داعش في طهران

أقول في البداية : إن داعش تتهاوى و تنكسر في كل المواقع والمواقف ، وهاهو شعب العراق البطل يلقنها الدروس تلو الدروس حتى كسر انفها وشوكتها ومرغها بالذل والهزيمة والهوان ، وهي تنكسر هناك في سوريا حيث الجيش والشعب وهم يحاربون صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص ، هي تنهزم و تندحر وهي تعلم جيداً ، إنه لولا إيران ودعمها الدائم للعراق ولسوريا لتغيرت خارطة العرب والمسلمين ، ولأصبح للإرهاب دولة وجيشاً وحكومة ، والعالم في ذلك لا مانع لديه طالما تتحقق مصالحه ويجني ما يريد مع الأسف وتلك حقيقة .
إن الفعل الجبان والغادر الذي قامت به داعش ومن حولها اليوم في طهران إنما هو بيان هزيمة وإنكسار واضح ، ونحن ندينه ونشجبه بشتى الوسائل والطرق وبكل قوة ، ونشد على أيد إيران وهي تجابه الإرهاب ونترحم على شهدائها ونتمنى لهم السعادة والرضوان ، إيران ليس اليوم تخوض حرباً مقدسة ضد هذا التخلف وهذا الغلو وهذا الشر و الطاعون النتن ، وإني مؤمن كما الكثيرون مؤمنين بقدرة إيران على تجاوز الصدمة بروح خلاقة سنرى نتائجها عما قريب ، وذلك لأن الشعوب الحرة ستنتصر دوماً وتلك هي حكاية التاريخ ، وداعش ليست بدعاً جديداً أستحدثه الغرب كما يزعم الزاعمون ، إنما هي هؤلاء المسلمون التكفيريون الأشرار الذين يرتعون حين يجدوا إن الحياة بخير ، ويستغلوا متنفس الحرية الذي تعطيه بعض الدول لرعايها ولغيرهم ، وليس ببعيد مثالنا هذا فهاكم أذكركم بجرائمهم في أمريكا وفي لندن وفي باريس وفي مدريد وفي برلين وفي موسكو ، هم أذن قتله مأجورين يعثيون في البلاد التي تعطيهم حق الحياة الخراب والفساد ( وهذا جزاء من يُحسن إليهم وإلى المسلمين ) .
أقول : ولدت داعش لكي تكرس الفرقة والفتنة وتزرع الشر بين الناس ، جاءت لتقتل الشيعة والمسيحيين والإيزديين وباقي أديان الخليقة ، جاءت مدعومة بفكر تراثي فاسد يروج لتاريخ من الخلفاء فاسدين ، وهي لم تأت من فراغ ، لكنها كانت نتيجة طبيعية لذلك الفساد والجريمة في تاريخ المسلمين وأخبارهم ، وهي لا تختلف في سلوكها ونهجها عن مرويات الصحابة وعن حروب الخلفاء وعن إضطهاد المخالفين ، ألم يكن ما فعله الحجاج داعشياً ؟ وألم يكن ما فعله يزيد بن معاوية داعشياً ؟ و ألم تكن فتنة مقتل عثمان داعشية ؟ وألم تكن الحرب الثلاثية ضد علي بن أبي طالب داعشية ؟ .
داعش هي هذا التاريخ وهذه الجريمة وهذا الزيف الذي يتغنى به الخطباء على المنابر في الجمعة وفي الجماعة ، ومن يناكف في ذلك من غير دليل عليه أن يعرف : [ إن داعش ليست صناعة غربية كما يحلو لمن يريد التفلسف ] ، بل هي هذا الكم الهائل من الزيف من الأخبار والكراهية الدينية لدى المسلمين ، ولكي يتخلص العالم من شرها على العالم ان يكون صريحاً وجريئاً ، وعلينا نحن معشر الشرق أن نخرج من عباءة القول الزائف [ الإرهاب لا دين له ] ، لا الإرهاب له دين أسمه دين المسلمين أتباع الكتب الصفراء التي تبيح الجريمة وتكفر الناس وتصنف الناس ، الإرهاب هم المسلمين المنافقين الذين يعتاشون على فتات ربا البنوك الغربية ثم يحرمون ويكفرون ويقتلون ، وعلى الغرب أن يخرج من نفاقه ويطرد هؤلاء من بلاده ، وكفى فعلاً كفى كما قالت رئيسة وزراء بريطانيا كلاماً عن الحقوق والحريات ، فالحقوق والحريات لمن يستحقها ، وليست لمن يستغلها في القتل والذبح والتفجير ، وليعلم هؤلاء المرضى إن العالم ليس مستشفى ولا طبابة ، لذلك على العالم الحر لفظهم خارجاً وإنزال القصاص العادل بهم .
في شهر رمضان المفروض أن يكون شهر الرحمة والمحبة والسلام ( هذا المفروض ) ، ولكن ما يحلو للمسلمين فيه هو قتل بعضهم البعض هكذا هي السيرة الصالحة الشريفة العفيفة التي يتغنون فيها ، وفي هذه المناسبة أقول : لرئيس الوزراء العراقي أحسموا معركة الموصل يرحمكم الله ، وطهروا البلاد من شرورهم ، ولا تستنزفوا الوقت في المبررات التي لا معنى لها ، وشعب الموصل يريد أن يرتاح يريد الحرية أحسموها الآن الآن وليس غداً ، وعلى الحشد الشعبي السير بثقة وعزيمة وعدم التوقف ولا يضرهم نباح الكلاب ، وكل شعب العراق يريد السلام يريد الإستقرار يريد أن يقطف ثمار التغيير ، ساعدوه لأنه أهل لذلك .
داعش لم ولن تدخل طهران فهناك فيها جيش وحرس شديد ، وأنا واثق إنه سيلاحقهم حيثما كانوا والعبرة بالأيام ، مرة أخرى أحيي كل المقاتلين الأبطال في العراق ، أحيي الجيش والحشد والشعب الصابر ، وأحيي تضحيات جيش سوريا وهو يقدم ملحمة هي غير كل الملاحم ، وأحيي شهداء العراق وسوريا وإيران ولبنان وكل من يدافع عن الإنسان ، وأحيي شهداء أوربا والعالم الرافض للظلم والجريمة ، لهؤلاء جميعاً كل التحية وكل الإجلال ..

راغب الركابي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here