أطراف سُنيّة تتهم محافظ الأنبار بإعادة رموز ساحات الاعتصام

بغداد / وائل نعمة

من المتوقع أن تبدأ الشركة الاميريكية المكلفة بتأمين الطريق الدولي في غرب العراق، أعمالها خلال الشهر الحالي.
وتنتظر الشركة المعروفة باسم (مجموعة الزيتون) اجراءات التعاقد مع وزارة البلديات. ومن المؤمل ان توظف الشركة الاميركية عناصر عراقية من اهالي محافظة الانبار.

يأتي ذلك في وقت تراجعت حدة الهجمات المسلحة على الطريق الرابط بين طريبيل والرمادي، بعد حملة عسكرية اطلقتها الحكومة لتأمين محيط قضاء الرطبة.
وتكررت في الآونة الاخيرة هجمات داعش في المنطقة الصحراوية الغربية الواسعة، لمئات الكليومترات. ويعد الطريق الرابط مع الحدود الاردنية، مسلكاً تجارياً مهماً لعبور القوافل التجارية والنفطية، وهو ما دفع الحكومة المركزية للاستعانة بشركة اميركية، بحسب مسؤولين محليين.
وقتل التنظيم وخطف نحو 20 جندياً من الجيش العراقي الشهر الماضي، بعد وقوعهم في كمين وهمي نصبه التنظيم على الطريق الرابط بين الرطبة والرمادي.
وتنشغل حكومة العبادي، منذ عدة اسابيع، بالحديث عن تأمين الحدود والطريق البري عبر منفذ طريبيل. وتزامن الحديث عن الشركة الامريكية، مع مساعي كتلة سياسية لإقالة المحافظ صهيب الراوي.
وربطت اطراف سياسية مقربة من محافظ الانبار بين الحادثين، معتبرة ان الهجمات تستخدم “ذريعة” لإقالة المحافظ.
وفي مثل هذا الشهر العام الماضي، انطلقت اولى جولات تغيير محافظ الانبار صهيب الراوي، لكنها انتهت بعد 7 أشهر بتسوية سياسية اخرجت كتلة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي بوصفها أكبر
الخاسرين.
ويتهم الفهداوي وزعيم الصحوات احمد ابو ريشة، بالوقوف وراء الحراك المناهض للراوي، الذي اقاله مجلس المحافظة مرتين في غضون شهرين.
رموز ساحات الاعتصام
ويقول النائب عن الانبار وزعيم كتلة الحل البرلمانية محمد الكربولي ان “القوى السياسية الرافضة لبقاء الراوي في منصبه، ما زالت مستمرة في سعيها لإقالته من منصبه”.
وفي تصريح لـ(المدى)، أكد الكربولي، الذي اعلنت كتلته، مؤخرا، موقفها الرافض لبقاء الراوي، استمرار الحوارات مع الكتل السياسية لتحقيق ذلك الهدف.
ويصف النائب عن الانبار القوى التي تشترك مع كتلته للاطاحة بالمحافظ بانها “كتل سياسية تريد الاستقرار وبناء الانبار، وضدّ من شارك في ساحات الاعتصام”.
ويتهم الراوي، التابع للحزب الاسلامي، بانه ضمن الجهات المشاركة في ساحات الاعتصام التي شهدتها الرمادي والفلوجة في 2013، وتتهم بالتمهيد لسقوط المحافظة بيد داعش.
وتتداول المواقع الالكترونية صوراً لمحافظ الانبار الحالي في اعتصامات الرمادي، يجلس في خيمة الى جانب النائبين أحمد العلواني، وظافر العاني.
واختير الراوي في عام 2014 بدلاً من أحمد الدليمي، الذي أُعفي من منصبه بسبب وضعه الصحي. وتعرض الدليمي، صيف 2014، الى اصابة بليغة اثناء عمليات امنية ضد داعش في ناحية بروانة.
ويتهم النائب محمد الكربولي محافظ الانبار الحالي بـ”تبديد الاموال”، ووجود “شبهات فساد وسوء ادارة”.
ويتابع رئيس كتلة الحل ان “الراوي احتكر كل المناصب والاموال لصالح الحزب الاسلامي”، متهما المحافظ بتوزيع اموال تنمية الاقاليم التي يحصل عليها، وانه يقوم بتوزيعها على المدن التي ينحدر منها مسؤولو حزبه.
ويضيف الكربولي ان “الراوي يحاول ان يلمع صورة حزبه في الانبار، عبر تقديم خدمات لمناطق معنية”.
وكان الراوي قد اعلن، مطلع الشهر الحالي، تشكيل كتلة جديدة في مجلس محافظة الانبار، باسم (الاستقرار والإعمار)، في اشارة الى ان المرحلة المقبلة في الانبار ستكون لعملية اعادة الاعمار، التي يعتقد مؤيدون للمحافظ بانها ازعجت خصوم الاخير ودفعتها للمطالبة للاطاحة به. وكانت مصادرقد ذكرت لـ(المدى) بان الكتلة الجديدة، التي اعلن عنها المحافظ، قد استثنت (حركة الحل) التي تمتلك 4 مقاعد في المحافظة.
ويقول النائب الكربولي ان “طريقة احتكار الراوي الاموال والوظائف في الانبار، تدفعنا لاعادة النظر بالشراكة مع الحزب الاسلامي”.
ولم تمض على آخر مواجهة بين الطرفين سوى 5 اشهر، حتى جدّد بيان غامض اصدرته (حركة الحل)، قبل 3 اسابيع، الحديث عن تغيير المحافظ صهيب الراوي.
وقال البيان، الذي اصدرته حركة الحل، ان “الكتل السياسية المشاركة في الحكومة المحلية بمحافظة الانبار، اختلفت على استمرار صهيب الراوي، محافظا وطالبته بتقديم استقالته”.
بدوره يؤكد فرحان محمد، عضو مجلس محافظة الانبار ضمن الفريق الداعم للراوي، لـ(المدى) بان “المعارضة فشلت في جمع اغلبية بالمجلس لإقالة الراوي”.
ويزعم فريق الراوي ان عددا بلغ 18 عضوا في مجلس المحافظة، اذ تتطلب الاغلبية حصوله على 16 عضوا من اصل 30 مقعدا.
ويؤكد الفريق ان كتلة الوفاء، التي يتزعمها وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، بالاضافة الى كتلة جنيد الكسنزان وراء مشروع اقالة المحافظ.
ويعزو عضو مجلس المحافظة تنافس الكتل على منصب المحافظ، الى اقتراب المحافظة من الاستقرار وعملية اعادة الاعمار وحصولها على مليارات الدولارات كمنح دولية.
وكان تجمع سابق في الانبار يضم 19 عضواً في مجلس المحافظة، طرح نفسه باسم (فريق الاصلاح)، نجح باقالة الراوي لمرتين في آب وتشرين الثاني من العام الماضي، قبل ان ينتهي الامر بصفقة سياسية تقضي بتغيير رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، والابقاء على الراوي في منصبه.

