اجراءات احترازية ضرورية لانجاح عملية الاستفتاء

جواد كاظم ملكشاهي
لاشك في ان عملية الاستفتاء المزمع اجراؤه في الخامس والعشرين من شهر ايلول المقبل ستواجه مواقف مختلفة من اصدقاء واعداء الشعب الكوردي على مستوى العراق والمنطقة والعالم ، بالتاكيد الاصدقاء سيدعمون المشروع بسبل مختلفة والاعداء المتربصون سيحاولون كل بطريقته الخاصة اعاقة العملية من الجوانب الامنية واللوجستية والاعلامية ، لوضع اثر سلبي على نفسية الشارع الكوردي وايجاد حالة من الرعب والايحاء الى تداعيات خطيرة على مستقبله فيما لو تمت عملية الاستفتاء.
لنرى من هي الاطراف التي يمكن ان يكون لهم دور في التأثير امنيا واعلاميا لأعاقة العملية ، بتقديري تنقسم على ثلاثة اطراف رئيسة وهي:
1- الطرف الداخلي او المحلي الكوردستاني
2- الطرف العراقي (الاحزاب الشوفينية المرتبطة باجندة اقليمية)
3- الاطراف الاقليمية التي ترى ان العملية تشكل مخاطر مباشرة على وضعها الداخلي.
الطرف الاول هم الخلايا النائمة المرتبطة بالارهاب بشكل عام وبالاخص بتنظيم داعش الارهابي ، وهؤلاء يحتمل ان ينفذوا بعض العمليات الارهابية هنا وهناك لارعاب الجماهير التي تنتظر بلهف وشوق كبيرين يوم 25 ايلول للمشاركة في كرنفال الاستفتاء ، والطرف المحلي الاخر هم بعض الاطراف السياسية التي تعارض العملية من اجل مصالح حزبية وهؤلاء سوف يسعون لشن حملات اعلامية شاملة ودعائية وحرب نفسية بوساطة وسائل اعلامها لخلق حالة من اليأس والاحباط لدى المستفتي الكوردي فضلا على بعض التجار الكبار الذين لايهمهم سوى جمع ارباح كبيرة عن طريق احتكار السلع الضرورية ورفع اسعارها وارباك السوق واستغلاله لجني الاموال على حساب مصير شعب كوردستان.
اما الطرف الثاني فهم الاحزاب العراقية الشوفينية المرتبطة باجندة اقليمية والتي لم تعارض عملية الاستفتاء وحده فحسب ، بل سعت منذ عملية التغيير في 2003 وبشتى الوسائل والسبل لمحاربة الاقليم وشعب كوردستان ولو كانت لها القدرة والظروف مهيأة لها لأنقضت على اراضي الاقليم وحسمت الامر عسكريا على غرار سياسات النظام المباد الذي جرب حظه العاثر لعقود من الزمن في شن حروب مدمرة وارتكاب جرائم الانفالات واستخدام الاسلحة الكيماوية والابادة الجماعية بكل ما يحمله المصطلح من معان ولكن من دون ان يحقق هدفه الستراتيجي بحسم الامر لصالحها.
بأعتقادي تلك الاطراف السياسية ستحاول بوساطة ماكناتها الاعلامية وامكانياتها المادية المسروقة من قوت الشعب العراقي ان توظف جميع طاقتها الدعائية وبالتنسيق مع الاطراف الاقليمية المرتبطة بها لشن حرب نفسية على الشارع الكوردي وارعابه من تداعيات المشاركة في الاستفتاء وتضع امام المستفتي الكوردي صورة قاتمة ومظلمة للمستقبل عن طريق تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام ، كما ستسعى تلك الاطراف الى تعميق الهوة وتعقيد المشاكل والخلافات بين بغداد واربيل بشتى الوسائل ربما يصل الى حد وقوع مصادمات بين البيشمركة والقوات الامنية الاتحادية وبالاخص الحشد الشعبي في بعض مناطق التماس المتشنجة و الملتهبة اصلا وبالاخص في كركوك ومناطق سنجار وسهل نينوى.
والطرف الثالث المتمثل بالدول الاقليمية فانها ستسعى بالتنسيق مع القوى السياسية والميليشيات المرتبطة بها واجهزتها المخابراتية والاستخباراتية الى شن حرب متعددة الجوانب على الاقليم في المدة المتبقية لاجراء عملية الاستفتاء.
بتقديري تلك القوى ربما تقوم ببعض العمليات العسكرية في المناطق الحدودية بحجج وذرائع واهية فضلا على اعاقة التبادل التجاري وليس قطعه بالكامل لانها ستتضرر هي ايضا فضلاً على توظيف وتحريك الطابور الخامس داخل المدن الكبيرة وبالاخص في اربيل والسليمانية ودهوك وايجاد حالة من الهلع والرعب والاحباط النفسي  بين سكان الاقليم لصرف الانظار عن القضية الجوهرية (الاستفتاء) والهائهم بقضايا جانبية عسكرية وامنية والاهم التأثير على السوق واحتكار السلع الضرورية اليومية التي يحتاجها المواطن وترهيبهم من تداعيات عملية الاستفتاء على مستقبلهم وربما تحريض بعض الميليشيات المرتبطة بها لاستفزار قوات البيشمركة في المناطق الحساسة.
هذا ملخص ما ستقوم به الاطراف الثلاثة الى حين يوم الاستفتاء وستتبعها خطط اخرى بعد انتهاء عملية الاستفتاء سادونه في مقال اخر باذن الله.
