من اجل ان لا ننسى جرائم داعش في العراق

محمد رضا عباس
بين دخول تنظيم داعش الموصل وخروجه مدحورا مذموما منها قصص  حزينة , كئيبة وأخرى مشرقة , ويجب ان تخلد ولا يجوز تركها عرضة للضياع والنسيان . قصص حزينة عاشها الالاف من الأقليات في الموصل وهم ينظرون الى عناصر تنظيم داعش  يستولون على دورهم , مزارعهم . و مواشيهم , مئات من  الشباب وهم يساقون سوق الخراف الى مقاصل الذبح والقتل من قبل مجرمي داعش التي عرفت ” بجريمة سبايكر” والتي سميت جريمة  العصر . قتل سجناء بادوش , ومحاصرة و قتل جنودنا في الصقلاوية والسجر . جريمة تدمير المواقع الاثرية في الموصل وتكريت وهي ملك للبشرية. جريمة تهديم الحسينيات والمعابد الايزيدية والكنائس , التي كانت تزين مدن ونواحي نينوى. ومن ينسى حال الملايين من أهل المدن المحتلة وهم يفرون بجلودهم من بطش داعش الإرهابي؟ وهل ينسى أحدا حالهم وهم يعيشون تحت الخيام يحاربون برد الشتاء القارص وحرارة الصيف اللاهف؟ وهل ينسى ذلك الاب و الام وهم ينظرون الى حالة طفلهم الصحية تتدهور من سوء الى اسوء بسبب قلة الدواء او عدم استطاعت ذويه اخذه الى احدى المستشفيات لمعالجته. ومن لم يقرأ قصص اهل نينوى المحاصرين الذين اضطروا الى اكل الحشيش ولحم القطط؟
يقابل هذه القصص المريعة والفظيعة , قصص مشرقة سطرها أبناء العراق الغيارى . قصة الحشد الشعبي الذي ال على نفسه ان لا يترك تنظيم داعش بدون عقاب. قصص الشباب الذين تركوا أعمالهم ومقاعد دراستهم وعوائلهم وهم يستجيبون لنداء الوطن. قصص تضحيات الشباب الذين استشهدوا تاركين ورائهم خطيباتهم وزوجات لم يمضي على زواجهم الشهرين. وقصة الاب والأمة الذي استشهد ابنهم الوحيد في احدى معارك الشرف, وقصة ذللك الجريح الذي فقد حركة رجله, والأخر جزء من جسده , ولكنهم يلحون للرجوع الى جبهات القتال. قصة ذلك المواطن الذي كان ذاهبا مع حملة الإغاثة للمهجرين في الموصل , فيستقبل ابنه شهيدا في منتصف الطريق . قصة الالف  سيارة محملة بكل أنواع المساعدات الإنسانية التي جمعت من مناطق الوسط والجنوب دعما لإخوانهم النازحين من اهل المناطق الغربية. قصة أبناء القوات المسلحة العراقية بكل صنوفها وهم يقاتلون عناصر داعش من بيت الى بيت و قصص مشاركة الجنود الذين كانوا يشاركون الهاربين من بطش داعش بأرزاقهم اليومية , وقصص أولئك الجنود الذين عرضوا انفسهم الى الموت المحقق من اجل انقاذ أطفال تحت الإنقاذ او من نيران القنابل . وقصص قادة الجيش والشرطة الشجعان وهم يشاركون ابناءهم من القوات المسلحة على خطوط الجبهات. قصص جميلة ومشرقة أثبتت معدن العراقيين الأصيل خلال فترة احتلال تنظيم داعش لبعض أجزاء من العراق، و لا يريد اليسار العراقي التحدث عنها او يتجاهلها لانشغاله بالتسقيط و نسج التهم ضد الحكومة المنتخبة غير منتفع بتجاربه الفاشلة سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي والذي صدع ادمغة الشباب وكان السبب في استشهاد وسجن وتشريد مئات الالاف من العراقيين.
