شناشيل : اسألوا الأمن الوطني والمخابرات عن المخطوفين !

عدنان حسين

[email protected]

الحملة القويّة للغاية الممتدة من الوسط السياسي الوطني إلى الوسط الإعلامي إلى فضاء التواصل الاجتماعي بِشأن الشبان السبعة المخطوفين للتوّ في بغداد، لا تعبّر عن الشعور بالمفاجأة والصدمة لوقوع حدث كهذا، إنّما عن غضب عارم ،لأن عمليات الخطف تتكرر وتتفاقم ويتكرر معها ويتفاقم عجز الدولة عن فعل شيء للحدّ من هذه الظاهرة.
سبعة شبان من الناشطين المدنيين يُختطفون من مسكنهم في قلب العاصمة وتختفي آثارهم تماماً.. قبلهم اختُطِف العشرات بل المئات مثلهم، فرادى ومجتمعين، وبعضهم تمرّ على حوادث اختطافهم سنوات من دون ظهور أيّ أثر لهم أو أيّ إشارة إلى الجهات الخاطفة.
في العادة تخطف عصابات الجريمة المنظمة رجال الأعمال والموظفين الكبار طلباً للفدية المالية أو لتصفية حسابات، لكنّ المخطوفين المدنيين لم يطالب أحد بفدية عنهم، وهم عادة من الناشطين الذين برزوا في الحراك الشعبي الاحتجاجي/ الإصلاحي المتواصل منذ نحو سنتين.. جلال الشحماني وواعي الجبوري، مثلاً، اختُطِفا كلّاً على حدة في بغداد وبابل منذ أكثر من سنة ونصف السنة، ولم يُعرف شيء عن مصيرهما حتى الآن.
من الصعب وضع هذه الاختطافات خارج سياق المساعي المبذولة من قوى سياسية متنفذة لإجهاض الحراك الشعبي أو الحدّ من تأثيرة ومواجهة التيار المدني الذي تلقى نشاطاته وشعاراته تجاوباً متنامياً، خصوصاً في أوساط الطلبة والشباب، في مقابل التدهور في سمعة التيار الإسلامي على خلفية الفشل في إدارة الدولة والمجتمع، الذي منيت به أحزاب هذا التيار التي لم تكفّ بعد عن الصراع على السلطة والنفوذ والمال.
منذ أشهر، ومع بدء العد العكسي للانتخابات المحلية (مُقرّرة في أيلول المقبل ومُرجّح تأجيلها الى العام المقبل) والانتخابات البرلمانية (متوجّبة في غضون سنة واحدة)، اشتدّت حمّى الدعاية ضد العلمانية والمدنية. بدأت أولاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم زحفت إلى محطات الاذاعة والتلفزيون التابعة لأحزاب إسلامية، ولم يجد زعماء لبعض هذه الاحزاب حرجاً في مهاجمة المدنيين والعلمانيين في الخطابات العامة .. أحدهم سعى إلى إلقاء مسؤولية ما يجري في البلاد على عاتق المدنيين والعلمانيين!
في هذا الإطار جرى التحرّك على الجامعات من أجل الدعاية للأحزاب الاسلامية والدعاية ضد القوى المدنية والعلمانية. وفي السياق ذاته تندرج حوادث الاعتقال والطرد التي تعرّض لها طلبة مدنيّون في بعض الجامعات، وقبلهم الإعلاميون الذين اعتِقلوا أو اختُطِفوا لبعض الوقت، وليست الصحافيّة أفراح شوقي سوى واحدة منهم. وغير بعيد عن هذا كله التضييق على الشباب بأشكال شتى، ومقتل صبي من الديوانية في بلدة طويريج في مخفر للشرطة منذ أيام لا ينفصل عن هذا السياق.
أظنّ أنّ من الصعب عدم وضع كل هذه الحوادث في خانة العمل المنظّم من جهة ما أو عدّة جهات.
مَنْ تكون هذه الجهة أو الجهات المنظّمة؟ .. جهاز الأمن الوطني وجهاز المخابرات الوطني يعرفان .. هذا هو المُفترض، والمطلوب .. ما لزومهما إنْ لم يكونا من العارفين؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here