في أَوَّلِ ندوةٍ رمضانيَّة في [مُلتقى الأَخبار الوطني]؛لِحِوَارٍ بَيْنَ النَّجَفِ الأَشْرَفِ والأَزْهَرِ الشَّرِيفِ وَالفَاتِيكَان

                         نـــــــــزار حيدر

   ١/ إِنَّ أَصل الفكر التَّكفيري ينبع من مفهوم إِحتكار الحقيقة وإِلغاءِ الاخر، كما في قوله تعالى {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} وقولهُ تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

   ٢/ والتَّكفير هو توظيف الدِّين لأَغراض السِّياسة، وخاصَّةً لشرعنةِ السِّياسات المنحرفة والسُّلطة الشُّموليَّة والحُكم البوليسي.

   وإِنَّ أَوَّل من وظَّفَ التَّكفير لأغراضهِ السِّياسيَّة هم الخوارج ضدَّ الخليفة الشَّرعي الامام أَميرُ المؤمنين (ع) الذي وصف ذلك بقولهِ {أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ، وَلاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آبرٌ، أَبَعْدَ إِيمَاني بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ! لَقَدْ (ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)! فَأُوبُوا شَرَّ مَآب، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الاَْعْقَابِ، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلاً، وَسَيْفاً قَاطِعاً، وَأَثَرَةً يَتَّخِذُهَاالظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً}.

   ٣/ إِنَّ الاِيمانِ والكفر متلازِمتان لا يمكن إلغاء أَيٍّ منهما كما هو مفهوم سورة الكافرون {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.

   ولذلك يمكن القول أَنَّ الكُفر هو جزءٌ لا يتجزَّء من التعدديَّة وبالتَّالي تشتمل عليه الدَّعوة الى التَّعايش!.

   ولقد توفي رسول الله (ص) وفِي المدينة وحولها كفَّار ومشركون ونصارى ويهود ومنافقون ومن كل المِلل والنِّحل! لم يدع (ص) يوماً الى إِبادتهم والقضاء عليهم وتطهير الأَرض منهم! وذلك لسببٍ بسيطٍ جدّاً الا وهو لانَّ الله تعالى لم يأمر رسولهُ بذلك وانّما وصفهُ بالقولِ {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} وأَنَّ حريَّة العقيدة أَوَّلاً {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} كما أَنَّ حريَّة الاختيار فوق أَيَّة حريَّة أُخرى {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ}.

   حتّى الخوارج الذين كفَّروا أَميرَ المؤمنين (ع) برَّر لهم الامام فقال (ع) فيهم {لاَ تَقْتُلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي، فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ، كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ}.

   ٤/ كما انَّ التَّكفير مذهبٌ أَو عقيدةٌ موجودة على أَرض الواقع لا يمكن أَن ننتظر في يومٍ من الأَيام أَبداً أَنَّها تختفي من الوجود وبالتَّالي فانَّ التكفيريِّين كمنهجٍ لا يمكن أَن يختفوا من الواقع أَبداً والى هذه الحقيقة الثَّابتة أَشار أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ لمّا قتلَ الخوارج فقيل لَهُ: يا أمير المؤمنين، هلكَ القومُ بأَجمعهم، فقال: {كَلاَّ وَالله، إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلاَبِ الرِّجَالِ، وَقَرَارَاتِ النِّسَاءِ، كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِينَ}.

   ٥/ المشكلةُ، إِذن، ليست في الكفر والكافرين، بغضِّ النَّظر عن التَّعريف ومساحتهُ وما يشتمل عليه، أَو في وجود التكفيريِّين وإِنَّما فيما يترتَّب على ذلك من نتائج، فلو انَّ التَّكفيري يكتفي بتكفير الآخر لهانَ الخطْبُ إِذ يمكن وقتها أَن يردِّد هذا الآخر قول الله تعالى {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} إِلّا أَنَّ المشكلة هي أَنَّهُ يرتِّب حكماً على تكفيرهِ للآخر ثم ينفِّذهُ بأَقصى وأَقبح العقوبات والجرائم كالذَّبح وحزِّ الرِّقاب والحرق وسبي النِّساء وغير ذلك! وتلك هي المُصيبة!.

   ٦/ أَمّا الأَسباب التي أَدَّت الى إِنتشار الفكر التَّكفيري بشَكلٍ كبيرٍ في العالم وتحديداً في دُولنا العربيَّة والإسلاميَّة؛

   أَلف؛ إِنحسار الفكر الاسلامي الأَصيل، لأَيِّ سببٍ من الأَسباب! وعدم إِكتراث المؤسَّسات الدِّينية والتعليميَّة والثَّقافيَّة بنشر الاسلام الحقيقي القائم على الوسطيَّة والتَّعايش واحترام الآخر وتقاسم الحقيقة كما في قولهِ تعالى {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}.

