الأغنامُ تحرسُ ذئابا!!

العلاقة بين الذئاب والأغنام معروفة , فهي تخافها وترتعب منها , والذئاب تشم رائحتها وتسعى لإفتراسها في ليالي الصيف والشتاء.
وعواء الذئاب يخيف الأغنام ويجعلها ترتعش , لكن الذئاب عندما تفوز بحضيرة أغنام تتفاعل معها بآليات إفتراسية تفقدها الإحساس بالخوف , بل أن العلاقة تتطور لتكون ذات أساليب إستسلامية رضوخية منقطعة عن واقع التفاعل الدامي بين الطرفين.
فالذئاب تختار فريستها وتأكلها أمام القطيع وأفراده متجمدة في مكانها وقد تلهو بأعلافها , وربما تتناطح وتتصارع بلا هوادة والذئاب تأكل , وعندما تنام الذئاب تبدو الأغنام وكأنها تحرس مفترسيها وتؤمّن لهم النوم الهادئ , لأن الخوف طاقة كهرومغناطيسية أصابت القطيع بالشلل والإستسلام للمصير المحتوم.
وتستيقظ الذئاب وتمضي في إفتراسها وهكذا تتواصل العلاقة ما بين بضعة مفترسين , وأعداد غفيرة من الفرائس المذعنة التابعة الخانعة.
وهذا ينطبق على الواقع البشري عندما يتحول البشر إلى قطيع ويولي عليه مفترس أثيم , فتراه يمعن بالإفتراس والقطيع خانع مبلس يهنأ بأكله حيا وتمزيقه إربا , بأنياب المتوحشين الذين أمسكوا بزمام مصيره وتقرير حياته وخارطة أيامه المرسومة بالحاجات والعثرات.
والعديد من المجتمعات تدور في فلك الطاعات والواجبات التي عليها أن تؤديها للمفترسين الأشداء , الذين يتسلطون ويتحكمون ويصولون ويجورون كالذئاب المذؤوبة , المسعورة بنشب المخالب وغرز الأنياب ببدن الذين أوقعتهم في شراك الإفتراس.
ولا يُعرف لماذا يميل البشر إلى هذه المعادلة السلوكية ذات النتائج الدامية السوداء  , ولماذا يعززها ببشر من بينه لتتواصل التفاعلات الخسرانية والقهرية , الكفيلة بتحطيم البشرية ومحق الإنسانية , والنيل من القيم والمُثل والمعايير الحياتية المساهمة بديمومة صيروراتية.
فلماذا تحرس الأغنام ذئابها؟!!
ولماذا لا تسود ثقافة الإحتراس؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here