“الحزام الأخضر” فـي واسط طواه التقشّف والإهمال

واسط/ جبار بجاي
لم يختلف مشروع الحزام الأخضر في محافظة واسط الذي بلغت كلفة مرحلته الاولى ملياراً و270 مليون دينار عن الكثير من المشاريع العمرانية والخدمية التي تعثرت بسبب نقص الأموال، حتى طواه التقشف والإهمال وأصابه الاندثار، في وقت كانت الأنظار تتجه إلى هذا المشروع الحيوي لمواجهة العواصف الرملية والغبارية القادمة باتجاه مدينة الكوت إضافة إلى فوائده الأخرى في مجالات السياحة والاقتصاد حيث يعول عليه في تحريك صناعة الأخشاب في المحافظة.
يقول النائب الأول لمحافظ واسط رشيد عيدان البديري لـ (المدى)، إن “الحكومة المحلية كانت قد وضعت عام 2012 برنامجاً لتفادي العواصف الرملية التي تؤثر على مدينة الكوت طوال السنة والقادمة من الشمال والشمال الشرقي من خلال إنشاء حزام أخضر بطول 20 كم يحتوي على أكثر من 66 ألف شجرة وينفذ على مرحلتين ضمن تخصيصات مشاريع تنمية الأقاليم، تبلغ كلفة المرحلة الأولى ملياراً و270 مليون دينار”.
وأضاف البديري، أن “مشروع الحزام الأخضر يمثل أحد أهم المشاريع البيئية والسياحية في محافظة واسط وستكون له انعكاسات إيجابية كبيرة عند الانتهاء من إنجازه تتمثل بتحقيق جانبين مهمين هما الجانب البيئي والاقتصادي إذ سيخلق المشروع بيئة نوعية جيدة لمدينة الكوت إضافة إلى فوائده السياحية والاقتصادية المتعددة”. وأوضح البديري، أن “الأعمال المدنية الخاصة بالمرحلة الأولى التي يبلغ طولها 12كم وتقع في الشمال الشرقي لمدينة الكوت، انتهت كلياً وكان من المفترض البدء بعمليات غرس الأشجار التي ستكون على 12 خطاً تفصل بين خط وآخر مسافة محسوبة بحسب طبيعة أشجار الخط ومستوى نموها”، لافتاً إلى أن “موقع الحزام اختير في الشمال الشرقي والجنوب الشرقي للمدينة كونها منطقة تشهد باستمرار هبوب الرياح باتجاه مدينة الكوت وتحمل معها الغبار والأتربة بحكم جغرافية المناطق القادمة منها التي تتميز بكونها ذات طابع صحراوي يكثر فيها الغبار باستمرار”.
وقال نائب المحافظ إن “المشروع يعد مثالياً من حيث التصميم والتنفيذ ويتكون من 12 خطاً من الأشجار، يزرع في الخطين الأول والثاني أشجارا مزهرة قصيرة الارتفاع ومن ثم تبدأ الخطوط الأخرى بالتدرج من حيث الارتفاع وأن جميع الأشجار التي ستزرع فيه وعددها 66400 شجرة هي من الأنواع الملائمة لبيئة محافظة واسط ومنها الكازوينا واليوكالبتوس والأثل والسدر التي تتميز بتحمل الملوحة والجفاف ومن الشجيرات الأخرى شوك الشام والدفلة والددونيا وفرشة البطل والاسترليكس وشوك العرب إضافة الى النخيل”، مشيراً إلى أن “هذه الخطوط من الأشجار ستكون مقسمة إلى قسمين يتكون كل منها من ستة خطوط بعرض 60 مترا مع وجود سياج خارجي للحزام وترك مسافة مابين 10 ـ 15 متراً بين مجموعتي الخطوط يمكن أن تكون أماكن للاستراحة ووقوف المركبات مستقبلاً”.
وتابع البديري، أن “أعمال المرحلة الأولى التي تبدأ من مفترق الطريق الحولي قرب سيطرة الكوت – بغداد وبمحاذاة الطريق الحولي وصولاً إلى نهر دجلة جنوب شرق الكوت يفترض أن يتم الانتهاء منها كليا قبيل نهاية العام 2012 بعد ذلك البدء بأعمال المرحلة الثانية التي تشتمل على تشجير باقي المشروع ابتداء من مستودعات الوقود في منطقة الكارضية ( جنوب شرق الكوت ) الى الطريق العام الكوت – الناصرية وبطول 8 كم لهذه المرحلة وعرض 60 مترا”، مؤكداً أن “المشروع تعثر كثيراً بسبب نقص الأموال وإجراءات التقشف حتى أصابه الاندثار، وهذا يتطلب زيادة التخصيصات اللازمة لتنفيذه كي يتم المضي بهذا المشروع الذي يعد أحد أهم المشاريع المتعددة الأغراض، فهو يعمل كمصد للرياح والعواصف إضافة الى جوانبه السياحية والترفيهية والاقتصادية”.
وبين المسؤول المحلي، أن “عملية السقي للأشجار ستكون مثالية وبنظام يتم العمل به أول مرة في محافظة واسط ويسمى السقي بطريقة مغلقة والتي تتمثل بمد أنابيب تحت الأرض بعمق 70 سم ومن خلال تلك الأنابيب ستتم عملية سقي الأشجار”، مشيراً إلى وجود “ثلاث محطات للضخ ملحقة بالمشروع تدفع المياه من نهر دجلة الى مجموعة من الأحواض ومن ثم يتم ضخها عبر الأنابيب المغمورة تحت الأرض الى الأشجار المغروسة في المشروع والتي تتميز بكونها مقاومة للملوحة والجفاف إضافة الى قدرتها على مقاومة التقلبات الجوية وخضرتها الدائمة”.
ويذكر الناشط البيئي مصطفى جمال أن “الفوائد المهمة الأخرى لمشروع الحزام الأخضر، الحد من انجراف التربة الذي يحصل جراء عوامل التعرية الجوية المستمرة وكذلك تنقية الهواء وحماية مدينة الكوت من تأثيرات الغبار والأتربة والرمال المتحركة الى جانب كونه يساعد في صد الغازات السامة المنبعثة من المعامل الصناعية كمعامل الطابوق التي تقع غالبيتها الى الشمال الشرقي لمدينة الكوت وتكون لها تأثيرات سلبية مستمرة على المدينة.”
وقال جمال لـ (المدى )، إن “للمشروع أهمية اقتصادية كبيرة في المستقبل من خلال الاستفادة من تلك الأشجار في عدة مجالات صناعية منها صناعة الأدوية والأصباغ وصناعة الزيوت ومواد الفلين وكذلك إنتاج الفحم وغير ذلك من الفوائد الأخرى المهمة، ما يعني أن مشروع الحزام الأخضر من شأنه أن يحرك صناعة الأخشاب في المحافظة في المستقبل إذا ما تم إنجازه وفق المواصفات وضمن التوقيتات الزمنية الصحيحة”، لافتاً إلى أن “المشروع أصبح حالياً بحكم الميت وأنه من غير الممكن أن يحقق أهدافه في ظل الإهمال الذي طواه وعجز الحكومة عن توفير التخصيصات اللازمة له”.
يذكر أن معظم المدن العراقية ومنها مدينة الكوت، مركز محافظة واسط ( 180 كم جنوب شرق بغداد ) أصبحت تعاني من تصاعد الغبار الكثيف نتيجة المساحات الصحراوية الكبيرة الناتجة عن الجفاف وشح المياه مما ينذر بكوارث بيئية خطيرة مستقبلاً الى جانب التأثيرات الأخرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here