   باء؛ الطَّائفيَّة التي يتشبَّع بها البعض لدرجةٍ أَنَّهم يُرحِّبون بالتَّكفيريين الذين انتهكوا أَعراضهم وسبَوا نساءهم وقتلوا شبابهم وأَهانوا كهولهم واستعبدوا عشائِرهم! ولكنَّهم في نَفْسِ الوقت لا يقبلونَ بالتَّعايش مع أَبناء جلدتهِم في البلدِ الواحد!.

   ولقد رأَيناهم في الأَيام القليلة الماضية كيف أَنَّهم شنُّوا حملةً طائفيَّةً شعواء ضدَّ المرجع الأَعلى لمناسبةِ مرور ثلاثة أَعوام على صدور فتوى الجِهاد الكفائي وتشكيل الحشد الشَّعبي! على الرَّغمِ من إِعتراف العدوّ قبل الصَّديق من أَنَّ الفتوى حمَت أَعراضهم أَولاً وانَّ الحشدَ حرَّر عِرضهُم وأَرضهُم أَولاً!.

   إِنَّهم يتعاملونَ بطائفيَّةٍ مع التَّكفير ومنابعهِ ومخرجاتهِ!.  

   جيم؛ المُجاملة عند الحديثِ والبحثِ عن منبع الفكر التَّكفيري في العالم وعدم وضع النُّقاط على الحروف، أَمّا الغرب فيُجاملُ حدَّ النِّفاق والازدواجيَّة في المعايير، فبينما يقرُّ القاصي والدَّاني بأَنَّ الحزب الوهابي وعقيدته الفاسدة والمحمي بنِظامِ [آل سَعود] الارهابي الفاسد، هو حاضنة الفكر التَّكفيري الذي فرَّخ كلَّ جماعات العُنف والارهاب في العالم وعلى مدى ثلاثة قُرون، وردَ ذلك بالنصِّ في جلسة الاستماع التي عقدها الكونغرس الأَميركي العام الماضي، ومع ذلك يتحاشى الجميع ذكرهُ فنراهُم يلفُّون ويدورون فيرموا الملائكة رُبما بالتُّهمة أَمّا نِظامُ القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربيَّة فيتحاشى ذكرهُ الجميع إِلّا اللَّمَم!.

   ومع إِعتراف الجميع بهذه الحقيقةِ الدَّامغة إِلّا أَنَّهم الى الآن يغضُّون النَّظر عن مراكز الحزب الوهابي ومؤسَّساتهِ الدِّينيَّة والتَّعليميَّة المنتشرة في الغرب، وهنا في الولايات المتَّحدة، والتي تُنتج تكفيريِّين هم بمثابة مشاريع إِرهاب وخلايا نائمة قيد الطَّلب!.   

   دال؛ التَّعميم عند الحديث عن المصادر التَّاريخيَّة التي يعود إِليها ويستلهم منها التكفيريُّون لإِثباتِ نظريَّاتهم وتكريسها كعقيدةٍ في ذهن الرَّأي العام، فيقولُ أَكثرُ الباحثين في الموضوع، بأَنَّ التُّراث الدِّيني أَو تاريخ المسلمين هو الذي يُنتج هذا الفكر التَّكفيري! في الوقت الذي يعرف الجميع بأَنَّ الاسلام الذي افترق الى مدرستَين بعد وفاةِ رسول الله (ص) وهما مدرسة أَهل البيت (ع) ومدرسة الخُلفاء، تخصَّصت الثَّانية بإِنتاج الفكر التَّكفيري الذي تبَلور بشَكلٍ واضحٍ وتمَّ توظيفهُ سياسيّاً بشَكلٍ كبيرٍ في العهد الأَموي وتحديداً في عهد الطَّليق ابن الطَّليق ابن آكلةِ الأَكباد مُعاوية بن أَبي سُفيان! ظلَّت مدرسة أَهل البيت (ع) تُمثِّل دور الضَّحيَّة لهذا الفكر المُنحرف عن الإِسلام من جهةٍ، ولعلَّ في كربلاء وعاشوراءَ تجلَّت هذه التَّضحية عندما قتلَ [إِسلامهُم] (يزيد بن مُعاوية) إِسلامَنا (الحُسين بن علي سِبْطِ رسول الله (ص) وسيِّد شباب أَهل الجنَّةِ عليه السَّلام).

   كما مثَّلت مدرسة أَهلُ البيت (ع) برسالتِها وقيَمِها وسيرتِها ومنهجِها الاسلام الحقيقي الوسطي والمُعتدل، الانساني الذي يستوعب الآخر مهما اختلفَ معهُ!.

   ولقد لخَّص أَميرُ المؤمنين (ع) هذه الفلسفة بنصفِ سطرٍ عندما كتبَ الى مالك الأَشتر النَّخعي لمَّا ولَّاهُ مِصر {وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالْـمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ}.

