قانون حرية التعبير ومساعي التزوير

مرتضى عبد الحميد

يتصاعد احياناً قلق المواطن العراقي وخوفه، إذا سمع ان الجهة الفلانية أو شخصا ما، قدم مشروع قانون الى البرلمان العراقي لإقراره وتشريعه، لأنه يعرف جيداً، ان التطبيق العملي لبعضها، يتناقض كلياً مع الديباجة، أو المقدمة التي تتصدره. وهذه الحالة على ما يبدو هي جزء من الثقافة العامة للسلطات الرسمية، منذ زمن المقبور صدام حسين مروراً بالاحتلال، وامتداداته الأخطبوطية في الظروف الراهنة.

ربما يستطيع المواطن ان يهضم مرغماً، عدم تشريع مجلس النواب لقوانين مهمة، تلبي مصالح العراقيين، وحقوقهم، خاصة الشرائح والفئات الاجتماعية الكادحة ومحدودة الدخل، بسبب تركيبة المجلس الضعيفة اصلاً، والتشبث اللامحدود بالمحاصصة، وبالصفقات السياسية والاقتصادية المريبة على طريقة (شيلني وأشيلك).

لكنه قطعاً لا يستطيع تقبل أو استيعاب المساعي المحمومة لتشريع قوانين تزيد الطين بلّة، وتضيف بؤسا جديداً إلى حياته، وانتقاصاً كبيراً من حقوقه، على شحتها ومحدوديتها، وإدراجها في الدستور العراقي.

والمؤلم حقاً، عندما تقدم الجهة التي رفعت راية الإصلاح والتغيير، رغم أنها لم تستطع تحقيق شيء منهما إلا النزر اليسير، مثل هذا القانون (قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي)، ونعني بها الحكومة العراقية، حيث جاء مكبلاً لتطلعات العراقيين، وساعياً لكبح التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية.

لقد ورد في نص المادة (7) أولا (للمواطنين حرية الاجتماعات العامة، بعد إذن مسبق من رئيس الوحدة الإدارية قبل خمسة أيام في الأقل، على أن يتضمن الطلب موضوع الاجتماع والغرض منه، وزمان ومكان عقده، وأسماء أعضاء اللجنة المنظمة له) وفات واضعي أو مبتكري في هذا القانون، ان يطلبوا ايضا أعمار المشاركين في الاجتماع وأوزانهم، وألوان ملابسهم!

في الدول الديمقراطية لا يحتاج المتظاهرون أو المعتصمون سوى إشعار أو إخطار الجهة المعنية، الأمر الذي لايمكن تفسيره، إلا برغبة مسؤولينا في منح أنفسهم حصانة سلطوية، تمنع انتقادهم، أو أن تتظاهر ضد قرار اتخذوه بحقك إلا بعد موافقتهم.

كما أن القانون ورد فيه تعبير (الاجتماع العام) وليس التظاهرات والاعتصامات وحركات الاحتجاج الجماهيري فقط، مما يوفر الفرصة للتوسع في تفسيره وتأويله، ليشمل مجالس العزاء والأفراح بل حتى الجلوس في المقهى، او السير في الشارع سوية، بحجة عدم طلب الأذن بذلك!

إن مشروع القانون السيئ هذا، فيه الكثير من النواقص والسلبيات المقصودة، والتي لا تليق بالحكومة العراقية، ولا بمجلس النواب، اللذين يفترض فيهما، تقديم ما ينفع المواطن العراقي لا ما يضره، وما يعزز ويرسخ حرياته الشخصية والعامة، ويقلل من المصدات والعقبات التي تعترض عملية الإصلاح والتغيير، وتنتقص من الديمقراطية بشكل يدعو إلى الرثاء.

افسحوا المجال لمن يريد تعديل اتجاه البوصلة، التي انحرفت بعيداً عن مصلحة الشعب والوطن، وشرّعوا قوانين تضمن حرية التعبير والوصول إلى المعلومة فعلاً، لا ادعاءً وخداعا، إن كنتم صادقين في إخراج العراق من النفق المظلم الذي يعيش فيه الآن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة طريق الشعبص2

الثلاثاء 30/ 5/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here