ثمن الخيانة العظمى و تفكك الاتحاد السوفيتي الحلقة الرابعة

د. نجم الدليمي

المبحث الرابع : ثمن الخيانة الكبرى

المطلب الاول : دور عراب ((البيريسترويكا)) في أضعاف الحزب وظهور مقدمات الرأسمالية

في عام 2008 ، وفي الولايات المتحدة الأميركية ، أقيم حفلاً ((تكريمياً )) الى غورباتشوف بمناسبة منحه وسام ((الحرية)) وقام بتقديم هذا الوسام الرئيس الاميركي السابق بوش الاب ، وكانت قيمة هذا الوسام (100) الف دولار قد قدمت الى غورباتشوف ((لنشاطه)) الكبير في تفكيك دولته العظمى وبيعه دول أوروبا الشرقية وخاصة جمهورية المانيا الديمقراطية ، ياله من ((ثمن)) بخس يستلمه خائن لشعبه وفكره وحزبه ونظامه العادل ، علماً إن هذه ليست المكافئة الأولى التي يستلمها المرتد غورباتشوف…؟!.

إستطاع أحد أهم عرابي مايسمى بالبيريسترويكا ، الأكسندر ياكوفلييف ، عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم ، وخلال فترة قصيرة من أن يكون المسؤول الاول عن رسم السياسة الأيديولوجية والأعلامية للحزب والدولة السوفيتية ، والاشراف المباشر على تلك المهمة الهامة والخطيرة وتم كل ذلك من خلال الدعم والاسناد المباشر من قبل غورباتشوف .

لقد قام ياكوفلييف بتغيير الغالبية العظمى من المسؤولين عن الأعلام الحزبي والحكومي وخاصة قادة هذا الأعلام ، الصحافة والمجلات التلفزيون…، ومنها على سبيل المثال: أنباء موسكو، مجلة زناميه ( الراية ) ، ومجلة العالم الجديد وغيرها من الصحف والمجلات الأخرى، وكما قام بتغيير المسؤولين عن القنوات التلفزيونية وخاصة القناة الرئيسية ، القناة الاولى (إستانكنا) ، وتم تنصيب العناصر غير الروسية والموالية لنهج مايسمى بالبيريسترويكا ولصالح غورباتشوف وفريقه المارق، وبنفس الوقت عقد الأجتماعات والسيمينارات في اللجنة المركزية ((تثقيفية))  و ((توجيهية)) الى قيادات الأعلام الحزبي والحكومي الجدد وتحت مبرراً واهياً وكاذباً الا وهو (( العلنية والديمقراطية وحقوق الانسان …))؟! ، وبدأ يرسم ويعمل على تحديد البرامج والدراسات ونوعية المقالات التي تتلائم ووجهة نظره حصراً وبما يخدم نهج الخيانة البيريسترويكي.

لقد سمح ياكوفلييف وبحكم موقعه الحزبي الساند واللامحدود من قبل غورباتشوف لكتاب سياسين محددين موالين لنهجه الهدام ومن كادر وأعضاء الحزب الحاكم وخاصة من العناصر غير الروسية ومنهم على سبيل المثال ، كارتيجيا ، تسييكو ، أفاناسيف ، واغلب هؤلاء الكتاب هم قادة وكوادر في الحزب الحاكم ، ومستشارين لغارباتشوف ، وكان الهدف الرئيس لهؤلاء ((الكتاب))  وغيرهم ، هو العمل على تشويه الفكر الأشتراكي والنظرية الماركسية – اللينينية ، والعمل على ” تخطئة” و” تفنيد” أعمال لينين وستالين والاساءة لهم وخاصة الى ستالين، وكذلك العمل على تشويه البناء الأشتراكي ومنجزاته وفي كافة الميادين المختلفة ، سياسية كانت أم اقتصادية ام ايديولوجية ، والعمل على تشويه القيم الأشتراكية والأساءة المفتعلة للنجاحات والانتصارات التي حققها الشعب السوفيتي وخاصة في تحقيق الأنتصار الكبير على الفاشية الألمانية خلال الحرب الوطنية العظمى(1941-1945) ، هذا الطاعون الأصفر الذي أفرزه النظام الأمبريالي العالمي، فالفاشية هي اللقيط الشرعي للرأسمالية وأحد اسوء وأقذر إفرازاتها الفكرية والسياسية والأقتصادية – الأجتماعية.

