التحالف الوطني يستأنف مباحثات “التسوية” ويرفض ورقة النجيفي

بغداد / محمد صباح

بصمت وحذر شديدين، يستأنف التحالف الوطني مفاوضاته مع اتحاد القوى بشأن مشروع “التسوية” بعد توقفها لعدة أسابيع. إذ تجري لجان التفاوض بين الطرفين مباحثاتها لدمج الورقتين الشيعية والسنية في ورقة موحدة.
وقطعت المباحثات الحديثة، التي تجري بسرية تامة بعيدا عن الإعلام، شوطا كبيرا بين الفرقاء السنة والشيعة، في مسعى لتشكيل لجنة فنية تأخذ على عاتقها كتابة بنود ورقة (التسوية التاريخية).
وكشفت مصادر عن رفض الوفد الشيعي لورقة “إجراءات الثقة” التي يقف خلفها اسامة النجيفي، معتبرا انها تخالف الدستور، وتهدّد شرعية النظام السياسي.
وكانت (المدى) قد كشفت عن صراع يجري بين رئيس البرلمان سليم الجبوري وأسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، حول تسليم الورقة السنّية الى ممثل الأمم المتحدة، الأمر الذي عرقل تسليم الورقة أكثر من مرة.
وفاقم مؤتمر انقرة الخلاف بين القوى السنّية حول ورقة التسوية، على ضوء اختلاف مواقف الدول الإقليمية الراعية للمؤتمر. اذ تطالب القوى السنّية المعارضة للعملية السياسية، بدعم من تركيا والإمارات وقطر، بإعادة كتابة ورقة التسوية، وتولي مهمة تسليمها الى ممثل الامم المتحدة.
وتؤكد مصادر التحالف الوطني ان الاخير ابلغ وفد اتحاد القوى استبعاد “ورقة استعادة الثقة” التي قدمها رئيس كتلة متحدون أسامة النجيفي من المفاوضات.
وسلمت القوى السنّية لأمين عام الأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، الذي زار بغداد مطلع نيسان الماضي، ورقة التسوية الخاصة بها مع ملحق باسم (مبادرة اجراءات الثقة)، يتكون من 20 فقرة يشترط على الحكومة تنفيذها في غضون 6 أشهر، قبل مضي مكونات تحالف القوى بمشروع التسوية.
وكانت (المدى) قد كشفت بنود إجراءات الثقة الملحقة بورقة “التسوية السنّية” في عددها (3898) الصادر بتاريخ 2017/04/09. وتضمنت الورقة 27 فقرة، تطالب بإصدار عفو خاص عن سلطان هاشم، آخر وزير الدفاع في نظام صدام، وجميع الضباط المحكومين معه.
كما تطالب الوثيقة بالعفو عن النائب أحمد العلواني المحكوم بالإعدام على خلفية قتله عددا من منتسبي جهاز مكافحة الإرهاب في في الرمادي نهاية 2013. كما تضمنت وثيقة (بناء الثقة)، التي دفع بها رئيس كتلة متحدون أسامة النجيفي، مع ورقة التسوية السنّية الى تجميد الإعدامات لمدة عامين، وإخراج قوات الحشد الشعبي من المحافظات والمدن السنّية.
وتطالب الوثيقة بإنشاء أقاليم في 3 محافظات هي ديالى ونينوى وصلاح الدين، ومنح المحافظات الأخرى صلاحيات أمنية واسعة.
وكان عضو الفريق التفاوضي لمبادرة التسوية حسين درويش العادلي، أكد لـ(المدى)، ان “مواقف النجيفي غير واضحة ولديه مطالب تعجزية متمثلة بسقوفها العالية”. ورأى أن “الورقة التي سلمت لأمين عام الامم المتحدة لا يمكن اعتمادها.
وتشير المصادر، التي تحدثت لـ(المدى)، تكثيف المفاوضات بين التحالف الوطني واتحاد القوى، خلال شهر رمضان. وان الطرفين يحاولان الانتهاء من تشكيل اللجنة الفنية لتباشر عملها بعد عطلة العيد، على ان تقوم بدمج الورقة الموحدة (الممثلة للمكون العربي) مع أوراق المكون الكردي والتركماني والإيزيدي والمسيحي
والصابئي.
واتفقت اطراف التفاوض، بحسب المصادر، على بحث جميع المسائل الخلافية المتعلقة بملف التسوية، وإعداد الورقة المشتركة والموحدة للمكون العربي في المرحلة الحالية بعيدا عن الإعلام، تجنبا لانتقادات واعتراضات الاطراف المتحفظة على مشروع التسوية. وستعمل الاطراف المشاركة في كتابة بنود الورقة الموحدة ثم ارسالها الى البرلمان من اجل اقرارها كقانون باسم (قانون التسوية التاريخية)، ثم عرضه على الاستفتاء الشعبي.
وطرح التحالف الوطني، برئاسة عمار الحكيم، مبادرة التسوية قبل عدة أشهر وتهدف الى تصفير الأزمات والمشاكل الداخلية، تحضيرا لمرحلة ما بعد القضاء على تنظيم داعش في المناطق الغربية. وانفردت جريدة (المدى) بنشر نص (التسوية التاريخية) في عددها 3771 الصادر بتاريخ 31 تشرين الأول الماضي، وتم تداولها بشكل واسع محلياً وعربياً، وفتحت باباً للجدل حول إمكانية بلورة رؤية وطنية عراقية لما بعد داعش.
وتؤكد المصادر ان التحالف الوطني أعلن رفضه لورقة (بناء الثقة) التي قدمها أسامة النجيفي، معتبرا انها تعارض الدستور وتحاول سحب الشرعية عن النظام السياسي.
وفي السياق ذاته، يقول رعد الحيدري، عضو ائتلاف المواطن لـ(المدى)، ان “المباحثات حول ملف التسوية التاريخية تجري مع كل المكونات لكنها بطيئة”، مشيرا الى ان من المفترض ان تستكمل كل الأطراف، خلال فترة وجيزة، تقديم أوراقها لمبعوث الأمين العام للامم المتحدة.
وبحسب اعضاء من الفريق التفاوضي، ممن ساهموا في كتابة بنود ورقة التسوية، فان المشروع وضع على خمس مراحل، الأولى تتمثل في اعداد ورقة شيعية، والثانية تسلم أوراق المكونات الكردية والسنية وباقي الأقليات، والثالثة مناقشة الملفات، والرابعة التفاوض والحضور، والخامسة الإعلان عن نتائج هذه الورقة.
ويلفت الحيدري الى ان “اعلان ورقة التسوية سيكون متزامنا مع انتهاء عمليات تحرير مدينة الموصل من تنظيمات داعش”.
وكشف القيادي في كتلة الحكيم ان “التحالف الوطني اختار من يمثله في اللجنة الفنية التي ستكلف بدمج الورقتين الشيعية والسنية بورقة واحدة”، مشيرا الى “تعيين النائب إبراهيم بحر العلوم رئيسا لهذه اللجنة والقيادي في المجلس الأعلى حميد معلة نائبا له”. واكد الحيدري ان “هذه الشخصيات تم اختيارهم من كل قوى التحالف الوطني”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here