سيناريو لتأجيل الانتخابات البرلمانية يواجه رفضاً قاطعاً من الكتل الكبرى

بغداد / محمد صباح

بخطى هادئة وبطيئة تجري أطراف سياسية مشاورات مكثفة لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة لمدة سنتين على أن تتمتع الحكومة الحالية بصلاحيات تنفيذية وتشريعية وتعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتحديد مواعيد جديدة للانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتصطدم رغبة هذه الجهات بفيتو شهرته الكتل الكبيرة والمتنفذة، التي سارعت إلى عقد لقاءات تشاورية متعددة، اتفقت خلالها على إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها المحددة وانتخاب مفوضية
جديدة.
واعتبر رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم، يوم الخميس الماضي ، ان “تأجيل الانتخابات البرلمانية خط أحمر غير قابل للنقاش او التفاوض”، واصفا الانتخابات بـ”أنها أساس العملية السياسية ودليل على حيويتها وديمومتها ولابد من إجراء الانتخابات في موعدها مهما كانت الظروف دون تأخير او تسويف.
ويقول فادي الشمري، القيادي في المجلس الأعلى في تصريح لـ(المدى) امس، “هناك أحاديث من أطراف متعددة لكنها قليلة تدفع بتأجيل الانتخابات البرلمانية متحججة بتبريرات غير مقنعة للكتل الكبيرة”، مشيرا الى أن “قوى التحالف الوطني مع دمج الانتخابات المحلية والبرلمانية وإجرائها العام المقبل”.
وخرج اجتماع تشاوري للرئاسات الثلاث والكتل السياسية هو الأعلى من نوعه، وحضره ممثلون عن أبرز الأحزاب الكردية، باتفاق يلزم باستبدال مفوضية الانتخابات “تواقيا”، وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها بعد حل الخلافات بشأن قوانينها.
ويضيف الشمري أن “هذه الأطراف التي تسعى لإقالة مفوضية الانتخابات دون ايجاد البديل لها ستعرقل حتما من خلال مساعيها هذه عملية تسجيل الكيانات والأحزاب والإعداد اللوجستي للانتخابات البرلمانية المقبلة التي يصبح تأجيلها أمراً واقعاً لا يحتاج إلى نقاش”.
ويلفت القيادي في حزب الحكيم الى ان “القوى الكبيرة تصر على حسم لجنة الخبراء البرلمانية لاختيار مجلس مفوضين جديد قبل عرض أي إقالة للمفوضية الحالية داخل البرلمان”، مشيرا الى أن “التحالف الوطني يرفض التجديد لأي عضو من أعضاء مفوضية الانتخابات
الحالية”.
ويتحدث احد ابرز مساعدي رئيس التحالف الوطني عن “وجود أطراف تعول على بعض الخيارات في مقدمتها إقالة مفوضية الانتخابات لتأجيل الانتخابات البرلمانية”، واشار الى “وجود أطراف أخرى تعول على التدخلات الخارجية لتأجيل الانتخابات البرلمانية القبلة”.
ويوضح فادي الشمري أن السيناريوهات التي تترتب على تأجيل الانتخابات البرلمانية بالقول “ستكون هناك حكومة تصريف أعمال لها القدرة القانونية والدستورية في فرض حالة الطوارئ على اعتبار عدم وجود مجلس النواب وبالتالي تصبح لها صلاحيات تشريعية وتنفيذية “.
ويؤكد الشمري ان “هذه السيناريوهات المتعددة لن تمر بعد اتفاق القوى السياسية المتنفذة والكبيرة على عدم تأجيل الانتخابات البرلمانية”، مشيرا الى ان “هذه الطروحات تأتي من قوى تعتمد على أجندات خارجية وبعضها لايمتلك شعبية كبيرة”.
في هذا الإطار كشفت مصادر برلمانية لـ(المدى) امس، عن تخوف ينتاب بعض القوى الشيعية من مشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية المقبلة وخشيتها من تحالفها مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وتدفع الأطراف باتجاه تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة سنتين لحين ضم الحشد في الأجهزة الأمنية.
وكان نائب مقرب من رئيس الوزراء قد كشف، مطلع الشهر الحالي، كواليس اللقاء السري الذي عقده العبادي مع زعيم التيار الصدري في مدينة كربلاء، مؤكدا أن الصدر طلب تأجيل الانتخابات المحلية لحين إيجاد حلّ لمشاركة الحشد الشعبي في الانتخابات، مشيرا الى خشية زعيم التيار من ذهاب أصوات الحشد الى اطراف يخاصمها.
وجاء هذا الاجتماع بعد أيام من استقبال الصدر، في مقر إقامته في النجف، لرئيس التحالف الوطني عمار الحكيم ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، في لقاءات وصفته بالمفاجئة تناولت مجمل المشاكل السياسية والأمنية.
ويضيف المصدر البرلماني، الذي تحدث لـ(المدى) ورفض الكشف عن هويته، “هناك قوى سياسية سنية وشيعية تدفع لتأجيل الانتخابات التي ستؤدي إلى تشكيل حكومة تصريف اعمال ومن ثم حكومة طوارئ تعمل على تهيئة الانتخابات وتحديد
موعدها”.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد أعلن، مساء الجمعة في لقاء متلفز، انه يؤيد بقاء رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لولاية ثانية، وجدد انتقاده لفترة حكم نوري المالكي معتبرا انه المسؤول عن فقدان ثلث مساحة العراق.
ويحدد الدستور العراقي في المادة(72) ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء دورة مجلس النواب التي حددتها المادة(65) أولا بان تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنواتٍ تقويمية، تبدأ بأول جلسةٍ له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة.
ولم يكن الدستور واضحا بالنسبة إلى تحديد فترة حكومة تصريف الأعمال، فالمادة (46 / ثانيا) من الدستور تنص على أن “يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، إلى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الأمور اليومية”.
ولم تحدد هذه المادة وغيرها من المواد الدستورية فترة حكومة تصريف الأعمال التي ستعتمد عليها الكتل السياسية التي تتبنى تأجيل الانتخابات بالاستمرار في حكومة تصريف الاعمال وتتولى صلاحيات تنفيذية وتشريعية .
ويقول عضو اللجنة القانونية النائب حسن الشمري ان “الدستور العراقي لم يحدد فترة حكومة تصريف الأعمال”، مؤكدا أن “الحكومة جزء من مؤسسة الدولة التي قيّد الدستور العراقي ولاية رئيس الجمهورية والبرلمان بأربع سنوات تقويمية”.
وعلى صعيد آخر، نفى الشمري، في تصريح لـ(المدى)، تسلم اللجنة القانونية في البرلمان مسودة قانون الانتخابات البرلمانية، مؤكدا ان “هناك توجهاً لدى الكتل السياسية بإرجاء مناقشة قانون انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان إلى ما بعد عطلة العيد”.
ويؤكد النائب فارس الفارس وجود تحركات لأطراف سياسية تسعى لتأجيل الانتخابات البرلمانية المقبلة وتشكيل حكومة طوارئ تقوم بمهام تشريعية وتنفيذية، وتحدث عن رغبة حقيقية لجهات سياسية بعدم استمرار الحكومة الحلية في حال تأجيل الانتخابات البرلمانية عن موعدها المحدد”. ويقول النائب عن اتحاد القوى العراقية، في تصريح لـ(المدى) امس، ان “الكتل السنية تشترط في حال عدم عودة النازحين إلى مناطقهم تأجيل الانتخابات البرلمانية لحين تأمين المحافظات الغربية وعودة كل المواطنين”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here