وبتوجيه من الأكسندر ياكوفلييف، عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم ، تم توجيه الكتاب الموالين له ولنهجه الكارثي للعمل والكتابة حول فكرة إندماج النظام الأشتراكي بالنظام الرأسمالي ، وان البيريسترويكا(اعادة البناء) لاتعني الديمقراطية الستالينية ولا إشتراكية ستالين، بل ينبغي العمل على اظهار الأشتراكية الجديدة ذات الطابع الأنساني؟!.

لقد عمل غورباتشوف – ياكوفلييف بشكل فاعل، من أجل اضعاف دور ومكانة الحزب الشيوعي السوفيتي كقوة سياسية تقود المجتمع والدولة وفق الدستور الأشتراكي السوفيتي، وفي النهاية استطاعوا ان يحققوا الخطوة الاولى والرئيسة في تقويض النظام الأشتراكي وسلطة ودور ومكانة الحزب من خلال حذف(الغاء) المادة (6) من الدستور السوفيتي التي تنص وتؤكد على قيادة الحزب الشيوعي للمجتمع والدولة السوفيتية، وتم أقرار التعددية السياسية، اي الفوضى السياسية بدليل ظهر فقط في روسيا الأتحادية اكثر من(1000) ” حزباً” سياسياً بعد تفكيك دولة الأتحاد السوفيتي، واجراء الأنتخابات ” الديمقراطية” ، بدليل في تموز عام 1991 قام عضوي المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي ياكوفلييف وأدوارد شيفيرنادزة[ وزير خارجية الأتحاد السوفيتي سابقاً] على تأسيس حركة سياسية منافسة للحزب الحاكم وهي ” الحركة الديمقراطية” المدعومة من قبل الأمبريالية الأميركية ومؤسساتها المالية والأقتصادية والمخابراتية، ومن قبل الملياردير جورج سوروس وثيق الصلة بوكالة المخابرات المركزية الأميركية ، ومن قبل معهد كريبل الموجه والمسنود من قبل (C.I.A) وكذلك حظيت بالدعم والأسناد من قبل معهد ” الديمقراطية” في أميركا، وهؤلاء ” القادة والكوادر والاعضاء” قد خرقوا النظام الداخلي للحزب وخرقوا الدولة السوفيتية ، والاتحاد السوفيتي.

