مواعيد التحرير تصطدم بعقدة الموصل القديمة ومصير المدنيين

بغداد / وائل نعمة

كان عدد قليل من سكان المدينة القديمة، وسط الموصل، يجد طريقاً للهروب باتجاه القطعات العسكرية، قبل ان تتم محاصرة تلك الاحياء خلال الاسبوعين الماضيين.
لكن التنظيم بات اكثر شراسة بالتعامل مع الاهالي الذين يلقي القبض عليهم اثناء محاولتهم الفرار من “ارض الخلافة” كما يسمي التنظيم المناطق التي مازالت تحت سيطرته.

ويقول مسؤولون في الموصل ان داعش بات يقتل الفارين ويعلق جثثهم امام المارة، بهدف ردع بقية السكان الذي يحاولون الفرار من مسرح العمليات.
وتغاضى داعش خلال الاسابيع الماضية، بحسب المسؤولين، بعض الشيء عن هروب اهالي المدينة القديمة، لاعتقاده بان معركته الاخيرة مازالت بعيدة.
وتقترب القوات المشتركة، منذ يومين، من آخر 3 أحياء ملاصقة للمدينة القديمة، واغلبها اصبحت تحت السيطرة.
وأدت الظروف المشددة في المدينة القديمة تواجد عدد كبير من المدنيين الى اعطاء القيادة العسكرية مواعيد متضاربة لحسم المعركة.
ويتداول في الموصل سقف جديد لنهاية العمليات العسكرية هو منتصف شهر رمضان الحالي. ويعد الموعد الاخير، هو الثالث خلال الشهر الحالي، بعد ان كان السقف الاخير مطلع شهر رمضان الحالي، والموعد الذي سبقه كان قبل حلول شهر الصوم.
وشرعت القوات المشتركة، يوم السبت، بمهاجمة آخر معاقل داعش في الساحل الايمن بمحاذاة المدينة القديمة. وشارك في العملية، التي يتوقع أن تحسم بسرعة، ثلاثة تشكيلات عسكرية.
ويرجح ان تكون معركة وسط الموصل صعبة ومكلفة على المدنيين، وهذا ما دفع القيادة العسكرية، مؤخرا، الى تغيير خطتها والطلب من سكان تلك الاحياء بالخروج.
وبحسب مسؤولين محليين، فان الخروج لن يكون امر سهلاً مع حرص داعش على الاختفاء بين المدنيين الى اطول وقت ممكن.
ومع بدء عمليات تحرير الموصل أواسط تشرين الاول الماضي، حثت القيادة العسكرية أهالي الموصل التزام منازلهم وعدم مغادرتها، لكنها اخفقت في عمليات الاغاثة والاجلاء، اذ قتل ما لايقل عن ألف شخص خلال الاشهر الماضية، وفقا لتقديرات مسؤولين محليين.

التمثيل بالجثث
ويقول خلف الحديدي، عضو مجلس محافظة نينوى، ان “داعش صار اكثر اجراماً مع المدنيين بعد ان تمت محاصرة المدينة. بدأ بقتل الهاربين وتعليق جثثهم امام المارة”.
ويتوقع ان يسفر الهجوم العسكري الاخير لتحرير آخر ثلاثة احياء شمال المدينة القديمة، بفرض حصار مشدّد على المدينة القديمة.
ويؤكد الحديدي، في اتصال مع (المدى) امس، ان “القوات المشتركة تقترب من السيطرة على الزنجيلي، والاحياء الاخرى”، متوقعا ان يحدث ذلك خلال وقت قريب جدا.
لكنه لا يخفي خشيته من ان يدفع الحصار بمسلحي داعش الى استخدام آخر اوراقه، التي قد تكون الاسلحة الكيمياوية. ويقول “قبل خسارة التنظيم الاحياء القريبة من المدينة القديمة، كان يتغاضى عن هروب بعد السكان، لكنه اليوم لن يفعل ذلك، وسيبقى محتمياً بهم”.
وينشر داعش مجاميع من القناصة على اسطح المنازل، لمنع الفرار من المدينة، بالاضافة الى وضعه عددا من السيارات الملغمة في مداخل ومخارج الاحياء السكنية. ويتراوح عدد المسلحين في داخل المدينة القديمة بين 1500 الى ألفين مسلح، اغلبهم من الاجانب.
وكشف الفريق الركن عبد الغني الاسدي، قائد قوات مكافحة الإرهاب، امس، ان قواته “قتلت 119 عنصرا من التنظيم غالبيتهم مسلحون اجانب في حي الصحة الاولى بالمدينة”، حيث يدور الآن القتال هناك.
ويتوقع الحديدي ان يستمر القتال شهراً آخر في الموصل لجهة “التعقيدات العمرانية في المدينة القديمة وكثافة السكان”.
ومنذ اكثر من شهرين تطوق الشرطة الاتحادية المدينة القديمة، دون حسم واضح. وخلال تلك الفترة، خسرت الشرطة عددا من المقاتلين، بينهم ضابطان بارزان. ومن المرجح ان يشترك الجهاز مع قوات وزارة الداخلية، ضمن الخطة العسكرية الخاصة بتحرير وسط الموصل.
وكان مسؤولون في الموصل دعوا الى اسناد الشرطة الاتحادية في الموصل بقطعات اخرى. وتوقع مسؤولون محليون ان تواجه قوات وزارة الداخلية مشكلة في خوض حرب شوارع لتحرير المدينة القديمة، قياسا بجهاز مكافحة الارهاب.

الموعد الأخير
ويقول أحمد الجربا، النائب عن نينوى، ان “معركة المدينة القديمة ليست بالسهلة”، لكنه يؤكد لـ(المدى) ان “الموصل ستتحرر بالكامل بعد أسبوعين”.
ويعزو الجربا اعلان القيادة العسكرية اكثر من موعد لاكمال عمليات التحرير الى “تحصن داعش بالمدنيين، وبانه لم يعد لديه مفر آخر غير المواجهة”.
لكن الحديدي يقول ان “موعد الاسبوعين يمكن ان يتحقق لو نفذت القوات العسكرية خطة غير تقليدية لتحرير المدينة القديمة”. ويردف بالقول “لاأحد يعرف كيف ستتعامل القوات مع تلك المنطقة. بالتأكيد ستكون معركة فريدة”.
بدوره يؤكد الجربا ان القوات تتعامل بحذر شديد مع المدنيين، لاسيما بعد الخسائر التي خلفها قصف اميركي في آذار الماضي.
واعترفت البنتاغون، في تقريرنشر الخميس الماضي، بأسوأ خطأ ارتكبته خلال الحملة ضد تنظيم داعش. وقدر التقرير مقتل 105 مدنيين في قصف في 17 آذار في الموصل، لكنه نسب هذه الحصيلة إلى متفجرات مخزنة لدى المسلحين الذين يستعملون المدنيين في معاركهم.
ويقل الجربا عن شهود عيان في الحي الذي تعرض للقصف الاميركي، تأكيدهم “وجود سيارات ملغمة كانت مركونة قرب المنازل”.
وكانت تقديرات محلية عن عدد الضحايا في ذلك الحادث تراوحت بين 200 الى 500 شخص. واستهدفت الضربة الخاطئة شارعاً في وسط الموصل يتعدى طوله 70 متراً ويضم 30 منزلاً.
لكن النائب أحمد الجربا يرفض الإدلاء بمعلومات عن عدد القتلى في الساحل الايمن، الذي يؤكد بانه يفوق ضحايا شرق الموصل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here