نزعة بعض العراقيين في عملية النهب والسلب لممتلكات دولتهم وأغراض أبناء بلدهم

نزعة بعض العراقيين في عملية النهب والسلب لممتلكات دولتهم وأغراض أبناء بلدهم

من الملاحظ إنه لا توجد ضجة إعلامية عربية صاخبة بخصوص عمليات نهب المنازل المهجورة * في الموصل بعد تحريرها من عناصر داعش ، ربما لأن الأمر يرجع إلى كون الناهبين هم من أبناء الموصل ذاتهم !، فمن هنا هذا الصمت المطبق للإعلام العربي حاليا ، سيما إن قوات الحشد الشعبي تنشط ــ ميدانيا و عملياتيا حاليا ــ و ربما من حسن حظها ـــ خارج الموصل ، وبالتالي فلا يمكن اتهامها بعمليات النهب والسلب الآنفة الذكر ، بطبيعة الحال ، نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن قوات الحشد أو عن غيرها من مجاميع او ميليشيات مسلحة ، بقدر ما نود الإشارة إلى إن بعض العراقيين قد تفردوا بنزعتهم العجيبة بعملية السلب و النهب أما لممتلكات و أموال دولتهم ــ لا سيما ثناء الغزو الأمريكي للعراق ــ أو لأبناء بلدهم ــ لأموال اليهود المهاجرين سابقا ــ و فيما بعد خلال مراحل ” الفوضى الخلاقة ” ، وهو الأمر الذي لا يدعو إلى الافتخار بشرف الانتماء إلى هؤلاء السّلابة ، بقدر الشعور بالخزي لكونهم هم أيضا ينتمون للعراق ، وهم بهذه الصفات الرديئة والمعيبة ، و ذلك لأنه من المعروف من تجارب شعوب عديدة مرت بنفس التجارب المريرة والمعاناة الشديدة من أزمنة الحروب والكوارث و المحن الوطنية جعلت أبناءهم أكثر تماسكا و تضامنا و عونا فيما بينهم ، للخروج من الأزمة والوصول إلى شاطئ الأمان وضفة النجاة ..
غير إن الأغرب من كل ذلك هو : عدم التطرق إلى هذه الظاهرة الخطيرة ، إلا ما ندر و قّل و بشكل خجول و متردد / لا كتابة ولا تحليلا / إنما التزام الصمت ، كأنما قبولا به ، أو اعتبار إياه كأمر واقع مسلَّم به و كجزء من حقيقتنا و واقعنا وميراثنا العراقي المرير و التليد !! ..
هامش ذات صلة :
* (عمليات نهب تستهدف المنازل المهجورة في الموصل
الموصل: على الطريق الواسعة في حي الرفاعي بغرب الموصل، يسير الرجال والنساء والأطفال حاملين حقائبهم، ويجرون في الوقت نفسه عربات مليئة بالأغراض، لكنها ليست كلها أغراضهم الخاصة، بل هي اغراض سحبوها من منازل أشخاص آخرين.
ودفعت العملية العسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية بمئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، وبعضهم لم يتمكن من حمل أغراضه معه.
ويقول أحد شابين يحملان مروحة سقف وحقيبة ملابس “كانت هذه الاغراض لداعش. ألا ينبغي أن نأخذها انتقاما منهم؟”.
ويضيف “لقد نهبوا بيتي، لا نملك شيئا”.
فيرد عليه جندي في المكان “تريد الانتقام؟ إذا كنت شجاعا، احمل بندقية، ها هي الجبهة هناك”، مشيرا بإصبعه إلى مصدر أصوات الرصاص والقذائف.
ويضيف الجندي “أنت سرقت بيوت أشخاص آخرين”، آمرا الشابين ب”إعادة الأغراض إلى أماكنها”.
لكن الشاب يقول “إنها لداعش، أقسم بالله! (…) أخذنا ملابس فقط، لم يعد لدينا ملابس”.
