وادي الذئاب بالعراقي

بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي

 مسلسل وادي الذئاب التركي, يعتبر من أهم الإعمال الفنية لتركيا في العقد الأخير, حيث حقق نسبة مشاهدة مرتفعة في تركيا وفي المنطقة العربية, ويركز المسلسل على شرح وتفكيك ما يحصل في المنطقة, وكيف يتم الارتباط بين التجارة والسياسة, ومن يدير العالم, وكيف تتحرك الحكومات, بالاضافة للتشويق والدراما التي في المسلسل, مما جعله ينجح ويصل الى احد عشر جزء, تناولت أهم الإحداث في المنطقة, من القضية الفلسطينية, وظهور القاعدة, وولادة داعش وأحداث الموصل, عبر جغرافيا العراق وسوريا ودويلات الخليج.
نعم هو يركز لجعل تركيا هي مركز للحق, وهي من تحمل راية الحرب ضد الانحراف, لان أنتاجه تركي, فيكون الهدف الأكبر تجميل صورة تركيا عند المتلقي العربي بالخصوص.
استوقفتني أمور مهمة ركز المسلسل على إثارتها ولها تواجد عراقي:
 
● المنحرفون هم من يؤثر في البلدان
يرسم المسلسل خريطة مخيفة للبلدان, حيث يشرح كيف يكون الدور الأكبر للشخصيات المنحرفة في الدول, وتكون هذه الشخصيات دائما فوق القانون, وتفعل كل ما يحلو لها, لأنها تملك المال والعلاقات والحصانة الدولية, وهؤلاء المنحرفون لكي يحققوا إغراضهم في السيطرة على الإعمال, يجب أن يكون لهم ارتباط بالمنظمات السرية, أو بأشخاص من خلف الحدود, هذا الارتباط الذي يمدهم بعناصر القوة, فتكون تجارة السيارات والأدوية والحديد والسكائر بيدهم, لأنها تجارة مهمة ولا يسمح الا لمن ارتبط بمحاور خارجية, كي يكون سيد لهذه التجارة.
ويحصل ارتباط بين هؤلاء التجار مع رجال السياسة, فاحدهم يقوي الأخر, فتصبح لديهم حصانة محلية مع أنهم أناس منحرفون, بل مجرد دمى تحركها أيدي خارجية حسب مخطط يريده الخارج.
هذا الأمر الذي يركز عليه المسلسل التركي موجود هنا, وهو نما وكبر منذ عام 2003 , برعاية المحتل, الى أن أصبح وحش محصن من أي ملاحقة, فنجد انطباق لتشخيص المسلسل ضمن  هذه النقطة.
 
● بريطانيا هي من تقود العالم
المسلسل يؤكد على نقطة مهمة وهي مغيبة تماما, أن بريطانيا هي من تقود العالم, وما يجري من محن للشرق الأوسط, ليس بسبب أمريكا أو إسرائيل, بل أن إرادة بريطانية تتجه نحو ذلك, وهذه السيطرة تتم عبر منظمات سرية تجارية سياسية عسكرية, وعوائل حاكمة تبسط نفوذها في جغرافيا واسعة, تمتد من لندن الى أوربا الشرقية الى الشرق الأوسط, ويتم تسيير الإعمال لتنتج نمط سياسي معين للبلدان, عبر التأثير الشديد على الأحزاب والشخصيات.
وكل هذا يرتبط مع مخابرات عالمية, بحيث يكون الهدف واحد لكل الجهات, هو خلق نمط محدد من الإحداث والنظم, واستمرار المكاسب التجارية, وفتح أسواق جديدة للسلاح والمخدرات, وكل هذا يخدم الإرادة البريطانية في قيادة المنطقة لأهداف غير معلنة, وهذا الأمر ليس ببعيد عنا, بل له واقع حقيقي على الأرض.
 
● تأثيرات تجار السلاح والمخدرات والنفط
السياسة في المنطقة تتحرك بضغط من محور هو كالظل (غير ظاهر), الا وهو تجار السلاح والمخدرات والنفط والدواء والسكائر, حيث تمثل في مجموعها موارد مخيفة تؤثر في واقع الدول, فالمعروف أن المنطقة تحولت الى ارض لصراعات متنوعة, هذه الصراعات بطبيعة الحال تحتاج للسلاح, هنا يأتي دور التجار, والذين هم بالأصل تابعين لمحاور خارجية, أشعلت المنطقة لتحقق أهدافها واحدها هو إنعاش سوق السلاح, بالاضافة الى أن الحروب تنتج جغرافية يضعف فيها القانون, وتكون تحت وصاية الخارجين عن القانون, عندها تنشط كل تجارة مخالفة مثل المخدرات والأدوية والسلاح والنفط المهرب.
هذا الأمر ليس ببعيد عن العراق, سنوات طويلة والأرض تتحول لجغرافية عسكرية, أي الحاجة للسلاح والحروب وما تخلفه من ضعف للقانون وانفتاح الحدود, لتتشكل ارض مناسبة لكل تجارة مخالفة, كالمخدرات والسلاح والنفط المهرب وغيرها.  
 
● خطر المنظمات السرية
المسلسل يركز على تواجد منظمات سرية, هي اقوي من الدول, بيدها المال والتجارة والسلاح, وهي تعمل وفق مخططات تخدمها بالأصل, ولهذه المنظمات اذرع في كل مكان في العالم, وأرضها الخصبة هي الشرق الأوسط, وخصوصا العراق وسوريا وتركيا, ويمكن التعبير عن هذه المنظمات بسلسلة عوائل أو مملكة عائلية, بيدها عناصر القوة ويخضع لها جمهور واسع, المسلسل يجعل المنظمات السرية في لندن, وتمد بخيوطها للمنطقة وتجعل في كل ارض مندوب عنها يسير الإعمال وفق مخططاتها.
يمكن إن نجد صورة معينة لهذا الخطر محليا, وليس ببعيد إن يكون ارتباط لأحزاب أو اسر بمنظمات سرية ومنذ عقود وليس ألان, أو تواجد شخوص هم محميين من تلك المنظمات, وهي من دفعتهم الى الشهرة والسطوة, لأنهم ينفذون كل ما تريد.
 
● الثمرة
على الإنسان إن يتفحص كثيرا بالإحداث, وان يفهم في أي صف هو, ولا ينساق وراء الصور, بل عليه إن يفكر بعمق شديد بما خلف الصورة, فليس كل ما نراه هو الحقيقة الكاملة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here