تطور المقامات في الأدب الأندلسي السرقسطي أنموذجا

د . باسل مولود الطائي     د . سفانة شعبان الصافي
المقدمة
يعد هذا اللون من الموضوعات المرتبطة  بكل ما يخص المجتمع وأفراده من نقد للمهن والأنساب والطباع المختلفة للناس والعادات, والتقاليد والمعاملات اليومية. فهذهِ المقامات تعطي للقارئ صورة للحياة الشعبية العامة, ومن أبرز الصور التي انتقدت من قبل بعض الكتّاب في مقاماتهم ظهور طبقة المتسولين, وتفشي عنصر الكدية في أوساطها, وإن كان طلب المال بشكل غير مباشر, إذ استتر وراء أسلوب منمق وملتو يدفع السامع إلى العطاء والبذل عن طريق الحيلة والخداع, فإن بلاغة الأسلوب والمعرفة بأفانين القول تسحر المتلقي, وتجعله مرهوناً بالمتكلم المخادع.
كما تجد أيضاً تضمين السرقسطي لمقاماته أهم مشكلة تعاني منها المجتمعات البدائية من اعتقاد وتطبيب عند من يدعون تسخيرهم للجن, وهنا يظهر الشيخ السدوسي طبيباً معالجاً بالعرافة والاحتيال, لفتى أصابه المرض ففعل به الأفاعيل, فشقه مائل والزبد من فمه سائل, ويلجأ إلى الجن يستعين بهم في تخفيف آلام مريضه.
فقد تخللت المقامات السردية تفصيلات أسهمت في إطالتها ووقفت بذلك مع الوصف في إطالة هذهِ المقدمات, والتفصيلات الواردة في هذهِ المقدمات يلجأ إليها الكاتب لزيادة الايضاح, حتى أن المقدمات السردية التي جاءت متوسطة الطول لا تكاد تخلو من الوصف والتفصيل في أغلبها, ومن ذلك ما يوجد في المقامة الفارسية:
هناك تفاعل بين أساليب السجع المستخدمة وموضوع المقامة فمن علاماته تفاوت القيمتين القصصية والشعرية فيها من مقامة إلى أخرى بتفاوت نظام السجع المتبع, فأحداث القصة تتقدم ببطء شديد, وتقل معها الحركة وتضعف فيها المشاهد في المقامات المثلثة والمرصعة والموشحة والموحدة, في حين يقوي الايقاع فيها وتتحول فيها الدوال من وسيلة في الأداء إلى غاية في البناء على عكس ما يقع من المقامات المزدوجة المجردة من الترصيع والتدبيج, فإن هذا أثرى أحداثاً وأنشط حركة وأقوى مشاهد, وليست أكمل نظاماً صوتياً وإيقاعياً, ولا أمثل بناء معه, فإنها تبقى كبيرة الطاقة الفنية الجمالية إذا قيست بالنثر المرسل.
وبغية الإحاطة بموضوع البحث ارتأيت مناقشته بثلاثة مباحث يسبقها مبحث تمهيدي:
المبحث الأول: خصائص الفن المقامي في الأندلس.
المبحث الثاني: السرد في المقامات.
المبحث الثالث: الجوانب الغنية في النثر الأندلسي.
المطلب الأول: السجع.
المطلب الثاني: التصريع.
المطلب الثالث: التوازي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here