فيرد الجندي بإصرار “ألا تخجلان؟ ألستما مسلمين؟ إذهبا! أعيدا الأغراض إلى مكانها”.
لا عنف ولا توتر بين أهالي المنطقة التي استعادتها القوات العراقية قبل أيام عدة.
يدخل عدد من الاشخاص ويخرجون بسلام، يأتون أحيانا بأيد فارغة ويغادرون بحقائب مليئة بالأغراض أو عربات تحمل ثلاجة أو أريكة.
ويقول رجل يركب دراجة هوائية لرجل شرطة “كل هؤلاء الأشخاص ليسوا من هنا”.
ومع اشتداد المعارك على بعد أمتار قليلة من المكان، تحاول القوات الأمنية ضبط حركة الداخلين والخارجين قدر المستطاع.
– سرقة من النازحين –
لكن من الصعب التحقق بشكل منهجي ما إذا كانت الأغراض التي يحملها الناس ملكا لهم.
ففي بعض الحالات، يحمل أشخاص أغراضا من الواضح أنها ليست على رأس قائمة الأساسيات لشخص هارب من الحرب: مروحة، أريكة، لفافات ثقيلة من القماش… وطاولة بعجلات.
تعيد قوات الأمن بعض هؤلاء أدراجهم، لكن البعض الآخر ينجح في الخروج بما حمل.
ويبرر معظم هؤلاء أفعالهم بالقول إنهم يأخذون الأغراض التي كانت تعود لتنظيم الدولة الإسلامية الذي صادر ممتلكاتهم من منازل وسيارات خلال حكمه الذي دام نحو ثلاث سنوات في المدينة.
ويقول الشرطي عباس علي “هذه كذبة. لا يمكنهم الدخول إلى مباني تنظيم الدولة الإسلامية”.
ويضيف “يأتون من أحياء أخرى للسرقة من المنازل”.
ويشير آخرون بصراحة إلى أن منازلهم نهبت، وأنهم يأتون بحثا عن أغراض وأثاث لإعادة تأهيلها.
ويوضح علي إنهم “يقولون إنهم لا يملكون شيئا، لكن ذلك لا يبرر سرقة ممتلكات الآخرين. هذه منازل نازحين”.
ويتابع “يتم إيقافهم ويُطلب منهم إعادة الممتلكات إلى حيث عثروا عليها. ما الذي يمكن القيام به أكثر من ذلك؟”.
ويمر فتى يجر صندوقا مغطى بستارة، فيرفع الشرطي الغطاء ليجد كابلات معدنية.
يواجه علي الفتى بالقول “أليست هذه كابلات كهربائية؟ عندما يعود الناس ألا يريدون الكهرباء؟”.
فيرد الصبي بنبرة الخائف “لقد وجدتها مقطوعة أصلا. من الله”.
يأمره علي بأن يعيد الأغراض إلى مكانها، قائلا “هذه مدينتك التي تنهبها”.
هامش : من الملاحظ إنه لا توجد ضجة إعلامية عربية صاخبة بهذا الخصوص لأن الناهبين من أبناء الموصل ذاتهم ، ولكون قوات الحشد الشعبي تنشط ــ عملياتيا ـــ خارج الموصل وبالتالي فلا يمكن اتهامها بعمليات النهب والسلب الآنفة الذكر ، بطبيعة الحال لسنا بصدد الدفاع عن قوات الحشد أو عن غيرها بقدر ما نود الإشارة إلى إن بعض العراقيين قد تفردوا بنزعتهم العجيبة بعملية السلب و النهب أما لممتلكات و أموال دولتهمــ أثناء الغزو ــ أو لأبناء بلدهم فيما بعد ، وهو الأمر الذي لا يدعو إلى الافتخار بشرف الانتماء إليهم .

عمليات نهب تستهدف المنازل المهجورة في الموصل
على الطريق الواسعة في حي الرفاعي بغرب الموصل، يسير الرجال والنساء والأطفال حاملين حقائبهم، ويجرون في الوقت نفسه عربات مليئة بالأغراض، لكنها ليست كلها أغراضهم الخاصة، بل هي اغراض سحبوها من منازل أشخاص

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here