إن المهمة الرئيسية والقذرة التي أسندت الى ياكوفليف هي العمل على تشويه والأفتراء على الأيديولوجية العلمية، اي النظرية الماركسية- اللينينية والصاق التهم الكاذبة على هذه النظرية ومؤسسيها، لأن هذه الأيديولوجية العلمية قد شكلت الاساس الفكري والمادي [لبناء المجتمع الأشتراكي في الاتحاد السوفيتي وشكلت إنموذجاً ناجحاً على الصعيد المحلي والعالمي]، أما مهمة غورباتسوف فقد تمثلت في أختيار”القادة” و”الكوادر” الحزبية الموالية لنهجه الهدام ، وبنفس الوقت العمل على أبعاد وتنحية القادة والكوادر الحزبية الكفوءة والمخلصة والرافضة لنهجه التخريبي، وتم كل ذلك تحت مبرررات وأهية وكاذبة ومنها على سبيل المثال ان هؤلاء “محافظين” ، وهؤلاء رافظين ” للتجديد والتطوير..” وكما قام غورباتشوف بتغيير الكادر الحزبي الملتزم والمبدئي في السلطة التنفيذية وعلى مختلف المستويات الادارية ، اي انه قام بتغيير وابعاد اكثر من ثلثي القادة والكوادر الحزبية في الحزب والسلطة التنفيذية والتشريعية، أي اكثر من 70% إذ شملت التنحية سكرتاري اللجنة المركزية وسكرتاري اللجان المنطقية والمحلية في الأقاليم والمحافظات والمقاطعات والأقضية والنواحي، وكما قام بتغيير(ابعاد) مسؤولي المصانع والمعامل والكلخوزات والسفخوزات والمؤسسات العلمية والبحثية.. المعارضين لنهجة الهدام ، وتم كل ذلك وغيره بحكم الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الحزب الحاكم. وبعبارة اخرى قام غورباتسوف وبشكل واعي ومخطط بأبعاد القادة والكوادر الحزبية والقادة في مؤسسات الدولة الأنتاجية والخدمية الذين يتمتعون بالأخلاص والخبرة والكفاءة والنزاهة ، كل هذا تم تحت شعار كاذب إلا وهو”تجديد” المجتمع الأشتراكي والحزب؟!.

يمكن التوصل الى الاستنتاج الذي على اساسه حلت الكارثة العظمى وهو تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي بسبب الخيانة الكبرى في قيادة الحزب والذي تمثل في:

·عدم الالتزام بالنظرية العلمية وتطويرها وفق الظروف والمستجدات على الصعيدين الداخلي والخارجي .

·(2)غياب تطبيق الديمقراطية الأشتراكية التي تعبر عن مصالح الجماهير الكادحة وتمثل الصيغة السياسية العامة للدولة الاشتراكية وخاصة منذ عهد خروشوف الى عهد غورباتشوف .

·ضعف الوعي الأشتراكي الطبقي الحقيقي لدى المجتمع السوفيتي بشكل عام ولدى الطبقة العاملة وحلفائها بشكل خاص، منذ تولي خروشوف مقاليد رئاسة الحزب والدولة حتى رئاسة غورباتشوف .

·تم اضعاف او غياب مبدأ القيادة الجماعية في عمل الحزب , واصبح سكرتير الحزب هو ((النبي )) و الاوحد والمقرر لكل شيء .

·شيوع السلوك النفعي والانتهازي المادي لدى بعض ” القادة- الكادر” في الحزب .

إن كل هذا وغيره قد سهل على غورباتشوف وفريقه الخائن من ان يفككوا دولتهم العظمى- الأتحاد السوفيتي ، وينهوا دور ومكانة حزبهم العظيم، حزب لينين- ستالين، الذي حقق المنجزات الكبرى في الميادين السياسية والأقتصادية والأجتماعية والعلمية والعسكرية والتي اعترف بها العدو قبل الصديق وخلال فترة زمنية قصيرة جداً ، بدليل واجهت السلطة السوفياتية والحزب الشيوعي السوفيتي حروباً عدوانية، حروباً غير عادلة قد تمثلت بالحرب الأهلية(1918- 1922) والحرب العالمية الثانية خلال الفترة (1941-1945) والحرب الباردة للفترة(1946-1991).

