الرئيس العراقي في ضيافة الأردن اليوم

قد لا تفيد زيارة الرئيس العراقي فؤاد معصوم الرسمية التي تبدأ اليوم الخميس للأردن كثيراً في تحريك المياه الراكدة في العلاقة مع البلدين بعد سلسلة «ترصد» إيرانية بكل ما له علاقة بالأردن ليس فقط على صعيد إعاقة المصالح وأي مشاريع مشتركة ولكن ايضاً على صعيد «منع» اي نمو في الاتصالات السياسية والبيروقراطية بين حكومتي البلدين.

جعبة الرئيس معصوم بحكم صلاحياته الدستورية تخلو تماماً من أي أدوات يمكن ان تخفف من حدة التدخل الإيراني بالشؤون الثنائية وزيارة الرجل يمكن مسبقاً إدراجها في مستوى «العلاقات العامة» بعد ما دعته عمان لزيارتها على أمل التواصل مع مؤسسة الرئاسة العراقية في إطار استمرار محاصرة النفوذ الإيراني الناشط في مجال إعاقة اي اتفاقيات بين البلدين.

طهران ضمناً وخلف الكواليس وإستناداً إلى مصادر خاصة تشترط على عمان إعادة سفيرها المسحوب إلى عمله مباشرة قبل التحدث عن تخفيف حصارها الذي بات ملموساً وواضحاً على «مشاريع المصالح المتشركة».

معصوم في هذه الزاوية قد يفيد في سياق تفهم مؤسسته الرئاسية للمنطق الأردني في قياس المصالح المشتركة. لكن بكل حال لا يمكن الرهان عليه في مهمة أخفق فيها ـ رغم حماسه الشخصي ـ رئيس الوزراء الدكتور حيدر عبادي. فاللوبي الإيراني النافذ في البرلمان العراقي لازال يتهم الأردن بـ»إيواء إرهابيين ومطلوبين» من بينهم رغد صدام حسين ونخبة من الشخصيات العراقية المقيمة في عمان والمحسوبة على عهد صدام حسين.

مؤخراً رفضت محكمة صلح اردنية مرتين على الأقل الاستجابة لطلبات تسليم عراقيين يقيمون في الأردن حتى رغم صدور مذكرت إنتربول دولية بحقهم والحجة الأردنية ان الملفات التي يقدمها الجانب العراقي لا تنطبق عليها شروط التسليم. مؤخراً ايضاً سمحت السلطات الأردنية بعودة السفير الأسبق للعراق الدكتور نوري اللويس للإقامة في عمان بعد بقائه عامين تقريباً في بيروت.
اللويس محسوب بصورة كبيرة في الإطار المعارض على النظام العراقي الحالي ويعتبر من الشخصيات الدبلوماسية البارزة في عراق الماضي ويقدم بين الحين والآخر المشورة للجانب الأردني بخصوص قضايا بلاده لكنه لا يقوم بأي نشاطات سياسية من أي نوع.

فكرة الاستعانة بالرئيس معصوم لا تبدو منتجة وإن كانت قد تساهم في شرح وجهة النظر الأردنية خصوصاً وان عمان ليست بصدد إعادة سفيرها الجالس في عمان تحت الضغط حتى لا تخسر حساباتها مع الحليف السعودي حيث غادر السفير عبدالله ابو رمان طهران بعد حادثة الاعتداء الشهيرة على مقر القنصلية السعودية.

في كل الأحوال وبعد سلسلة من التصريحات العلنية المشاكسة ضد الأردن في الجانب الإيراني بدأت عمان تتلمس المحاولة الإيرانية الناشطة في عمان لإعاقة أي تفاهمات أردنية مع حكومة بغداد. فقد عرضت عمان مساعدة حكومة العبادي في تدريب قوات عسكرية في الحرب ضد تنظيم «الدولة ـ داعش» ورفضت بغداد بضغط من اللوبي الإيراني. كما ضغط اللوبي نفسه لإعاقة أي محاولة لتفعيل إتفاقيات سابقة موقعة مع بغداد وبقلم الرئيس العبادي نفسه بما فيها اتفاقيات تعاون تجارية وفي مجال الاستيراد والتصدير وفي مجال النقل حيث لا زالت الحدود الأردنية مع العراق مغلقة لأسباب أمنية.

القطاعات الصناعية والتجارية الأردنية محرومة من التقدم لعطاءات عند الجار العراقي ايضاً وثمة أموال لأردنيين بمئات الملايين لا تدفع، كل ذلك تتهم عمان خلف الكواليس طهران بالوقوف خلفه، الأمر الذي جعل نمو العلاقات الأردنية العراقية مسألة مرتبطة جذرياً بخطوات تطبيع وتقارب بين المملكة وإيران التي سبق ان اتهمها وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي علناً بأنها تساهم في تغذية الإرهاب في المنطقة.

الأهم بالنسبة للأردنيين ان النفوذ الإيراني يعيق مشروعاً حيوياً جداً بالنسبة لقطاع النقل والنفط الأردني رغم الاتفاق سابقاً على تفاهمات وبروتوكولات المشروع وهو تنشيط وإعادة بناء وتشغيل خط النفط العراقي الأردني.

راهنت عمان بصورة موسعة على تشغيل هذا الخط الناقل للنفط بصورة حيوية، واستعدت حكومة العبادي لكن الجانب الإيراني المترصد في الجانب الآخر يصر على إعاقة اي خطوات لها علاقة بهذا المشروع ولأسباب سياسية وضمن نطاقات التدخل الإيراني الملموس في كل تفاصيل المشهد العراقي. هذه المسألة ستعرض بين يدي الرئيس معصوم على الأرجح حتى وإن كانت العوائد غير منتجة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here