الصمت متعة في زمن الثرثرة

صادق غانم الاسدي

أنطلق من هذه العبارة الجميلة وهي تتوسم امام عيني واشغلت فكري لفترات طويلة منذ زمن التغير الذي اطاح بالحقبة الدكتاتورية وتغيرت احوال المجتمع وتعالت اصوات الناس بأن زمن الظلم والقمع  والقتل والتجويع ذهب بدون رجعه , وبدأت اشراقة جديدة ومعها دخول محتوى الحضارة او مايطلق عليها الاجهزة الممنوعة بكافة عناصرها لتغير سلوك الناس وكان التفاعل معها باشتياق وهضم المجتمع جميع مغتنايتها والاكثر من ذلك تفنن الناس في استخدامها لاغراض متعددة , وجرى ما جرى علينا من ويلات خلال فترة فقدان الأمن وكثر الفساد وانتشار الرشوة والمقايضة وبعلم واضح من كبار الساسة العراقيين وبما ان الجميع في خانة الاتهام فلم نجد المسعف الحقيقي من الازمات والواقع المزري المشحون بالغضب والتكتل السياسي والحزبي ,فقتصر التعين والتوظيف في اجهزة ومؤسسات الدولة على نسبة من الحصص توزع على  الاحزاب الحاكمة مما جعل حصة الفقير والمسكين في هذا البلد تنعدم  ويفقد الأمل بقادته الجدد , كنا في السابق نتأمل الخير من أي شخص بغض النظر عن تركيبته السياسية والمذهبية أملين منه  لينقذنا ويحسن المستوى المعاشي , وحينما اقدموا علينا وقالوا جئنا بسفن النجاة وسيكون العراق زاهرا والجميع فيه سيعيش بأمان ويحصل على فرص عمل متكافئة , في السابق كانت توجد طبقة يطلق عليها الطبقة المتوسطة يكون حالها اعلى من مستوى الفقر وادنى من مستوى الثراء, ومع شديد الأسف تلاشت تلك الطبقة واصبح الامر لزاما في بلدي  اما غني او فقير , من هنا اجد ان الثرثرة اليوم واسعة والمثرثرون لهم طرقهم الخاصة في نقل الحديث بأساليب كوميدية ومبالغة جدا فلا يخلوا مجتمعنا العراقي البسيط من اي مناسبة فرح او حزن او أن  تحضر امسية او أن تتجه الى عملك صباحا في الاماكن العامة والخاصة سينفتح حديث الساعة هو الانتقاد اللاذع ونسف الحكومة والتشهير بجميع اجهزتها ومؤسساتها وبعظهم يتصور انه  يمتلك الرؤية الثاقبة في حلحلة المجتمع وبناء مجتمع على طراز مايخطط له , حتى سئمنا من هذه الثرثرات ناهيك عن المجادلات العقيمة وربما  في بعض الاحيان تتحول الى مشحانات تصل الى الاشتباك بالايدي دون الاتفاق على رأي واحد ومطلب ثابت فكلا يدلي برأيه على حسب مصلحته الشخصية ويعتبره هو الاصح , ولايختلف الامر في كل مناسبة دينية  واثناء الزيارات الى العتبات المقدسة  ان يتحول الجدل والمشاحنات الا اتهام عام وخلط كل الاوراق ونسف كل جهد وانجاز يحققه الجيش في سوح القتال خصوصا اذا صادفت تلك الزيارة اجراءات امنية مكثفة ومعقدة  فستسمع اصوات وتحليلات واتهامات ما انزل الله بها , معظم الشعب يعبرون عن ارائهم وينتقدون ولكنهم يتسارعون في انتخاب المفسدين لربما  قد حصل على وعد تعين او مبلغ مادي او هدية وهو بذلك تناسى المشكلة الكبرى والمصيرية وهي المصلحة العامة لبناء الوطن والتصدي لنهب ثرواته كي لايتعطل دور المثقف والدكتور والعالم والمربي,فلو توحدت اراء العراقيين وتشابكت ايدايهم وتقاربت افكارهم لانقطعت مجادلاتنا العقيمة ووفرنا كلامنا الذي ربما احدث لنا ازعاجا وابعد عنا الاحبة  منذ اربع عشر عاما , فنحن ننتقد ونبني الاوطان باللسان ولانحرك افكارنا  في تغير السيىء الى الاحسن وتتجد الحالة كل يوم وسيعيد انتخابهم  في كل دورة من باع الوطن وانتهب الاموال , انا مع كل حالة تغير ومقاطعة بطرق حضارية تشل حركة الفاسدين وفضح المرتشين لان الله جعل الانسان خليفته في الارض ليعمل بالمعروف وينهى عن المنكر , والا عليه ان يتجنب المغالطة والتشهير والطعن باعراض الناس , يقول الامام علي عليه السلام (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة اجزاء تسعة منها في أعتزال الناس … وواحدة في الصمت ) هنالك فرق بين المنتقد الحقيقي والثرثرة فكلام الثرثرة هو داء ومرض خطير يصيب بعض الناس رجالا ونساء وهو خروج الحد المسموح به في الكلام وعدم التقيد بالضوابط والتقاليد واللياقة الادبية وهذا يحرج المقابل ويجعله في دوامة العنف ولربما يكون الرد من قبل اخر عليه باسلوب لايرتضيه فعليه ان يتجنب الطعن , الانتقاد حق مشروع وخصوصا اذا كان في كافة الامور الا العبادات والطقوس الدينية الحضارية التي تتناسب مع العقل , فلازلنا نجهل الانتقاد ومانسمع يوميا من حديث اثناء ركوبنا في السيارات  والاماكن العامة هو تشويه لحالة الديمقراطية والطعن والسب والشتم وهذا لايفي الغرض ولايغير الحال كون الاسلوب انفعالي ووقتي ,بل يشجع على العنف ويدخل البلاد في مشاكل نحن في غنى عنها , اتمنى من الذي يتحدث عن الفساد والتهجم ويعلوا صوته باستمرار ويذهب للتغير  أن ير نفسه  هل هو كان صادقا مع الله ومامستوى اداء الامانة المؤتمن عليها في عمله من الالتزام بالدوام وقضاء حوائج الناس وهل خروجه لساحات  التغير حبا للعراق والمحافظة على ثروات شعبه ويجب ان يكون حب الوطن والتفاني من اجله فوق حب الحزب والمصلحة الشخصية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here