بدلا من تبوأ اعلى منصب بالبلاد،عادل مراد يُبعد وحتى من منصبه الرمزي

بقلم: علي الشيخ مصطفىعلي الشيخ مصطفىعلي الشيخ مصطفى

كنت على خطأ، على ما يبدو، عندما انتابتني موجه من الآمال بان يتم ترشيح المناضل عادل مراد لتسنم منصب رئيس الجمهورية، في خطوة يتم بها تأكيد عراقية الكوردي الفيلي وتزيح عن هذه الفئة العراقية بعضا من الغبن الذي اصاب ابنائها وتقوم برفع معنوياتهم . ولا اخفي هنا ان الاساس وراء اعتقادي هذا يكمن في اصرار قائد حركة التحرر الكوردية خالد الذكر الملا مصطفى بارزاني، مقتبل سبعينات القرن الماضي، امام الجانب الآخر في اتفاقية 11 آذار على تعيين مناضل فيلي آخر هو المرحوم حبيب محمد كريم، الشخص الثاني آنذاك في الحزب الديمقراطي الكردستاني، في منصب نائب رئيس الجمهورية تطبيقا لما نصت عليه الاتفاقية المذكورة. الا ان ذلك الجانب الآخر رفض ذلك بتعنت وقام بتعيين كوردي من السلك العسكري لم يرضى عنه الحزب الديمقراطي الكوردستاني. فكان ذلك بمثابة أحد الخلافات الرئيسية الاولى بين الطرفين والتي ادت في نهاية المطاف الى فشل هذه اتفاقية 11 آذار بعد مرور اربع سنوات على ابرامها.

ان عادل مراد بما هو معروف عنه من نزاهة وعلاقات سياسية واجتماعية واسعة وسجل حافل بالنضال وخدمة القضايا الوطنية العراقية والكردية كان من بين افضل وانزه رجال السياسة في العراق وفي كردستان يستحق مثل ذلك المنصب المرموق. الا ان ذلك لايمنعني باعتباري صديقا منذ عقود للمناضل عادل مراد، من الاشارة الى بعض اخطائه، وسبحان من لايخطأ: ان عادل مراد كان صريحا في كل مواقفه وتصريحاته الى ابعد حد ولم يلجأ الى الدبلوماسية بالرغم من انه نجح فيها واثبت ذلك خلال تسنمه منصب سفير بلاده في رومانيا. كما ان عادل مراد وبخلاف العدد الاكبر من زملائه ورفاقه في العمل السياسي والقيادي الذين احاطوا انفسهم باقاربهم واصدقائهم وحتى اولئك الاميين منهم من خلال منحهم وظائف ومناصب على حساب ميزانية هذا الحزب اوذاك او الميزانية العامة. الا ان عادل مراد لم يفعل ذلك وحتى بالنسبة لاولئك الكفوئين والمستحقين من بين المقربين اليه واصدقائه لانه كان يرفض المحسوبية او الواسطات. وفي حين ان بعضا من رفاقه الآخرين استندوا الى ابناء العشيرة فان عادل مراد لم يفعل ذلك مع ابناء جلدته.

على كل حال ان ابتعاد عادل مراد عن المسؤولية الحزبية في الوقت الراهن ربما يكون لصالحه اذ انه سيبقى محافظا على سمعته باعتباره احد الساسة النزيهين الناكرين للمحسوبية والمنسوبية.

واذا تابعنا المسيرة النضالية لعادل مراد باعتباره احد المناضلين في صفوف البيشمركه او في صفوف طلبة الثانويات والجامعات ومن ثم رئيسا لاتحاد طلبة كردستان وفيما بعد تدرجه الحزبي باعتباره احد نشطاء وقادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، نرى انه وفي اعقاب نكبة عام 1975 شارك في تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني وكانت له علاقات ممتازة مع القوى العربية والفلسطينية. وفي خضم الاحداث التي رافقت سقوط الصنم كان عادل مراد من بين اوائل المناضلين الذين دخلوا بغداد على رأس قوة من البيشمركة. وصار عضوا (بديلا) في مجلس الحكم ثم سفيرا للعراق في رومانيا. هذا باختصار جانب من سيرته النضالية الا انني لم ادرك ما الذي حصل بخصوص آخر منصب رسمي تسنمه في بغداد باعتباره مسوؤلا عن الملف الفيلي بمكتب رئيس الجمهورية ابان ولاية السيد جلال طالباني؟

لكنني اعرف ان عادل مراد، وكما قاله لي، لم يرشح نفسه لعضوية المكتب السياسي للاتحاد في مؤتمره العام الاخير رغبة منه في افساح المجال للجيل الشاب من رفاقه الحزبيين في تسنم مناصب عليا وفي زج دماء شابة الى الميدان لتأمين الاستمرارية والارتفاع بمستوى النشاط الحزبي.

لقد دعا عادل مراد بلا كلل الى دحر قوى الردة والظلام من خلال عقد تحالف واسع بين القوى البارزة على الساحتين العراقية والكردستانية لتحقيق فوز اكيد وقوي في الانتخابات القادمة لمجلس النواب في بغداد. فلنعمل من اجل ذلك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here