إن الهدف الأول والرئيس لغارباتشوف وفريقه الفاسد ، هو العمل على تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي عبر مايسمى بالبيريستروبكا بالتالي يتم تصفية كافة المنجزات في الميدان الأقتصادي – الأجتماعي والعلمي والعسكري… والعمل من أجل انبعاث الرأسمالية المفرطة في وحشيتها وعدوانيتها، من اجل تفكيك وتخريب الاقتصاد الأشتراكي وبشكل نهائي وتم اتخاذ قرارات واجراءات “هامة كبيرة” من اجل انبعاث العلاقات الانتاجية الرأسمالية وخاصة في القطاع الصناعي، إذ تم تأسيس ” مؤسسات تعاونية” في القطاع الصناعي” اي العمل على ظهور القطاع الخاص الرأسمالي ، وتم تقديم القروض الميسرة والتسهيلات لأصحاب القطاع الخاص تحت غطاء مايسمى بالقطاع الصناعي التعاوني واعطيت الصلاحيات لهذه ” التعاونيات” الصناعية باقامة العلاقات الأقتصادية مع المؤسسات الصناعية الاجنبية وخاصة مع المؤسسات الصناعية في البلدان الرأسمالية ، وهذا التوجه المخطط له عمل وبشكل كبير على إضعاف وتفكيك المؤسسات الصناعية الأشتراكية ، وبالنتيجة أصبحت معظم هذه المؤسسات من وجه نظر البيريسترويكين ” عديمة الجدوى الأقتصادية” وبالتالي ضرورة بيعها / خصخصتها بثمن بخس لأصحاب رجال ” الأعمال” بهدف خلق طبقة برجوازية تشكل السند الأجتماعي / الأقتصادي للنظام الحاكم وبالضد من الأقتصاد الأشتراكي فظهر التناقض الصارخ بين البناء الفوقي / السلطة السياسية ذات التوجه الرأسمالي في زمن غورباتشوف وفريقه والبناء الأقتصادي التي يمثل القاعدة الصناعية للأشتراكية وبالتالي تم تقويض ذلك وبشكل علني وتحت سيناريو مايسمى بالبيريسترويكا وشعاراتها الكاذبة والوهمية” التجديد والتطوير والعلنية..”.

لقد عمل غورباتشوف – ياكوفلييف والفريق المساند لهم، كل مافي استطاعتهم ومن خلال مالديهم من سلطة حزبية وادارية في أن واحد، من أجل ان يكون الشعب السوفيتي ناقماً وكارهاً ورافضاً للنظام الأشتراكي وبالضد من الحزب الحاكم، ومن أهم” الأعمال” التي قام بها غورباتشوف وفريقه المرتد خلال فترة مايسمى بالبيريسترويكا هي محاربة تعاطي المشروبات الكحولية[ حق اريد منه باطل] وشن الأعلام الحزبي والحكومي المساند لغارباتشوف حملة اعلامية مكثفة بالضد من الكحول، وبالتالي اختفت المشروبات الكحولية من المخازن الحكومية وبكل أنواعها تقريباً وظهرت الطوابير حول هذه السلعة وغيرها وارتفعت اسعارها مباشرة بنسبة 45% وظهرت السوق السوداء الكارثية من قبل المافيا والبريسترويكين وبدأت المضاربة بهذه السلعة وغيرها وتم تحقيق الأرباح الخيالية، ورافق هذه الكارثة السوداء التي حلت على غالبية الشعب السوفيتي اختفاء اهم السلع الغذائية ومنها على سبيل المثال الخبز والملح والجبن والصابون واللحوم… ، وبهذا الخصوص يشير وزير الدفاع السوفيتي السابق المارشال ويمتري يازوف ، لقد منعت قوافل القطارات المحملة بالسلع الغذائية وغيرها من الدخول الى العاصمة موسكو، بهدف افراغ المخازن الحكومية من السلع الغذائية الضرورية من اجل أثاره سخط الشعب على النظام الأشتراكي وعلى الحزب الحاكم ، مما اضطر المواطن السوفيتي ان يقف ساعات عديدة من اجل الحصول على الخبز والزبدة واللحوم .، ورافق ذلك ظهور نظام بطاقة التموينية التي لم تظهر حتى في ظل الحرب الوطنية العظمى(1941-1945)، وبالنتيجة “كفر” الشعب السوفيتي بحكم الحزب الشيوعي السوفيتي الحاكم في ظل اختفاء السلع الغذائية وغيرها. وبنفس الوقت بدأت محاربة العاملين بالأقتصاد الوطني وخاصة رؤساء المعامل والمصانع السوفياتية وبالنتيجة تدهور مستوى الأنتاج المادي بسبب الفوضى وعدم الاستقرار وادى ذلك الى تدهور الدخل الحقيقي للغالبية العظمى من المواطنين السوفيت ، في حين نشطت المافيا وقوى اقتصاد الظل المافيوي بالمضاربة بقوت الشعب والتخريب المنظم للأقتصاد الوطني في أن واحد.

