شناشيل : إسلام السلام .. أينه؟

عدنان حسين

[email protected]

لا تقولوا إنه ليس بالإسلام هذا الذي يقتل بدم بارد في لحظة واحدة العشرات من الاطفال الأقباط في مصر ومثل عديدهم من الشبان في بريطانيا، ويُزهق الأرواح بالجملة تفجيراً وحرقاً وغرقاً وقطعاً للرقاب بالسكاكين، ويدمّر الممتلكات والأوابد التاريخية، ويعرّض المدن الآمنة وسكانها إلى الموت والدمار في العراق وسوريا وليبيا وسائر بلاد المسلمين وغير المسلمين.
لا تقولوا .. فكلّ ما يجري إنما يجري باسم الإسلام تحت راية “لا إله إلّا الله، محمد رسول الله”، واستناداً إلى نصوص في القرآن والحديث والسنّة ولأئمة المذاهب المختلفة وفقهائها ومراجعها.
لا تقولوا إنه ليس بالإسلام .. فنحن لم نعرف غير هذا الإسلام .. إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح لم نعرفه .. أبقيَ غريباً علينا .. في المدرسة درّسونا الإسلام بوصفه ديناً شرساً غير رحيم مع الآخرين، يقوم على إعمال السيف في من لا يُسلِم وعلى قطع الرقاب والأيدي .. شددوا في تعليمنا وفي تحفيظنا الآيات التي تُظهِر صاحب هذا الدين، الله، لا شغل له في الآخرة غير إصدار الأمر للملائكة بأن يغلّوا الآخرين وحتى الخطّائين من المسلمين ويصلوهم الجحيم بكرة وأصيلاً، وكلما فنوا حرقاً في نار جهنم أعادهم الى الحياة ليُغلّوا ويُصلَوا الجحيم من جديد.
ومن على منابر الجوامع والحسينيات وحتى عبر الراديو والتلفزيون لم يكن الخطاب الديني ليختلف عن الدرس الديني في شيء، بل الأكثر حماسة في إسلام العنف والقسوة.
الذين قتلوا للتوّ الأطفال الأقباط في المنيا المصرية والشبان المسيحيين في مانتشستر البريطانية، وقبلهما في باريس وبرلين وسواهما، والذين قتلوا في ساعة واحدة أكثر من ثلاثة آلاف مسلم ومسيحي ويهودي وسواهم في نيويورك (11 سبتمبر 2001)، والذين يواصلون القتل الجماعي والتدمير الشامل في العراق وسائر البلدان الإسلامية، إنما جرت تعبئتهم بـ “الجهاد” وتحريضهم عليه والوعد لهم بالجنّة والحور العين والغلمان المخلّدين، في مدارسنا وجوامعنا وعبر محطات إذاعتنا وتلفزيوناتنا التي تبثّ سور القرآن والأحاديث النبوية وتفاسير الأئمة والفقهاء وخطب الجمعة وغير الجمعة.
الإسلام الذي تقولون إنه بريء من كل هذا الإرهاب المتوحش، نحن لا نعرفه .. إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح لم نره يوماً…  حجبته عنّا المدرسة والجامع والحسينية والتفاسير والفتاوى وبرامج الإذاعة والتلفزيون والكتب الدينية التي تتدفق كفايروسات الأوبئة بأسعار لا توازي كلفة أغلفتها وحدها.
هذا “الاسلام” المتوحش السائد في بقاع العالم وأمصاره الآن لن تتبدّل صورته ولن تتغيّر، وهذا التجييش الإرهابي الجاري باسم الإسلام وربّه ونبيّه لن يتوقف إن لم تُعدّلوا وتبدّلوا في منهاج الدرس الديني المدرسي وإن لم تشذّبوا وتهذّبوا الخطاب الديني المنبري والإذاعي والتلفزيوني، ليحلّ إسلام السلام والوئام والرحمة والمحبة والرأفة والمغفرة والتسامح محلّ “الإسلام” الإرهابي المتداول الآن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here