذه منهما، والإرهاق، واليأس، فإقترح كل منهما طريقة أفضل، للوصول الى المكان الآمن حيث الماء، فتجادل الصديقان فقام أحدهما بصفع الآخر، ولكنه لم يفعل شيئاً، فعبر عن هذا بالكتابة على الرمل :(تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي)، ثم تابعا السير حتى وصولهم الى مكان يوجد فيه الماء، فشربا حتى إرتويا، ونزل الصديقان للسباحة لينسيا التعب والإجهاد.

الشخص الذي صُفع لم يكن يعرف السباحة، فأوشك على الغرق وأسرع صديقه لإنقاذه، وبعد نجاته أخرج الشخص الذي كاد أن يغرق من جيبه سكينة صغيرة، وقام بالكتابة على الصخر:(اليوم صديقي انقذ حياتي) فتعجب صديقه وقال له:لماذا كتبتَ صفعتي لكَ على الرمل؟وكتبتَ إنقاذي لحياتكَ على الصخر؟ فكانت أجابته:لأنني رأيتُ في الصفعة التي صفعتني إياها، حدثاً عابراً فكتبتُهاعلى الرمل، لتأخذها الرياح بسرعة، أما إنقاذكَ لي من الغرق، فهذا عمل كبير وأصيل فكتبُته على الصخر، ليستصعب عليها المحو.

حدود وطن ضرب جذوره بقوة، في أعماق التأريخ السحيق، فقدم للعالم أروع تلاحم بين طوائف شعب، إرتبط بعضه ببعض بالحضارة، والثقافة، والتقاليد، والمصالح، فكلٌّ يشترك داخل هذا الوطن الأصيل، لكن ما إنفرد به طاغية البعث المقبور، أن في زمنه كان الكهنة يأكلون اللحوم، والفقراء يحصلون على فتات الخبز، لذا صفع أخ أخاه الشريك الأكبر في الوطن، فماكان من الثاني إلا أن يكتب معاناته على الرمال، فمحاها مع أول نداء أعلن بعد العاشر من حزيران( 2014).

بعد سقوط الطاغية كتب الطرف المظلوم إسطورة خالدة، نحت رجالها الأشداء ملاحمها على الصخر، (فتوى الجهاد الكفائي) ولصالح الشريك الآخر، والدفاع عن أرضهم وعرضهم، فباتت قضية الحرية والكرامة محركة لأجيال الحاضر،وتوجه العالم لحقيقة واحدة، وهي أن العراقيين جميعاً بكافة طوائفهم، ومذاهبهم، وقومياتهم، وتوجهاتهم يجب أن ينزلوا للسباحة، ليزيلوا الألم والحزن، ويبدأ الشريك السُّني بكتابة عبارة: (اليوم صديقي وأخي الشيعي، أنقذني من الموت الداعشي)، لذا تابعوا السير للوصول الى بر الأمان، لكي يكون النصر شاملاً وخالداً.

العمل الكبير والأصيل الذي نسجه الرجال الأحرار، كان ميثاق شرف، وأبدعوا في أنهم أوردوا جهوداً وتضحيات جسام، بين أزقة تكريت، والعلم، والرمادي، والفلوجة، وجرف الصخر، واليوم في الموصل، أعادت للعراق هيبته ومكانته، وأحرج كثيرين في العالم، فهذا الحشد أبرز إخوة حقيقية بين الشعب العراقي، فعملوا بصمت وعملهم تكلم بجرأة، إختاروا على أثرها طريق الشهادة، وهو الدرب الجهادي الذي لم ولن يُمحى، ودروس التعامل الوطني والإنساني للحشد المقدس، هو أول الطريق نحو المجد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here