فطرة السيد عبد العزيز الحكيم مع الكلاب السياسية!

أمل الياسري

يُحكى أن تاجراً عُرف بقسوة القلب، وكان يشتري عبداً كل عام، ليعمل عنده سنة كاملة ثم يتخلص منه، لكن ليس بتسريحه وإطلاق العنان له، ليبحث عن عمل آخر أو سيد آخر، بل يرميه لكلاب عنده، يكون قد منع عنهم الطعام أياما معدودات، فتكون النهاية بالطبع لذاك العبد مؤلمة، لأنه يعتقد أن التخلص من خدمه بتلك الطريقة، إنما هو طريقة للتخلص من مصدر، ربما يكون قد عرف الكثير من أموره وأسراره.

قام التاجر كعادته السنوية بشراء عبد جديد، وقد عُرف هذا الجديد بشيء من الذكاء والفراسة ، ومرت عليه الأيام في خدمة سيده، حتى دنا وقت التعذيب السنوي، جمع التاجر أصحابه للإستمتاع بمشهد الكلاب، وهي تنهش في لحم العبد المسكين، وكان كعادته قد توقف عن إطعام الكلاب أياماً، لتكون شرسة للغاية، لكن ما إن دخلت الكلاب على العبد، حتى بدأت تدور حوله، وتلعق عنقه بهدوء ووداعة لفترة من الزمن، ثم نامت عنده!

إحتار التاجر للمنظر، فقد تحولت لحيوانات وديعة رغم جوعها، فسأل العبد عن السر ، فقال له: يا سيدي لقد خدمتك سنة كاملة، فألقيتني للكلاب الجائعة، فيما أنا خدمت هذه الكلاب شهرين فقط، فكان منها ما رآيت، إن نكران الجميل أمر صعب على النفس البشرية، ولا يمكن قبولها وتحدث من الألم النفسي الشيء الكثير، فالفطرة السليمة عند الإنسان، أن مَنْ يقدم لك جميلاً، أن ترد بالمثل أوأجمل ، فلاننكره ونرد بالأسوأ.

هناك شخصيات أنصفت زمانها، لكن الزمان لم يفِ مع عزيز العراق، بأن دخلت دفات التأريخ بشموخ، وروضت صعاب الحوادث لتوقف الأعداء والخصوم، لكن المتربصون يستهدفونها لأن بعضهم يزايد هنا وهناك، فشخصية بحجم السيد سماحة السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره)، تجاوزت تجار الفتنة وصناع الدسائس، لشق الصف العراقي، وتحمل المعاناة ليمضي لقضية أكبر وأهم، وهي أن الوقت ليس وقت الإنتصار للذات، بل للوطن والمواطن، وبالفعل إنتصر سماحته بإعلان دستور العراق.

لقد خدم السيد عبد العزيز الحكيم(طاب ثراه)القضية العراقية، بكل ما أوتي من قوة وجرأة وحكمة، رغم مطاردة الكلاب البعثية الجائعة للدم الشيعي، وقد فجع برحيل أخيه شهيد المحراب (قدس سره)، على يد عصابات التكفير والإجرام، لكنه أصرَّ على أن الشعوب لاتتراجع عن حقوقها، فالفطرة السليمة عند الإنسان، مَنْ يقدم لك جميلاً فيرد بمثله لا نكرانه، فأبو عمار(عليه الرحمة)،تغافل عن كثير من الجزئيات، ولم يتهاون مع الثوابت الوطنية، فالتأريخ يصنعه الرجال.

كم من الكلاب الفاسدة، حاولت التعتيم على المنجز الحكيمي المعطاء، الذي صرف وقته لخدمة المشروع الوطني، فكلما دبَّ الإحباط بالآخرين أخذوا العزيمة منه، لذلك كان السيد عبد العزيز الحكيم، نِعمَ العبد الخادم المطيع لربه وأهله، بزهده، وعطفه، وإهتمامه، فالأسرة التي وهبت وطنها(63) شهيداً، لا يمكن أن يرد على الأبواق المأزومة، ليس ضعفاً وإنما دليل قوة لقلبه الواسع، الذي يسع العراقيين جميعاً، فسلام عليك يوم ولدتَ، ويوم رحلتَ، ويوم تبعثُ حياً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here