تطمينات بغداد تبدِّد توجُّس أربيل حول اقتراب الحشد من القيروان

بغداد / وائل نعمة

تدخلت قوات التحالف الدولي قبل أيام لفضّ نزاع كاد يندلع بين البيشمركة والحشد الشعبي في منطقة جنوب سنجار، بحسب مسؤولين هناك. وبعد 5 أيام من انطلاق عمليات الحشد في غرب نينوى، توقفت الحملة العسكرية لحين الوصول الى تفاهمات مع “البيشمركة”.
ونفى رئيس الوزراء حيدر العبادي، مساء الثلاثاء، حدوث اشتباكات بين الحشد الشعبي والبيشمركة. وأكد العبادي، في الإيجاز الصحفي الأسبوعي، أن القوتين “عراقية وعدوها عدو مشترك”. لكنه اعترف ضمنا بوجود خلافات بين الطرفين، مؤكدا انه أرسل وفداً الى إقليم كردستان لإيجاد رؤية موحدة.
وتتهم أطراف كردية حكومة بغداد بخرق الاتفاق العسكري “النادر” بين الطرفين لتحرير نينوى. وسمح الاتفاق الاخير الذي أبرم نهاية العام الماضي، بأن تقاتل البيشمركة لأول مرة الى جانب قوات الجيش منذ الإطاحة بالنظام السابق.
ودخلت قوات الحشد الشعبي، ضمن العملية العسكرية في غرب نينوى، الى قرى ومجمعات سكنية في القيروان التابعة لسنجار، تعتبرها حكومة إقليم كردستان من ضمن مهمات البيشمركة.
ويقطن تلك المناطق التي تمتد لمسافة 16 كم، غالبية من المكون الإيزيدي، فيما تحطيها قرى عربية، بينها مناطق شيعية.
وتتحدث الجهات الكردية بأن الاتفاق الذي سبق عملية تحرير نينوى، يتضمن ان يقوم الجيش وليس “الحشد” بتحرير القيروان. بالمقابل تنفي أطراف مطلعة في الموصل، والحشد الشعبي، توقف العمليات بسبب الخلاف مع البيشمركة، وتعزو الامر الى انتهاء الصفحة الاولى من العمليات، المكونة من عدة صفحات. واقتربت خلال الايام الاربعة الاخيرة، قوات الحشد الشعبي من مركز ناحية القيروان بعد تحرير عدد من القرى. وأعلن الحشد، الجمعة الماضية، بدء هجوم واسع من 8 محاور لانتزاع السيطرة على بلدة القيروان الواقعة إلى الغرب من قضاء تلعفر. ومن المفترض ان تتوسع الحملة لتشمل قضاء البعاج، الذي يقع الى الجنوب والجنوب الغربي من القيراون، اذ سيكون الطريق بعد ذلك ممهداً الى الحدود مع سوريا.

لماذا توقّفت العمليّات؟
ويقول أحمد يوسف قائممقام البعاج، في اتصال مع (المدى) امس، انه “خلال الايام الماضية حرر الحشد الشعبي، اغلب القرى المحيطة بالقيروان”. ويكشف المسؤول المحلي عن خلاف بين الحشد والبيشمركة حول تحرير قرى في جنوب سنجار، لكنه يؤكد ان “التحالف الدولي تدخل وفض النزاع”. وينفي يوسف ان يكون الخلاف الاخير قد تسبب بإيقاف العمليات، مشيرا الى ان “العمليات قد توقفت بسبب انتهاء الصفحة الاولى من المعارك”.
ومن المفترض ان تتضمن الحملة العسكرية 3 صفحات، تشمل القيروان أولا، ثم ناحية القحطانية التابعة لسنجار، ثم مركز قضاء البعاج. وقال القيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس،امس، ان “الحشد اكمل 70% من الصفحة الأولى من عمليات القيروان غرب الموصل”، مضيفاً انه “سيكملها خلال اليومين المقبلين”.
بالمقابل أكد سيدو جتو السنجاري، رئيس كتلة التآخي والتعايش الكردية في نينوى، ان “العمليات قد توقفت، لحين إيجاد تفاهم بين بغداد وأربيل لتحرير القيروان”.
وأوضح السنجاري، في حديث مع (المدى) امس، ان “القوى الكردستانية تثمن جهود كل القوات التي شاركت بتحرير نينوى”، لكنه اشار الى وجود اتفاق على تقسيم مهام القتال “تم خرقه من قبل الحشد الشعبي”.
وشدد رئيس الكتلة الكردية على ان “بعض المناطق في القيروان من مهمة البيشمركة”، مبينا ان “العمليات ستبقى متوقفة لحين إيجاد تفاهم يسمح للبيشمركة بالمشاركة بالمعارك”. وتقع القيروان، بمسافة 20 كم جنوب سنجار، ذات الاغلبية الإيزيدية.
وقال العبادي، في المؤتمر الصحفي الاخير، بانه سمع حدوث “قلق من إقليم كردستان قبل يومين لعمليات الحشد الشعبي في غرب نينوى منها القيروان وقضاء البعاج، واضاف “أرسلت الحكومة وفداً الى كردستان واتفق الجانبان على رؤية موحدة”.