لقد أعطيت توجيهات رسمية الى مدراء المصانع والمعامل الحكومية وخاصة المصانع التي تنتج السلع الغذائية الهامة، بعدم ارسال الأنتاج ، بل العمل على إتلافه وبكل الوسائل والطرق الممكنة ، اما عربات القطارات المحملة بالبضائع الاستهلاكية – الغذائية، بقيت بعيدة نسبياً عن المدن وخاصة موسكو ولينينغراد ولفترة غير قصيرة وبالنتيجة ادى ذلك الى افساد هذه السلع ورميها في الغابات.

ان الهدف الرئيسي من كل هذا النشاط التخريبي والمنظم من قبل قادة مايسمى بالبيريسترويكا يكمن في أثارة حقد وكراهية الشعب السوفيتي على الحزب والنظام الأشتراكي وعلى اساس هذه ” الأزمة” المفتعلة من قبل غورباتشوف وفريقه الفاسد على اساس ان هذه “الازمة ” هي نتاج للنظام الأشتراكي القائم وفشله في توفير السلع والخدمات للمواطنين، ومن الجانب الأخر. العمل على تخريب النظام المالي المعمول به وبالنتيجة اعلان ان الدولة السوفيتية هي فاشلة في توفير ماهو ضروري واساسي للمواطنين وتحويل البلد الى بلد غارق بالمديونية الخارجية والى الأبد.

إن ظهور ” رجال الأعمال” وهم من ” البيريسترويكين والأصلاحيين والديمقراطيين ” السوفيت – الروس والمتنفذين في الحزب والسلطة ، وهؤلاء قاموا بالمتاجرة بقوت الشعب السوفيتي بهدف الأثراء الفاحش والغير شرعي، وهذا التوجه الخطير قد حظى بدعم واسناد من قبل غورباتشوف وفريقة الفاسد. وثم تقديم القروض والتسهيلات لهم من قبل النظام الحاكم، وبنفس الوقت قدمت البنوك الغربية ايضاً قروض الى رجال الأعمال الروس ((مافيا رسمية))، وفي بداية البيريسترويكا اي في عام 1985 بلغت المديونية الخارجية للأتحاد السوفيتي بسبب نهج غورباتشوف وفريقه نحو (131.1) مليار دولار، اما في عام 1991 فبلغت المديونية الخارجية نحو (70,3) مليار ، معظم هذه القروض ذهبت للتخريب وأفساد المسؤولين ..، وعملت قيادة البيريسترويكا على أضعاف وتهريب الأحتياطي النقدي من الذهب بدليل انخفض الاحتياطي من الذهب من (2000)طن الى (200) طن اي بلغت نسبة الأنخفاض نحو عشرة أضعاف.

 

المطلب الثاني :

خطة تأجيج النزاعات القومية في الأتحاد السوفيتي

لقد أدرك غورباتشوف- ياكوفلييف وفريقهم الهدام، من أجل تفكيك الأتحاد السوفيتي ينبغي قبل كل شيء العمل على اثارة وتأجيج الصراع والنزاع والخلاف بين شعوب الاتحاد السوفيتي وخاصة المشاعر القومية وبالدرجة الاولى للشعوب غير الروسية وكذلك يتطلب العمل وسط الشباب بهدف تأجيج وتصعيد مشاعرهم بالضد من النظام السوفيتي وكذلك بالضد من الشعب الروسي واستخدام كافة الوسائل الممكنة بهدف اشعال المشاعر القومية داخل الاتحاد السوفيتي وبين شعوبه وأخذ الكسندر ياكوفلييف هذه المهمة على مسؤوليته [ ياكوفلييف عضو المكتب السياسي للحزب. مسؤول العلاقات الاممية مع الأحزاب الشيوعية العالمية ، طابور خامس بامتيار..].

