اشتباك في شارع فلسطين ببغداد

ماجد زيدان

تكثر الاشتباكات بين القوى الامنية وقوى مسلحة تنسب الى هذا الطرف او ذاك او الى الحشد الشعبي، وكل هذه الاشتباكات اعلن عنها رسمياً وشكلت لجان تحقيق للوصول الى الحقائق ولكن النتائج بقيت حبيسة الادراج وترك المواطنون الذين لهم الحق في الحصول على المعلومات وفقاً للقوانين في حيرة، بل ان بعضاً من الاجهزة الحكومية قامت بالتعمية على ما اسفر التحقيق من نتائج.

يوم الخميس الماضي، جرت اشتباكات بين احدى نقاط السيطرة ومجموعة من المسلحين ادعوا انهم ينتمون الى عصائب اهل الحق حسب بعض وسائل الاعلام ولكن سرعان ما نفت العصائب وقالت ان هؤلاء لا ينتمون اليها ودعت الى فرض القانون..

هذا وقد شكلت الحكومة لجنة تحقيق من عمليات بغداد ووزارة الداخلية والحشد الشعبي … وهي لجنة في واقع الحال تؤشر الى التحاصص والتنازع على سلطات الامن، وبالتالي لابقاء الحادث طي الكتمان، لان كل طرف من هذه الاطراف مستقل بذاته وليس من سلطان عليه، برغم تبعيتها على الورق  الى القائد العام للقوات المسلحة.. هذا ما اعطته اللجنة من الناحية الشكلية من انطباع للسامع والرائي.

مقدماً نقول انه لا يمكن تطبيق ما تتوصل اليه من توصيات او قرارات واجراء المحاسبة بشأن هذا الواقع المر الذي يقع بين الحين والاخر في وسط بغداد وعلى رؤوس الاشهاد.. لان كل جهاز له مرجعيته ولايرضى بما يدينه .

ان ذلك واقع عملي لابعاد الجهة صاحبة الشأن او بالاحرى مشاطرتها صلاحياتها التي  يجب ان يكون لها القول الفصل يحكم مسؤوليتها عن الامن في العاصمة.

اصبحت الاوضاع بما هي عليه من سوء جزءاً من الحياة اليومية ولا يعول المواطنون على الجهات الحكومية ان تفرض القانون وتحاسب منتهكيه الذين يتجرأون علنا على اطلاق النار في مناطق عامة ومزدحمة كشارع فلسطين ويروعون المواطنين .. من الواضح ان الهدف الابرز لهذا الحادث هو ان يبنى لاحقاً عليه في فرض سياسات معينة.

هذه المظاهر يعتقد الناس انها ستشكل المشهد السياسي اليومي لاسيما ان الانتخابات قريبة وبعض الاطراف تريد ان تشارك فيها وتكسب الاصوات وتحوز على مقاعد في المجلس النيابي المقبل من بوابة فرض الامر الواقع وبقوة السلاح، وهذا ما ذهب اليه رئيس الوزراء في احدى تصريحاته

ان هذه القوى سواء كانوا افراداً خارجين عن سيطرتها ام ينتحلون اسمها يمارسون ذلك فهي تتحمل المسؤولية، ومسعاها للحصول على بعض المقاعد النيابية لاضفاء شرعية صورية وشكلية على سياساتها السلبية لاحقاً ليس الا ..

ان هذا السلاح السائب وعدم تنفيذ قرارات الحكومة بخروج المكاتب المسلحة وضبط سلاح عناصرها ومنع التجول فيه من المؤشرات على ان ما بعد الانتصار على داعش الارهابي ستكون الامور مخيفة ومرعبة ما لم تحترم الدولة ومؤسساتها والتقيد باحكامها من قبل الجميع مهما كانت التسميات والمسؤوليات، كل في حدود ما تتيح له الشرعية القانونية.

الواقع مثل هذه النتائج متوقعة لتعدد الاجهزة الضابطة للامن وقوانينها والمسؤولين عنها وماتزال البعض منها مشدوداً الى خلفياته التي انتجته والبيئة والوسط الذي جاء منه.

ان الاجهزة الامنية بكل تفاصيلها وعناوينها ينبغي ان تكون في وحدة رصينة وتقف على ارضية صلبة، وتقلص الجيوش والاجهزة  وكل جهاز عليه  ان يخضع بكل تفاصيله الى قوانين المؤسسة العسكرية وانضباطها واحكامها، وسريان التوجيهات والاوامر.

من الضروري ان توقف المجموعات المسلحة التي تنتحل اسماء وصفات جهات قانونية، وايضاً لا يجوز باي حال من الاحوال للبعض ان يستمر في تصريحاته وتحديه للحكومة بذريعة ان بعض التفاصيل والاجراءات القانونية لم تنته صياغتها.

هذه الحادثة وغيرها تشكل فرصة ذهبية لتطبيق ما اصدرته الحكومة من قرارات واوامر  بحصر السلاح بيد الدولة ومنع حمله واستخدامه خارج الواجب.

في الواقع تراخي الحكومة وضعفها امام هذه الجهات المارقة على القانون، وعدم تطبيقها لقرارات سابقة كاختيار احياء ومدن في بغداد ان تكون منزوعة السلاح هو الذي يشجع على التمرد وانتهاك القانون ولحد الان لم نسمع ان الحكومة اغلقت المقر الفلاني او فتحت الشارع العلاني الذي اغلقه المسؤول العسكري في هذا الفصيل او ذاك

كل الخروقات تتحملها الحكومة ما دامت لا تحاسب ولا تحيل للقضاء المخالفين، والاهم انها ماتزال تسمح للاطراف المسلحة في ان تتحرك بعيداً عن اوامرها وانظمتها

 ان بعض القوى استهدفت الاجهزة الامنية وتلتزم بالتعليمات والاوامر ذلك بهدف تقليص هيبتها بعد ان ارتفعت مكانتها في عيون الناس وقلوبهم للتضحيات الكبيرة ولتحسن ادائها وقلة اخطائها.

هذا الدعم الذي تحظى به يثير من يسعى الى الفوضى التي تشكل الوسط والبيئة والرئة التي يتنفس منها. ليس للمواطن من بديل غير الاجهزة الامنية المبنية على المبادئ والسياسات الجديدة  واحترام حقوق الانسان والدفاع عن حقوق المواطن في حياة آمنة بعيدة عن اية شريعة اخرى غير شريعة القانون والدستور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here