الشقيقان ماوتي ..”القنبلة الموقوتة” الإسلامية في جنوب شرق آسيا

يصف عمر الخيام روماتو ماوتي نفسه على صفحته على فيسبوك بأنه “قنبلة موقوتة تسير على قدمين”.

بدا هذا الوصف ملائما عندما اجتاحت مجموعة من المتشددين بقيادة عمر الخيام وأحد أشقائه مدينة في جنوب الفلبين يوم 23 مايو أيار وزينوا أزقتها برايات تنظيم الدولة الإسلامية السوداء.

كانت الحكومات في جنوب شرق آسيا تترقب الوقت الذي يتطلع فيه تنظيم الدولة الإسلامية المتقهقر في العراق وسوريا لإقامة “دولة خلافة” في المنطقة ويصبح خطرا مروعا فيها.

وقال رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونج للإذاعة الاسترالية يوم السبت مع اقتراب معركة استعادة مدينة ماراوي الفلبينية من نهاية أسبوعها الثالث بعدد قتلى يقترب من 200 “الشرق الأوسط يبدو وكأنه بعيد جدا. لكنه ليس كذلك. وهذه مشكلة (تعيش) بيننا. الخطر حاضر وجلي”.

نشأ عمر الخيام وعبد الله ماوتي مع عدد آخر من الأشقاء والشقيقات في ماراوي ذات الغالبية المسلمة في بلد أكثر من 90 في المئة من سكانه مسيحيون.

وعلى مر التاريخ كانت ماراوي مركز الإسلام في جزيرة مينداناو الشاسعة التي أصبحت مقاومة السلطات فيها عرفا منذ عهد الاستعمار الأسباني. وساهم الفقر وإهمال الحكومات المتعاقبة في ذلك خلال العقود الأخيرة.

وقال أحد جيران أسرة ماوتي إن الشقيقين كانا يبدوان كأي شابين عاديين خلال سنوات المراهقة في التسعينات. فقد درسا اللغة الانجليزية وحفظا القرآن وكانا يلعبان كرة السلة في الشوارع.

ويقول الجار الذي كان في فترة من الفترات من المتشددين الإسلاميين واستسلم للحكومة “مازلنا نتعجب لماذا آل بهم الحال إلى الدولة الإسلامية. فهم ناس طيبون متدينون. وعندما يحفظ شخص القرآن فمن المستبعد أن يرتكب الخطأ. لكن هذا هو ما حدث للشقيقين”.

في السنوات الأولى من الألفية الثالثة درس عمر الخيام في مصر وعبد الله في الأردن حيث أتقنا اللغة العربية.

ذهب عمر الخيام إلى جامعة الأزهر في القاهرة حيث التقى ابنة أحد رجال الدين المحافظين في اندونيسيا. وتزوج الاثنان وعادا إلى اندونيسيا. وفيها عمل عمر الخيام بالتدريس وفي عام 2011 عاد ليستقر في مينداناو.

وربما يكون عمر الخيام قد اعتنق الأفكار المتطرفة في تلك الفترة لا عندما كان في الشرق الأوسط.

وقال خبير مكافحة الإرهاب سيدني جونز المقيم في جاكرتا في تقرير صدر عام 2016 إنه خلال الفترة التي قضاها في القاهرة “لم يعتبره أي من زملائه الطلبة من ذوي الميول المتطرفة على الإطلاق كما أنه يظهر في صور كشاب مفتون بشقيقاته الصغيرات ويلاعبهن مع أسرته ذات العدد المتزايد على شاطيء البحر الأحمر”.

ولا يعرف الكثير عن حياة عبد الله بعد ذهابه إلى الأردن وليس من الواضح متى عاد إلى إقليم لاناو دل سور الذي تقع فيه مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو.

وقالت مصادر استخباراتية إن الأسرة بها سبعة أشقاء وأخ غير شقيق شاركوا جميعا باستثناء واحد في معركة ماراوي.

* ذكاء وفصاحة

كانت أسرة ماوتي أسرة ميسورة الحال في مجتمع قبلي مترابط للاحترام والشرف والقرآن فيه أرفع المنازل.

وقال اللفتنانت كولونيل جو آر هيريرا المتحدث باسم الجيش إن للأم مكانة كبيرة في عشيرة ماراناو التي تنتمي لها أسرة ماوتي ولذا لعبت أمهم دورا محوريا في حياتهم.