حكايات وحقائق عن احتلال تنظيم داعش للمنطقة الغربية يجب ان تخلد لتكون درسا نافعا للأجيال القادمة و براهين ساطعة لكل من يريد ان يذكر تنظيم داعش بإنجاز انساني واحد . يجب ان لا يمر حدث تفجيرات الجسور الرابطة بين الجانب الشرقي والجانب الغربي في الموصل بدون توثيق , تفجير الكنائس , تفجير الحسينيات , المواقع الاثرية. يجب ان يخلد مناظر بناتنا الايزيديات وهن مكبلات من قبل تنظيم داعش  ذنب لهن الا لأنهن ولدن ايزيديات . ويجب ان لا ننسى توثيق قصص الشابات والنساء الشيعيات من اهل تلعفر وهن يسوقن سوق العبيد. يجب توثيق قصص الدمار الذي أصاب المدن والبنى التحتية فيها. يجب توثيق وتصوير الدمار الذي اوقعه تنظيم داعش بالأحياء السكنية والأسواق والمستشفيات والمدارس. كثيرة هي الاحداث المؤلمة والمفرحة التي مرت على العراق من جراء ظهور تنظيم داعش في العراق وسيطرته على أجزاء مهمة منه من المنطقة الغربية ويجب ان توثق وتقدم الى البشرية لتكون درسا مريرا لها والعمل على منع تكررها  مرة ثانية.
قادة الشرطة الاتحادية , قوات الحشد الشعبي , قوات البيشمركة , جهاز مكافحة الإرهاب , الجيش العراقي بكل صنوفه مدعوون لجمع وحفظ كل شيء  يقع تحت ايدهم يعود لتنظيم داعش , ليكون شاهدا على جرائم تنظيم داعش. العراق في حاجة الى متحف مركزي يعرض فيه جميع ما انتجه داعش من جرائم وفظائع ويجب ان يكون مركز هذا المتحف هو بغداد ليكون قبلة لجميع العراقيين والعرب والأجانب من يزور العراق . هذا المتحف يجب ان يحوي على ملابس عناصر التنظيم التقليدية , أنواع أسلحته , صور قياداته , اصولهم , , صور ذبح البشر, صور المدن المدمرة , الجسور والابنية التي فجرها تنظيم داعش , صور الهاربين من بطش داعش , و بعض قصص معاناتهم . المتحف يجب ان يضم أسماء و صور قادة القوات المسلحة العراقية , نوع السلاح الذي استخدموه ضد داعش , خططهم العسكرية , خرائط الهجوم , بطولات افراد القوات المسلحة الفردية والجمعية .
إضافة الى متحف مركزي في بغداد يقص جرائم داعش الإرهابية و بسالة القوات المسلحة العراقية بكل صنوفها , يتطلب الامر فتح متاحف محلية تسجل جرائم وحجم الدمار الذي خلفه داعش في كل محافظة على انفراد . أي يجب ان يكون هناك متحف في نينوى واخر في الانبار واخر في صلاح الدين واخر في ديالى . وظيفة هذه المتاحف هو تعريف أبناء المحافظات الحاليين واجيالهم القادمة عن جرائم هذا التنظيم المتوحش.
الحكومة العراقية تعمل بشكل جدي انهاء ملف داعش وإعادة الحياة الى المناطق المحررة مرة أخرى , وتشريع القوانين الجديدة من اجل تشجيع التعايش السلمي بين أبناء المجتمع الواحد , و عقد المؤتمرات و المبادرات من اجل المصالحة الوطنية , ولكن يجيب على الدولة وبنفس الحماس ان تخلد مرحلة داعش في العراق ليكون درسا مفيدا لكل العراقيين وردع لكل من تسول له نفسه التسويق مجددا لهذا التنظيم الاجرامي. ان عدم توثيق مرحلة داعش و عدم تذكير ابناء العراق بجرائم هذا التنظيم الذي فاقة جرائمهم كل جرائم التاريخ قد يعرض هذه المرحلة الى النسيان والتلاشي ( كما يحدث حاليا , حيث ان كثيرا من الشباب العراقي يجهل جرائم النظام البائد) بمرور الزمن وتذهب دماء الشهداء و انين الثكالى سدا , وإنجاز عراقي ضخم الى الاندثار , بدلا ان يكون انجاز يتباها به جميع العراقيين بفخر واعتزاز , كما يتباها الأوربيين والامريكيين القضاء على النازية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here