الإمام علي بن أبي طالب (ع)

سالم سمسم مهدي

إذا كان محبي الإمام علي يبكونه لأنه قتل فيما مضى مرة واحدة فأنه وللأسف يقتل كل يوم في واقعنا الراهن ألف مرة يقتله بلا خجل الكذابين واللصوص والمحتالين والمنافقين الذين اتخذوا من أسمه الشريف ستاراً لموبقاتهم وتعدياتهم على كرامة الوطن التي أستشهد الإمام في سبيلها …

بما لا يقبل الشك أن الإمام حالة فريدة تحظى بإجماع من قبل الموالين والمعادين على أنه شخصية لن تتكرر أبداً وهذا ما اعترف به عدوه اللدود معاوية في مجالسه الخاصة امام من يعرفون شمائل الامام بوضوح أما العامة فأن لأعدائه وفي مقدمتهم أبن أبي سفيان هناك موقف أخر قائم على الغش والكذب والخداع وتشويه الحقائق …

وأن القارئ للحكم والمواعظ التي كان ينطق بها الإمام يدرك نبل الرجل وصفاته القائمة على المعرفة والشجاعة والزهد والقناعة والوقوف إلى جانب الفقير وازدراء مطامع الحياة وهو القائل أعمل لدنياك كأنك تعش أبداً …

لذا فليس مستغرباً أن نراه قائماً لوحده في محرابه ليستهدفه سيف ابن ملجم في حين نجى معاوية وعمر بن العاص من الخطة ذاتها التي حبكها الذين كانوا يوما الى جانبه وبعد ان رأوا انه لا يُؤثر احد على حساب الاخرين انشقوا وتمردوا وشهروا السلاح …

هذا الإيثار الذي حرمه على نفسه وشقيقه عقيل بن أبي طالب وأقرب الناس اليه لأن ليس في ذهنه مثل هذا الاستغلال للخلافة ولبيت مال المسلمين ولتجرده من كل الرغبات الإنسانية التي وقع في شباكها الكثير ممن أصبحوا أسارى المال والسلطة …

ومع ان القوى المضادة استطاعت ان تنال من حياته إلا أنها عجزت عن النيل من سيرته ومكانته في المجتمع الاسلامي الذي وضع من أجله حياته على كف عفريت عندما قارع صناديد قربش وفرسانها وكل شجعان الجزيرة من أجل رفع معنويات المقاتلين من المسلمين ومن أجل أن يتبع خطى الرسول الأكرم وهو يؤسس لأعز دولة إسلامية …

لم يطلب مقابل ذلك أجراً أو أستغل موقعاً أو جاهاً ثمنا لتحمله المخاطر والصعاب في سبيل الإسلام وأنصاف الفقراء بل كان يضع نفسه في مواضع فقراء الوطن ولم يحقد على احد في حياته وانصب حقده على الفقر الذي كان يتمنى ان يكون رجل ليقتله مثلما قتل الظالمين الضالين …

من الطبيعي ان الفرح غمرنا عندما ادرجت الامم المتحدة الامام كشخصية متميزة في مجالات حقوق الانسان وإشاعة العدالة والتأسيس لدولة قائمة على التسامح والخير والتعددية وكلها نقاط جوهرية في إقامة الدولة المدنية في العصر الحديث …

لقد جاء الاعتراف الأممي في وقت تشهد فيه المسيرة الإسلامية الكثير من العثرات والانتكاسات بسبب خيانة الحكام الذين آل أليهم الأمر وانغماسهم باللذات ونحن في العراق تزامنت هذا العام الفاجعة التي انتهت بها حياة الامام مع جريمة اخرى بشعة سيظل التاريخ يتحدث عنها طويلاً إلا وهي جريمة سبايكر الدامية …

ولأن ضحايا هذه الجريمة هم أنصار الإمام ومحبيه فان ذلك يؤشر مدى مصداقية الإمام وقربه من جوهر الدين الذي يعمل بقايا اعداءه على استهدافه وانحرافه من خلال تحويله الى مجرد مشروع قتل على حساب المحبة والتسامح …

تحية للإمام الخالد في ذكرى استشهاده وكل شهداء العراق من السائرين على دربه ولنتعلم من مواقفه الشجاعة كيفية التصدي للباطل واسترداد حقوقنا بعد ان فقدنا الامل بعودتها على يد من اضاعوها لان فاقد الشيء لا يعطيه .

سالم سمسم مهدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here