لكن ماهي الاجراءات الاحترازية لتجنب اي طارئ او التقليل من تأثير ما سيقوم به العدو او الطرف المعارض لعملية الاستفتاء؟ برأيي المتواضع تتخلص بالنقاط الآتية :
1-االرد على الاعلام المضاد وتأثيراته النفسية التي تسعى لايجاد حالة من الخوف واليأس والاحباط وتدني معنويات المستفتي الكوردي بوساطة توظيف جميع الامكانيات الاعلامية الحزبية والاهلية من فضائيات وصحافة ورقية والمواقع الالكترونية فضلا على توجيه الاجهزة الحزبية لتنظيماتها ومؤيديها واصدقائها للعمل الدؤوب ونشر كل مايدعم عملية الاستفتاء بوساطة نشر المقالات والبوستات والمداخلات على المواضيع التي ستطرح عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي لزرع الامل والطمأنينة في نفوس المواطنين وحثهم بضرورة المشاركة الفاعلة في الاستفتاء والاجابة عن السؤال بنعم من دون الالتفات الى كل ما يدور من حوله من اساليب عدائية و مغرضة ، لاشك في ان التماسك واللحمة الوطنية بين الجماهير الكوردستانية و وقوفها خلف قيادتها بعزم وارادة قوية هو الرد الحاسم على جميع الاعداء المحليين والقوى الشوفينية والاطراف الاقليمية ، لذلك على الاعلام الوطني العمل من اجل الاعداد النفسي للجماهير بوساطة برامجها المختلفة الحوارية والفنية فضلا على نشراتها الاخبارية.
2-توجيه قوات البيشمركة في المناطق الحدودية مع دول الجوار وفي مناطق التماس مع الجيش والقوى الامنية العراقية المتعددة بضرورة الاستعداد لاي طارئ و ضبط النفس امام اية عملية استفزازية للطرف المقابل بغية عدم انجرارها لمصادمات لا سامح الله ، لان هذا سيكون له تاثير نفسي سلبي كبير على الوضع الداخلي بشكل عام و المواطن الكوردستاني بشكل خاص.
3-توجيه جميع الاجهزة الامنية من المخابرات والامن (الاسايش) والشرطة وغيرها بضرورة متابعة الاوضاع بدقة متناهية والتحرك على اية حالة مشكوك بها مهما تكن صغيرة ومتابعة الاماكن العامة والمزدحمة بالسكان بوساطة رجال الامن ومراقبة عمل التجار الكبار وضعفاء النفوس الذين ربما سيستغلون الفرصة للسعي لاحتكار بعض السلع الضرورية لرفع اسعارها والحصول على ارباح كبيرة التي سيكون لها تاثير سلبي كبير على نفسية ومعنويات المواطن الذي يراد له ان يشارك في عملية الاستفتاء بهدوء وطمأنينة.
4-وضع رقابة امنية صارمة على القنصليات الاجنبية ومكاتب علاقات الدول المختلفة فضلا على الخبراء العسكريين واصحاب الشركات الاجنبية وبالاخص النفطية وايضا المستثمرين الاجانب لتفويت الفرصة على الارهابيين والاعداء المحليين والاجهزة المخابراتية المعادية ، التي ربما تسعى للتعرض لتلك الاماكن او النيل منها بوساطة عمليات الاغتيال او الاختطاف لايجاد حالة من الفوضى بينها واستغلاله اعلاميا في الحرب النفسية التي قائمة هي اصلا منذ سنوات.
5-توجيه حمايات الشخصيات الحزبية والحكومية بضرورة الحذر والدقة في مرافقة المسؤولين للحفاظ عليهم من اي خطر محتمل و تجنب اي حادث لا سامح الله ، لان اي اخلال بالامن ومهما يكن صغيرا وكبيرا سيكون له تاثير سلبي في تشديد الصراعات.
6-الرقابة الامنية المتشددة على ابار النفط المنتجة و السدود و محطات توليد الطاقة الكهربائية و تصفية المياه والتصريف الصحي من اية حوادث محتملة كالانفجارات او تلويثها بالمواد الكيماوية لخلق ازمة في الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، وربما عملية التسمم بالغذاء الفاسد الذي حدث في مخيم حسن شام للنازحين في منطقة الخازر التي ادت الى تسمم المئات من النازحين بداية لتلك التحركات.
7-تعاون المواطن مع القوى الامنية بشكل كامل والاخبار فورا عن اية حالة مشبوهة وعدم الاكتراث لما يروج محليا من دعايات مغرضة وبوساطة الاعلام المضاد والوقوف بعزم وارادة وصلابة خلف حكومة الاقليم ودعمها واسنادها بجميع السبل المتاحة بوصفها المرتكز الاساس لانجاح عملية الاستفتاء.
8- ينبغي لحكومة الاقليم ان تقوم بواجبها تجاه المواطنين بشكل عام خاصة ذوي الدخل المحدود من قوات البيشمركة والموظفين والعمال والكسبة والطبقة الفقيرة بوساطة صرف الرواتب في موعدها وضبط الامن وتقديم افضل الخدمات للمواطنين من الماء والكهرباء وغيرها مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف المتبقية للاستفتاء لتشجيع المواطن على المشاركة في عملية الاستفتاء.
نتمنى ان يشارك شعب كوردستان بشكل فاعل وفي ظل اجواء آمنة ومستقرة في عملية الاستفتاء وابداء رأيه بشأن مصيره ومستقبله مع امنياتنا لجميع شعوب المعمورة وبالاخص شعوب المنطقة بالامن والاستقرار و وضع نهاية للحروب والدمار والويلات والمآسي التي حلت بشعوب المنطقة في الحقب الماضية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here