خرق الاتفاق
من جهته يوضح محما خليل، قائممقام سنجار، ان القيروان، تضم في بعض مناطق الجزء الشمالي تجمعات إيزيدية، مشيرا الى ان مركز المدينة والقرى المحيطة بها من الجنوب والشرق والغرب و4 كم شمال الناحية هي مناطق عربية، وبضمنها قرى شيعية.
واضاف خليل، وهو نائب سابق عن المكون الإيزيدي، في اتصال مع (المدى) امس، انه “منذ تحرير سنجار، وداعش يهاجم يومياً خط الصد الفاصل انطلاقا من قيروان”. واشار الى تعرض سنجار الى قصف بالهاونات من القيروان قبل ساعتين من الحديث مع (المدى).
واستولى تنظيم داعش على سنجار في آب 2014، قبل ان يتم تحريرها في تشرين الثاني 2015. وكانت قوات الحشد الشعبي، قد اقتربت قبل أشهر من سنجار، في عملية تطويق تلعفر. وشهدت تلك الفترة لقاءات بين قوات البيشمركة والحشد وقائد الحملة العسكرية اللواء يارالله، للتنسيق في المعارك المقبلة.
ويقول قائممقام سنجار، الذي قاد التفاوض ممثلا عن الجانب الكردي، بأن “الاتفاق كان يتضمن عدم دخول مناطق تل قصب وبعض القرى والمجمعات الإيزيدية من قبل قوات الجيش، وإنما تترك للبيشمركة”. واضاف بان “الاتفاق كان ينص على ان يدخل الجيش لمركز القيروان وليس الحشد”.
وكانت الحكومة، حاضرة منذ بداية انطلاق عملية تحرير مناطق غرب تلعفر بقيادة الحشد الشعبي، على عكس ماحدث في تحرير “الحضر”. وكانت علامات استفهام قد أثيرت حول التزام رئيس الوزراء الصمت بخصوص العملية التي اطلقها الحشد، في الـ27 من نيسان الماضي، لتحرير القضاء، خلال زمن قياسي.
وشارك وزير الدفاع عرفان الحيالي، يوم السبت الماضي، لاول مرة منذ تسلمه منصبه قبل 4 أشهر، في مؤتمر مع قيادة الحشد في غرب الموصل. واكدت قيادات في هيئة الحشد الشعبي ان الاخير لايتحرك في نينوى دون موافقة قائد الحملة العسكرية اللواء الركن عبد الامير يارالله.
وكان القيادي في الحشد هادي العامري اكد، يوم الثلاثاء الماضي، ان قوات الحشد ستحرر جميع الاراضي التي احتلها تنظيم “داعش” بغض النظرعن سكانها. وقال العامري، في حديث لعدد من وسائل الاعلام، “نقول للجميع بأننا لن نأخذ الاذن من احد لتحرير بلادنا وارضنا، ومهمتنا الاساسية هي تحرير كل الارض العراقية بغض النظر عن سكانها”.

دمار الساحل الأيمن
من جانب آخر، تستمر القوات المشتركة في الساحل الايمن من الموصل، بالسيطرة على آخر معاقل التنظيم، قبل الوصول الى المدينة القديمة.
ويؤكد أحمد الجبوري النائب عن نينوى، ان “داعش مازال يقاوم، لكنه مرتبك الى حد كبير، وعناصره المحلية بدأت تتسرب مع النازحين”. واضاف الجبوري، من جدار الصد في جنوب المدينة القديمة عبر الهاتف مع (المدى)، ان “المعارك تدور الآن في حي الرفاعي والنجار”.
وأشار النائب عن نينوى الى ان “امام القوات مناطق 17 تموز والزنجيلي وحيي الشفاء والصحة لتكون قد طوقت المدينة القديمة بالكامل. وكانت قيادة العمليات المشتركة قد قالت، يوم الثلاثاء، ان “داعش” لم يعد يسطر إلا على 12 كم من الموصل. بالمقابل اكد النائب الجبوري ان “المدينة القديمة لن تخترق، وإنما ستبقى مطوقة، لحين إخراج المدنيين”. وتوقع ان تستخدم القوات في المدينة سياسة الارض المحروقة بعد إخراج المدنيين. وتحدث عن ان “نسبة الدمار في الساحل الايمن قد تجاوزت الـ70%”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here