التوتر القطري السعودي والتمييز بين اخوان الملائكة والشياطين

صالح السيد باقر
التوظيف المكثف لوسائل الاعلام التي تدعمها السعودية والامارات للتصريحات المنسوبة الى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يثير العديد من علامات الاستفهام حول الجهة التي اخترقت موقع وكالة الانباء القطرية، فيما لو صحت رواية الدوحة أن موقع وكالة أنبائها قد اخترق.
وبغض النظر عن قضية الاختراق والتصريحات المنسوبة لأمير قطر فان القاصي والداني يلمس التباين في المواقف والسياسة التي تنتهجها الدوحة تجاه العديد من القضايا، عن السياسة التي تنتهجها السعودية والامارات والى حد ما البحرين تجاه تلك القضايا وفي مقدمتها الحكومة المصرية.
الخلاف بين قطر وكل من السعودية والامارات وربما البحرين واميركا يعود الى القطيعة بين الدوحة والقاهرة، وطالما عبرت الحكومة المصرية عن غضبها من الموقف الذي تتخذه الحكومة القطرية وقناة الجزيرة بالتحديد من الوضع في مصر، بل أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن بشكل صريح في قمة الرياض أن هناك دول تقدم كافة أنواع الدعم للارهابيين، ومع انه لم يسم هذه الدول، لكن كل من لديه ادنى متابعة للخلاف المصري مع قطر وتركيا يدرك جيدا من كان يعني السيسي.
ذكرت بعض وسائل الاعلام أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب من ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته لواشنطن انهاء الرياض خلافاتها مع القاهرة، وبالفعل تسارعت خطوات عودة العلاقات السعودية المصرية الى حرارتها بعد زيارة بن سلمان لواشنطن، غير أن القاهرة ترى أن ذلك لا يكفي لعودة الاستقرار للبلاد ما لم يتم القضاء بشكل كامل على كل ما من شأنه يدعم المعارضة المصرية حتى لو كان اعلاميا.
استهداف قطر بذريعة التصريحات المنسوبة الى أميرها بعد قمة الرياض يدلل على أن القمة لم تنجح في رأب الصدع بين الدوحة والقاهرة، فضلا عن رأب الصدع بين القاهرة وأنقرة، اذ يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان توقع محاولة القمة التقريب بينه وبين السيسي فلم يشارك فيها.
لا نكشف سرا اذا قلنا أن جوهر الخلاف بين الحكومتين القطرية والتركية مع الحكومة المصرية هو على اسقاط حكومة القيادي الاخواني محمد مرسي، والملفت ليس في الموقف القطري من الاخوان المسلمين وانما الملفت في ازدواجية تعامل بعض الحكومات ومنها السعودية والامارات والبحرين ودول أخرى مع جماعة الاخوان، اذ ترى أن بعضهم ملائكة والبعض الآخر شياطيين، فهذا هو جوهر الخلاف بين قطر وهذه البلدان، فالدوحة تنظر للاخوان نظرة واحدة سواء كانوا في قطر او السعودية أو مصر أو الامارات أو سائر البلدان،  ونظرتها لحماس وجمعية العمل الاردنية وجمعية الاصلاح اليمنية والحزب الاسلامي في العراق وحزب العدالة والتنمية التركي وغير ذلك من المسميات التي تؤمن بالفكر الاخواني؛ نظرة واحدة.
وعلى الرغم من ان فكر كافة الاحزاب الاخوانية واحد الا أن بعض الدول وفي مقدمتها السعودية والامارات والبحرين تعتبر بعض فصائل الاخوان ملائكة وبعضها الآخر شياطيين، فالاخوان في مصر شياطيين لانهم اختلفوا مع الحكومة وحركة حماس حركة شيطانية لانها تقاوم اسرائيل ولديها مشاكل مع السلطة الفلسطينية، ومن المؤكد أن الاخوان في الامارات والسعودية في مقدمة قائمة الشياطين.
هذا في الوقت الذي تتعامل فيه السعودية والامارات والبحرين مع أخوان سوريا على أنهم ملائكة لأنهم نفذوا اجندتهم في هذا البلد، كما أنهم يعتبرون جمعية الاصلاح في اليمن ملائكية لانها وقفت الى جانب عبد ربه منصور هادي الذي يدعموه، ويعتبرون جمعية الاصلاح في البحرين ايضا ملائكية لانهم وقفوا الى جانب الحكومة البحرينية في صراعها مع “الروافض”.
المثير للدهشة أن أخوان الكويت تربطهم علاقة وثيقة بالسعودية على الرغم من أن هؤلاء يشكلون أخطرا داهما على الأمن القومي الكويتي، وعل الرغم من أن الحكومة الكويتية تربطها علاقات وطيدة مع السعودية، ولكن عندما نبدأ بالبحث عن السبب فان دهشتنا ستزول، وذلك لأننا سنكتشف أن سبب تصنيف اخوان الكويت على انهم ملائكة يعود الى السياسة التي تنتهجها الحكومة الكويتية من ايران والعراق والشيعة.
هذا جانب من الخلاف السعودي الاماراتي مع قطر وهناك جانب آخر من هذا الاختلاف وهو ازالة كل ما من شأنه يهدد اسرائيل، الذي ربما سنبحثه في مقال لاحق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here