وأضاف أن فرحانة ماوتي ساعدت في تمويل الجماعة وكانت توجه التجنيد ونشر الأفكار المتطرفة بين الشباب في مجتمعها. ويقول الجار إن الأم تدير نشاطا تجاريا في الأثاث والسيارات المستعملة.

ويوم الجمعة تم احتجازها خارج ماراوي في سيارة محملة بالأسلحة النارية والمتفجرات. وكانت تلك ضربة كبيرة للمتشددين على حد قول هيريرا لأنها كانت “قلب تنظيم ماوتي”.

وفي يوم سابق تم اعتقال الأب الذي يعمل مهندسا في مدينة دافاو التي تبعد 250 كيلومترا.

وعندما بدأ حصار ماراوي كان عدد المتشددين المشاركين فيه عدة مئات بعضهم من دول بعيدة مثل المغرب واليمن. غير أن المسؤولين العسكريين يقولون إن أغلب المهاجمين كانوا من أربع جماعات محلية متحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية وعلى رأسهم جماعة ماوتي.

ويقول جونز إن جماعة ماوتي بها من بين الجماعات المؤيدة للدولة الإسلامية في الفلبين “أذكى الأعضاء وأفضلهم تعليما وأكثرهم دهاء”.

قالت سميرة جوتوك توماويس الزعيمة المدنية على المستوى المحلي والتي تعرف بعض أفراد عائلة ماوتي إن الإخوة يعتمدون اعتمادا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي في تجنيد أتباعهم الصغار ونشر أفكارهم المتشددة.

وقالت “عائلة ماوتي نشطة جدا على الانترنت. فعلي يوتيوب ينشرون أفكارهم. وهم فصحاء ومتعلمون ومثاليون”.

وقال جار أسرة ماوتي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه حفاظا على سلامته إن مقاتلي الجماعة يتمتعون بالشجاعة.

وفي الشهر الماضي ظل محاصرا خمسة أيام في بيته المكون من ثلاثة طوابق يتابع المعركة بين المتشددين والقوات المسلحة الفلبينية بينما كانت نيران القناصة تئز من حوله والطائرات تلقي بقنابلها من السماء.

وفي 28 مايو أيار جاءت مجموعة مكونة من سبعة مقاتلين، تعرف على عمر الخيام بينهم، إلى بيته وسألوه لماذا لم يرحل. وعندما قال لهم إنه يخشى أن يجد نفسه وسط النيران دلوه هو وعددا آخر من الناس إلى جسر يؤدي إلى خارج المدينو وأعطوه قطعة من القماش الأبيض للتلويح بها.

* “أريد أن أقتلهما الآن”

ظهرت جماعة ماوتي أول ما ظهرت عام 2013 في تفجير ملهى ليلي بمدينة كاجايان دي أورو القريبة. وتنامت مكانتها منذ ذلك الحين وكان أبرز أعمالها تفجير وقع العام الماضي في سوق بمدينة دافاو مسقط رأس الرئيس رودريجو دوتيرتي.

وقال أفراد من عائلة ماوتي وقعوا في أيدي السلطات إن هجوم دافاو أمر به إسنيلون هابيلون من جماعة أبو سياف التي تحارب منذ التسعينات من أجل استقلال إقليم إسلامي لكنها معروفة أيضا بنشاطها كعصابة من المجرمين والخاطفين.

وقد ظهر هابيلون الذي أعلنه تنظيم الدولة الإسلامية أميرا على جنوب شرق آسيا في فيديو نشر الأسبوع الماضي وظهر فيه متشددون من بينهم الشقيقان ماوتي وهو يخططون لضرب نطاق على ماراوي بحيث تصبح جيبا معزولا. وقال هيريرا إن أسرة ماوتي تتمتع بدعم قوي في ماراوي.

وأضاف “فهذا مكانهم حيث توجد الأسرة وحيث ثقافتهم وميراثهم”.

غير أن خانا أنور مارابور أحد أعضاء مجلس مدينة ماراوي قال إن أسرة ماوتي خلقت أعداء لها في المنطقة باعتناقها الأفكار المتطرفة.

وقال لرويترز إنه توجه إلى الشقيقين في اليوم الذي بدأ فيه الهجوم على ماراوي وطلبا منه مغادرة المدينة.

وأضاف “طلبا مني أن أرحل لأن الخلافة … أمرت بذلك. وعاملوني وكأنني عدو. وأنا أريد أن اقتلهما الآن.”

(إعداد منير البويطي للنشرة العربية – تحرير سها جادو)

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here