   وبصراحةٍ أَقولُ؛ إِنَّ التعميم يُرادُ به خلط الأَوراق لتضييع الحقائق والتستُّر عليها! وإِخفاء الجاني! لتحقيق أَهدافٍ سياسيَّةٍ وإِقتصاديَّةٍ ثمنها الدَّم وللأَسف الشَّديد! كما لاحظنا ذلك في نتائج زيارة الرَّئيس الأَميركي ترامب الأَخيرةِ الى الرِّياض! وكيف أَنَّهُ اعترف لآل سعود بقيادة [العالم الاسلامي] مُقابل نصف ترليون دولار!.

   ٧/ أَدعو الى تبنِّي حوارٍ ثلاثيٍّ بين [النَّجف الأَشرف والأَزهر الشَّريف والفاتيكان] لإطلاقِ التَّجديد في الفكر الدِّيني الوسطي الذي تعتمدهُ هذه المؤسَّسات الدِّينيَّة العِملاقة التي تقود حاليّاً العالم روحيّاً ومعنويّاً كونها أَكبر المؤسَّسات الدِّينيَّة وأَعرقها على الإطلاق وأَكثرها تأثيراً في العالم.

   إِنَّ مثل هذا الحوار الثُّلاثي الجدِّي والحقيقي يُساهمُ بشَكلٍ كبيرٍ في إِنحسار التطرُّف الدِّيني والتزمُّت ويُسقط شرعيَّة القِراءات الدِّينيَّة المغلوطة التي تسعى لتضليلِ الرَّأي العام وتحديداً النَّشء الجديد.

   ويُسقط كذلك شرعيَّة المؤسَّسات الدِّينيَّة التي تُشرعن الفكر التَّكفيري، والأُخرى التي توظِّف الدِّين الطَّائفي لاثارةِ الحروب العبثيَّة والفِتن التي مزَّقت الأُمَّة وشعوبها!. 

   كما أَنَّ مخرجاتهِ الإيجابيَّة، الحقيقيَّة والواقعيَّة، ستُساهم في مُحاصرة الفكر التَّكفيري بدرجةٍ كبيرةٍ وتقدِّم الدِّين كمصدرٍ للحياةِ والتَّعايش والتَّعاون والتَّكافل.

   ٨/ إِنَّ شهرَ الله الفضيل، شهر رمضان المُبارك، فرصةٌ ذهبيَّةٌ لاعادة قراءة القرآن الكريم بعقلٍ منفتحٍ ومُتجدِّدٍ، لاثارة الاهتمام بشَكلٍ أَكبر بالآيات المغيَّبة عمداً أَو المنسيَّة، فبينما يسعى التكفيريُّون بقراءاتهم الخاطِئة او النَّاقصة، عمداً أَو جهلاً، لا فرق، الى تبنِّي ما تشابهَ من آياتٍ القرآن الكريم لاثارةِ الفتنةِ كما يصف ذلك القرآن الكريم {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} أَو كما يصفُ ذلك أَميرُ المؤمنين (ع) بقولهِ {وَإِنَّهُ سَيَأْتي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ، وَلاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلاَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَلاَ أَنْفَقَ مِنْهُ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَلاَ فِي الْبِلاَدِ شَيءٌ أنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ أَعْرَفَ مِنَ المُنكَرِ!} ينبغي في مواجهة ذلك تبيين الحقيقة وإِثارة القراءات السَّليمة للقرآن الكريم وتسليط الضَّوء على الآيات المنسيَّة التي تنسف الفكر التَّكفيري من الأَساس، فالتَّكفيريُّون مصداقٌ واضحٌ لقولِ الله تَعَالَى في مُحكم كتابهِ الكريم {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}.

   ٩/ أَمَّا في الْعِراقِ، فمِن أَجل مُحاصرة الفكر التَّكفيري وآثارهُ فانَّنا بحاجةٍ الى شنِّ حملةٍ وطنيَّةٍ شاملةٍ لتكريس ثقافة الوسطيَّة والاعتدال والتعدديَّة والتَّعايش، ليس على مستوى الاعلام فقط وإِنَّما على مستوى التَّربية والتَّعليم كذلك!.

   لقد طغى التَّعليمُ الدِّيني على التَّعليمِ الوطني، وهذا يُساهمُ في الفَشَلِ ولا يُساهمُ في إِصلاحٍ العقليَّة ففي بلدٍ متنوِّع ومتعدِّد في كلِّ شيءٍ كالعراقِ ينبغي أَن يكونَ التَّعليم الوطني هو الحاكم، لنكرِّس الإِحساس بالوطنيَّة عند المواطن، أَمّا التَّعليمُ الدِّيني فلهُ مجالهُ وأَدواتهُ ومكانهُ.

   إِنَّنا نختلف في التَّعليم الدِّيني لأَنَّ كلَّ حزبٍ أَو طائفةٍ تتَّبع قراءاتها الخاصَّة! المتناقضة في أَغلب الأَحيان! أَمَّا في التَّعليم الوطني فلا يختلف عليهِ إِثنان!. 

   ٢٧ مايس (أَيار) ٢٠١٧

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here