وفي عام 1988 قام الكسندر ياكوفلييف بزيارة الى جمهوريات البلطيق وخاصة الى مدينة ريكا وبعدها الى فيلنوس من أجل ” حلّ” ومعالجة بعض المشاكل الموجودة في هذه الجمهوريات وخاصة الخلافات التي ظهرت بين قيادات هذه الجمهوريات ،وتم اللقاء مع الناشطين من الحزب الحاكم وكذلك مع قادة ((المعارضة)) المناهضين للأتحاد السوفيتي وخاصة المعارضين في الجامعات الحكومية ، وفي ربيع عام 1988، تم تشكيل جبهة معارضة وخاصة في أُستونيا باسم” الجبهة الشعبية” والتي بدأ نشاطها السياسي العلني ضد السلطة السوفيتية بهدف العمل على انفصال جمهوريات البلطيق الثلاثة[ لاتفيا ، ليتفا، واستونيا] من دولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الأشتراكية وعلى اساس هذا النشاط الهدام والمعادي للسلطة السوفيتية في جمهوريات البلطيق، بدأت حركة الشباب والشغيلة في جمهورية كازاخستان وخاصة في العاصمة الماتا ومدينة فرغاني، وكذلك حدث نشاط معادي للسلطة السوفيتية في جمهورية جورجيا وخاصة في العاصمة تبليسي ، وكما حدث ايضاً في جمهورية أذربيجان احداث معادية للدولة السوفيتية تحمل طابعاً قومياً متعصباً ، وتم اشعال الحرب بين جمهورية أرمينا واذربيجان حول منطقة كوروباخ وبلغت الخسائر البشرية في وقتها نحو (130) قتيل حصة الأسد من النساء والاطفال ، ولازالت هذه ” القنبلة” الموقوتة لغاية اليوم يؤثر فيها العامل الخارجي بشكل مباشر، وبأمر من غورباتشوف تم زج الجيش السوفيتي في اخماد هذه ” الحرائق ” التي اشعلت بفعل العامل الخارجي في جمهوريات البلطيق وجورجيا وأرمينا واذربيجان ، حيث ظهرت تنظيمات قومية متطرفة حظيت بدعم غربي- امريكي بهدف تفكيك الاتحاد السوفيتي.

إن زج الجيش السوفيتي بهدف اخماد وقمع قوى الثورة المضادة والمدعومة من قبل الغرب الأمبريالي وخاصة من قبل الأمبريالية الأميركية، هو أثارة نقمة الشعب السوفيتي على الجيش السوفيتي ، لأن هذه المهمة ليست مهمة الجيش السوفيتي بل مهمة قوات الداخلية وقوى جهاز أمن الدولة[ كي. جي. بي] بالدرجة الاولى.. ولكن..؟!.

وفي أب عام 1991، تم تشكيل لجنة الدولة لحالة الطوارى على ضوء الأضطرابات السياسية التي حدثت في جمهوريات البلطيق وجمهوريات أسيا الوسطى، وتم تشكيل هذه اللجنة بموافقة غورباتسوف وأقر اعضاء اللجنة بنفسه. ولكن اثبتت الأحداث مؤخراً ان غورباتشوف قد ورط اعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارى وماهي إلا فخاً ” ذكيا” بهدف الايقاع بقيادة اللجنة وهي قيادة الحزب نفسه، ولعب غورباتشوف الدور المزدوج في حالة انتصار اعضاء لجنة الدولة لحالة الطوارى فهو معهم…، وفي حالة فشلهم فهو كان ينسق مع بوريس يلتسين وفريقه، ولكنه في النهاية خسر الطرفين ، والخونة مصيرهم دائماً في مزبلة التاريخ.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here