فوز محقق لروحاني في انتخابات الرئاسة الإيرانية

منح الإيرانيون المتطلعون لمزيد من الحرية في بلادهم والحد من عزلتها في الخارج الرئيس حسن روحاني فترة ولاية جديدة ليتفوق بذلك على رجال الدين المحافظين الذين لا تزال لهم الكلمة العليا.

وقال وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي يوم السبت إن روحاني فاز بانتخابات الرئاسة بحصوله على نحو 57 بالمئة من العدد الإجمالي للأصوات.

وأضاف في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة “من بين نحو 41.2 مليون صوت في المجمل حصل روحاني على 23.5 … وفاز بالانتخابات”. وتابع أن إبراهيم رئيسي المنافس الأبرز لروحاني حصل على 15.8 مليون صوت.

وهنأ التلفزيون الرسمي روحاني بالفوز.

وعلى الرغم من أن سلطات الرئيس المنتخب محدودة بالمقارنة مع سلطات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي فإن حجم فوز روحاني يعطي المعسكر الموالي للإصلاحيين تفويضا قويا.

ورئيسي أحد تلاميذ خامنئي وتشير إليه وسائل الإعلام الإيرانية على أنه خليفة محتمل للزعيم الأعلى البالغ من العمر 77 عاما والذي يتولى الزعامة منذ 1989.

ومن شأن فوز روحاني بفترة جديدة حماية الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران في ظل رئاسته مع القوى العالمية في 2015 وقضى برفع معظم العقوبات على الجمهورية الإسلامية نظير أن تكبح إيران برنامجها النووي.

كما يمثل الفوز انتكاسة للحرس الثوري الذي يملك إمبراطورية صناعية كبيرة في إيران وأيد رئيسي في الانتخابات لحماية مصالحه.

وقالت ناخبة مؤيدة للإصلاح تدعى ماهناز (37 عاما) عبر الهاتف في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت “أنا سعيدة للغاية لفوز روحاني. فزنا. لم نرضخ للضغوط. أظهرنا لهم أننا لا نزال موجودين. أريد من روحاني الوفاء بوعوده”.

لكن روحاني لا يزال يواجه نفس القيود التي منعته من إحداث تغيير اجتماعي كبير في إيران خلال فترة رئاسته الأولى وأحبطت كذلك جهود الإصلاح التي قام بها الرئيس السابق محمد خاتمي.

ويملك الزعيم الأعلى سلطة نقض كل السياسات والسيطرة القصوى على أجهزة الأمن. ولم يتمكن روحاني من الإفراج عن زعماء إصلاحيين موضوعين قيد الإقامة الجبرية كما يحظر على وسائل الإعلام نشر كلمات أو صور خاتمي.

وقال كريم سجادبور وهو زميل كبير بمؤسسة كارنيجي متخصص في الشؤون الإيرانية “كان العقدان الأخيران من الانتخابات الرئاسية أياما قصيرة من النشوى تتبعها سنوات طويلة من الخيبة.

“يسمح للديمقراطية في إيران بالازدهار أياما قليلة فحسب كل أربع سنوات في حين يزهر الاستبداد دائما”.

وسيتعين على روحاني إدارة علاقة شائكة مع واشنطن التي تبدو متشككة في الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق مرارا بأنه “أحد أسوأ الاتفاقات الموقعة على الإطلاق” لكن إدارته مددت تخفيف العقوبات عن إيران الأسبوع الماضي.

ووصل ترامب يوم السبت إلى السعودية أولى محطات أول جولة خارجية خلال رئاسته. والسعودية هي أكبر خصم لإيران في المنطقة وتشجب الاتفاق النووي.

* الإقبال

وخاض روحاني المعروف عنه منذ عقود أنه رجل دين دمث الخلق الانتخابات بصفته إصلاحيا عتيدا يثير طموح الشبان والناخبين في المدن والطامحين للتغيير. وتجاوز الرئيس بعض الحدود في خطاباته بانتقاده لسجل حقوق الإنسان في أجهزة الأمن والقضاء.

وخلال إحدى خطبه أشار روحاني للمحافظين بوصفهم “هؤلاء الذين يقطعون الألسنة ويكممون الأفواه”. كما اتهم رئيسي خلال مناظرة الأسبوع الماضي بالسعي “لاستغلال الدين من أجل السلطة”. وقوبلت هذه التصريحات بتوبيخ معلن نادر من جانب خامنئي الذي وصفها بأنها “لا قيمة لها”.

ويبدو أن الإقبال الكبير جاء في صالح روحاني الذي قال مؤيدوه مرارا إن أكبر مخاوفهم هي عزوف الناخبين ذوي الميول الإصلاحية عن التصويت بسبب إحباطهم من بطء وتيرة التغيير.

وكان ناخبون كثيرون عازمين على منع صعود رئيسي الذي كان أحد القضاة الأربعة الذين حكموا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام في ثمانينيات القرن الماضي وهو الحكم الذي يعتبره الإصلاحيون رمزا للدولة البوليسية في عنفوانها.

وقال ناصر وهو صحفي يبلغ من العمر 52 عاما “الحشد الواسع للجماعات المحافظة والاحتمالات الواقعية بفوز رئيسي أخافت الكثيرين للذهاب للتصويت”.

وأضاف “تراهنت أنا وأصدقائي. قلت إن رئيسي سيفوز وأعتقد أن هذا الأمر شجع أصدقائي الذين ربما قرروا عدم التصويت على الذهاب للإدلاء بأصواتهم”.

وقال روحاني يوم الجمعة بعد أن أدلى بصوته إن الانتخابات مهمة “لدور إيران في المستقبل بالمنطقة والعالم”.

واتهم رئيسي (56 عاما) روحاني بإساءة إدارة الاقتصاد وسافر إلى مناطق فقيرة ونظم تجمعات حاشدة انتخابية وعد خلالها بالمزيد من الوظائف واستحقاقات الرعاية الاجتماعية.

ورغم رفع العقوبات المرتبطة بالقضية النووية في 2016 فلا تزال هناك عقوبات أمريكية من جانب واحد تستهدف سجل إيران في مجال حقوق الإنسان والإرهاب. ومنعت هذه العقوبات الكثير من الشركات الأجنبية من ضخ استثمارات في السوق الإيرانية مما حد من الفوائد الاقتصادية لرفع العقوبات حتى الآن.

(إعداد ياسمين حسين – تحرير علا شوقي)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here