“جارك ثم جارك…”!!

حقوق الجيرة قيمة إنسانية معروفة تداولتها الأجيال المسلمة , وهناك أحاديث متكررة وصحيحة الإسناد والتوثيق تشير إلى هذه القيمة السلوكية الأخلاقية المهمة لسلامة المجتمع وصلاح الحياة وسعادة الإنسان.

وما شهدته العقود الماضيات في الدول المسلمة أن الجار أصبح عدو الجار , وأن الدول المتجاورة تقاتل بعضها , وتستثمر في العداوة والحروب وإستباحة الحرمات والحقوق والديار , بل وعاشت بعض الدول العربية حالات غريبة ومروعة , عندما أخذ الجار يفترس جاره إفتراسا مروعا , بإسم الفئويات والطائفيات , وتم تشريد عوائل وقتل أبناء دون ذنب أو جريرة سوى أنه أو إنها من غير ما غيرها عليه , وتلك فاجعة حلت بالإسلام والمسلمين ولا تزال عجلاتها تدور , ونسمع ونرى قصصها المرعبة المشينة المخزية للدين والدنيا.

الجار تحول إلى عدو الجار , وكأن قيم الإسلام تقضي بمعاداة الجار وقهره وظلمه وإهانته , وهذا ينطبق على الدول , فالعديد من الدول العربية تعادي بعضها وتستهتر بسلوكها تجاه جارها , وقد بلغ السلوك ذروته بإجتياح ديار بعضها.

وفي منطقة الشرق الأوسط تتعادى الدول المسلمة , وتستنجد بالأجنبي لمقاتلة بعضها والنيل من وجودها , فهذه إيران وتركيا والسعودية وغيرها في عداوة مخزية ومذلة , فكل منها يحيك الدسائس للآخر ويستعدي عليه أعداءه , ويتعاون مع عدوه للنيل من جاره المسلم وحصاره وقهر وجوده.

وهذا السلوك العدواني التجاوري هو الذي يجلب المصائب والنواكب على المنطقة ويديمها , فلو أن الجيران المسلمين قد ترجموا قليلا جدا من معاني جارك ثم جارك” , لتحققت السعادة والحياة الحرة الكريمة في جميع الدول المسلمة المتجاورة؟

ولو أن روح الأخوة الرحيمة تجسدت في السلوك والنفس والفكر , لما جرى الذي يجري في الواقع العربي وبين المسلمين , لكن الجميع قد أنكروا حق الجار على الجار ونسفوا الجيرة , وتحول الجار في شرعهم السلبي إلى عدوّ لئيم لا بد من تحشيد الطاقات للقضاء عليه وتدمير ما يمت بصلة إليه.

وبهذا السلوك العدواني المتبادل ما بين الجيران العرب والمسلمين , ضعف العرب والإسلام والمسلمون , وتحوّلوا إلى حالات مرفوضة في زمان تشتد فيه الهجمة على العرب والمسلمين , وجميعهم لا يعتصمون بحبل الحياة والقوة والدين , وإنما يتشرذمون ويتبعون وينفذون أوامر آخذيهم إلى جحيمات سقر!!

فهل سندرك معنى جارك ثم جارك؟!!

دصادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here