الشيطان يكمن في التفاصيل!

الشيطان يكمن في التفاصيل!
محمدواني
بمجيء الاسلام انقطع الوحي واصبح القرآن برنامج البشرية النهائي بكل ما يحويه من وصف وسرد وقصص واحكام وتشريع ، وهو المنهج التصحيحي والاصلاحي للاديان السابقة باسلوب واضح وبسيط والاهم انه قدم الصورة الصحيحة النهائية للاله الواحد بذاته وصفاته وبين علاقته بالانسان والوجود وازال كل ما علق بهذه الصورة من تشوهات وزيادات عبر الزمن ، واستطاع ان يرسخ لدى المسلمين تلك الصورة الناصعة دون زيادة او نقصان ، وظل القرآن يحث المسلمين على التمسك بالفطرة والبساطة وعدم تكرار ما كان يقوم به الاولون من معتنقي الاديان السابقة في الولوج الى التفاصيل الدقيقة وادخال اجتهادات عقلية “ظنية” اليها ، وكان سببا في ظهور اول خيوط الغلو والتطرف والتحريف عن المنهج الصحيح .. عندما يعرض الله لنا آياته في القرآن وفي ما حولنا من عجائب الصنع المتقن ، لا يطلب منا ان نبحث في كنهها وكشف ماهيتها ، وندخل في متاهات الفكر ودهاليز النظريات الظنية ، بل لنصل الى معرفته كخالق واله في النهاية ومن ثم نتعظ بها ونستمتع بجمالها وننعش قلوبنا وعقولنا ..اذن ؛ الاساس في القرآن هي التركيز على الخطوط العريضة للحياة والوضوح والشفافية والابتعاد عن الغموض والتعقيد والخوض في التفاصيل الا بقدر ما يخدم هدفه النهائي والاخير وهو الانسان ، ورغم ان الله ورسوله نهيا عن الخوض في التفاصيل (يا ايها الذين آمنوا لاتسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسوئكم) فان المسلمين الاوائل ــ سامحهم الله ــ حذوا حذو فيمن كان قبلهم وراحوا يخوضون في كلام الله ويتعمقون في تفاصيله ويأولون معانيه وكلماته ويفسرونه بعقولهم وخلفياتهم الثقافية المكتسبة بدون سند او دليل مقنع ، دخلوا في غياهب فكري وسياسي مظلم وادخلونا معهم ، وما نراه اليوم من منازعات فكرية وعقدية بين الفرق الاسلامية المتناحرة التي لاحصر لها ، ماهو الا نسخة بائسة طبق الاصل لتلك التي شكلها وتركها لنا السلف(الصالح!)، كالخوارج والسلفية والباطنية والشيعة والمعتزلة والمرجئة والدهرية والقدرية والمتصوفة والظاهرية ومئات الفرق الاخرى التي انتشرت في طول بلاد المسلمين وعرضها وهي تبث سمومها في الجسد الاسلامي وتشكل الصورة النهائية المشوهة للاسلام في عقول المسلمين والتي اصبحت راسخة لاتتزحزح لحد الان .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here