تأمين طريق “الزيتون”
ويعتبر فرحان محمد ربط اقالة المحافظ بعقد تأمين الطريق الدولي بانه “ذريعة تتحجج بها بعض الاطراف لاخفاء نواياها الحقيقية”.
ومن المقرر ان تترك الحكومة العراقية مهمة تأمين الطريق الدولي الممتد من الحدود الاردنية حتى العاصمة بغداد، الى شركة أمنية أمريكية.
وكانت تسريبات كشفت، في شباط الماضي، عن طلب حمله رئيس الوزراء الاردني هاني الملقي، خلال زيارته الى بغداد، لإعادة افتتاح المعبر لتمتين العلاقة بين البلدين.
ويقول النائب محمد الكربولي ان “الشركة ستبدأ العمل في غضون الاسابيع المقبلة، ولن تتجاوز شهر رمضان الحالي”، مشيرا الى ان “الشركة تنتظر اتمام اجراءات التعاقد مع وزارة البلديات، وهي الجهة المسؤولة عن التعاقد على رخصة استثمار تأمين الطريق الدولي”.
وتعتبر مجموعة الزيتون او (olive group)، شركة امريكية حصلت على العقد لحماية الطريق الدولي، وتتهمها اطراف سياسية بالارتباط بشركة “بلاك ووتر” ذات السمعة السيئة لدى العراقيين، على خلفية تورطها بقتل مدنيين بشكل متعمد في وسط بغداد عام 2007.
ومن المفترض ان تضع الشركة سياجا على طول الطريق بعرض 5 كم، وتوفر الحماية على جانبي الطريق. فيما سيتواجد الجيش والشرطة على مسافة 2.5 كم عن آخر نقطة ضمن صلاحيات الشركة الامريكية.
وستحصل الشركة، بحسب التسريبات، على الايرادات من رسوم ستفرض على الشاحنات المارة بالطريق، كما يتعين على الشركة ان تدفع ضرائب للحكومة العراقية.
ومن المقرر ان تتعاقد الشركة الاستثمارية مع شركة حماية عراقية، مسجلة لدى وزارة الداخلية، يكون كادرها من العراقيين الذين يخضعون للتدقيق الامني.
ويقول النائب محمد الكربولي “اننا ندعم تواجد تلك الشركة خصوصاً وانها ستوظف ابناء الانبار”.
وكانت القوات العراقية، قد شنت عمليات تمهيدية لتأمين الطريق الذي ستعمل ضمنه الشركة. اذ يقول راجع العيساوي، نائب رئيس اللجنة الامنية في مجلس الانبار لـ(المدى)، بان “هجمات داعش قد توقفت على الطريق السريع والرطبة بعد العمليات العسكرية الاخيرة”.
واكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، مطلع أيار الحالي، أن القوات الأمنية بدأت بعملية “تطهير” شمال وجنوب قضاء الرطبة في محافظة الأنبار.
وكانت العملية التي شاركت فيها قطعات من الفرقة الاولى والثامنة بالجيش العراقي، قد دمرت عددا من مضافات داعش في الصحراء الغربية.
لكن العيساوي يعتقد ان الانبار “لن تكون بمأمن بدون تحرير غرب الانبار، واضاف “ننتظر نهاية معركة الموصل لتحرير عانة وراوة والقائم”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here