دور الفراغ و البطالة المقنّعة في تصعيد و إدامة وتائر الهوس الديني والمذهبي

دور الفراغ و البطالة المقنّعة في تصعيد و إدامة وتائر الهوس الديني والمذهبي

من المؤسف والمحزن أن نجد الوعي الشيعي العراقي العام ، قد بات الآن أما مخطوفا أو مصادرا ، وهو مثقل مترنحا بخرافات وخزعبلات و شعوذة شتى وصلت لحد الهوس و التجديف في بعض الأحيان ..
هذا الوعي الذي كان حتى قبل 2003 نشطا ، و مبدعا ، ومنتجا ، ومعتدلا في ممارسة طقوسه الدينية والمذهبية ، بعيدا عن المغالاة والتطرف والتفنن بالخرافات و الشعوذة ..
في بداية الأمر تصورنا أن سبب هذا الهوس الذي لاحظناه بعد 2003 ، سببه هو المنع و التحريم و الحظر لممارسة الطقوس المذهبية من قبل النظام الديكتاتوري السابق ، وأنه مع توفير حرية ممارسة هذه الطقوس سنة بعد سنة ستخف حدة الهوس والمغالاة والتطرف نحو الاعتدال و الهدوء ، و من ثم التفرغ للعمل و الإنتاج والإبداع ، كلا حسب دوره وموقعه و مجال عمله ..
غير أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث ، إنما أزدادت حدة هذا الهوس هستيرية و هلوسة نحو مغالاة أكثر تطرفا ، فبتنا نسمع عن كلاب رقية و عن أسود الإمام علي ــ رض ــ وعن رجال ما ندري منو و الذين يتمرغون بالوحل و الطين الأسود ويطلقون عويلا وصراخا ..
وها هو فريق جديد ممن يطلقون على أنفسهم ” إصحاب القضية * ” يعلنون عن ” حضورهم ” الخرافي امتدادا للمظاهر الغريبة والعجيبة الأنفة الذكر تلك ..
هذا دون أن نتحدث عن ” الجماهير المليونية الغفيرة : التي تمضي جل أوقاتها ــ وعلى مدار السنة بكاملها ــ في الطرقات و الدروب ذهابا وإيابا من و إلى العتبات و الأضرحة المقدسة للقيام بإداء فريضة الطقوس المذهبية بمناسبة ميلاد أو استشهاد و وفاة 12 إماما ” من ائمتهم المقدسين ..
فضلا عن مناسبات دينية و مذهبية آخرى كثيرة و التي ترافقها عطل رسمية أو شبه رسمية من قبل الحكومة أو رؤوساء مجالس المحافظات لاتاحة الفرصة للزحف المليوني بهدف القيام بممارسة الشعائر الدينية والمذهبية أسبوعا بعد آخر..
فهذا شيء كثير و مبالغ به جدا في الحقيقة ، وبات ملفتا للنظر إلى حد حتى ممثلي المرجعية الدينية قد تطرقوا إليها كظاهرة سلبية و معيقة لعمليات البناء والتعمير ، و طالبوا بمعالجتها ولكن بدون أي جدوى أو نتيجة.
و إذا كانت هناك عوامل عديدة تلعب دورا في ديمومة مظاهر الهوس والمغالاة هذه ، فأن للبطالة والفقر و التسيّب والاتكالية و سقوط هيبة الدولة و الحكومة و كذلك البطالة المقنّعة وتدخل ممثلي الأحزاب المتنفذة في شؤون الدوائر الحكومية و مؤسسات الدولة ، زائدا مظاهر الفساد ، دورا كبيرا في إدامة و تعميق هذه المظاهر التي تتنافى أصلا مع أبسط التوجهات والنوايا الجدية و الحقيقية نحو تشييد وبناء دولة مهيبة و قوية بأمنها و اقتصادها و رفاهية شعبها وعلومها المتقدمة وتمدنها الإنساني ..
حسنا ……؟
فمتى ىسيُصحى الشيعة العراقيون ــ وهنا لا نقصد التعميم ــ من غيبوبتهم التاريخية الحالية و من هوسهم و هلوستهم ومغالاتهم المذهبية ليتفرغوا لعمليات البناء والتعمير و التحديث والتطوير بهدف اللحاق بركاب الدول المتقدمة ؟!..
وهم الذين قبل 2003 كانوا يشكّلون غالبية العاملين العراقيين في مجال الزراعة و الصناعة و كذلك في أعداد الجنود المقاتلين أو المتطوعين ، وغالبية المعلمين و الكّتاب و الشعراء والفنانين والعلماء و الإكاديميين والخ ..
هامش ذات صلة
الصدر يعلن براءته من “اصحاب القضية” ويتوعد بمعاقبتهم
أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، براءته ممن يطلقون على أنفسهم تسمية “أصحاب القضية”، فيما توعد بـ”معاقبتهم عقابا شديدا”.
وقال الصدر في رد على سؤال لمجموعة من أتباعه من محافظة ميسان بشأن “أصحاب القضية الذين يتحدثون عن سيرة الإمام المهدي (ع) بسوء”، “اللهم اشهد اني بريء منهم وكل من يحمل افكارهم الشاذة والوقحة، بل هي افكار هدامة، فأني بريء من اصحاب القضية كما يسمونهم بل هم اصحاب فكر ضال مضل والعياذ ب‍الله”.
وأكد الصدر “وجوب مقاطعتهم فورا”، متوعدا بـ”معاقبتهم عقابا شديدا اذا لم يرعووا كونهم يسيؤون لنا ال الصدر”.
وكان ممثل المرجعية الدينية في كربلاء احمد الصافي حذر، في (12 أيار 2017)، من الانجرار وراء دعاوى وصفها بأنها “باطلة ومزيفة” تنسب نفسها لـ”الإمام المهدي”، وشدد على أن الأمة التي ينتشر فيها الجهل “لا تفلح”، فيما دعا الناس البسطاء والشباب الى التعلم وأخذ الامور من مصادرها وليس من “الدجالين ــ عن صوت العراق ”.

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here