التنسيق المشترك والخندق الواحد

التنسيق المشترك والخندق الواحد
دخلت الحدود السورية العراقية مرحلة جديدة من المعارك الدائرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش الذي يسيطر على مساحات شاسعة منها)، بعد التنسيق بين البلدين والتي قال عنها وزير الخارجية السوري وليدالمعلم: “نحن والعراق في خندق واحد، وإذا انتقل داعش من العراق إلى سوريا، فهذا لا يعني أن العراق قد تخلص منه، لأن من الممكن أن يعود إليه مجدداً”. واكد “على ان يكون التعاون معمقاً ” وقد كان للحشد الشعبي العراقي الدور المتميز الذي ابلى بلاءً حسناً في السيطرة على عدة قرى ونقاط مهمة على الحدود من الطرف العراقي بلغت العشرات من الكيلومترات والسيطرة على الخط الفاصل بين البلدين، والقوات السورية من الجانب الاخر نظرًا لما تمثله السيطرة على المنطقة من فتحٍ للطريق يمكن من خلاله ان يوصل بغداد بدمشق، وبعدها بالتقدم نحو مدينة “البوكمال” في ريف دير الزور، وهي أحد أهم معاقل قيادات التنظيم الفارّين من العراق إثر الهزائم المتتالية له هناك.وكان داعش استطاع على مدار الأعوام الثلاثة الماضي أن يبسط سيطرته على مساحات واسعة من البادية السورية، تمكن فيها من إحكام قبضته على بلدات في ريف دمشق الغربي وصولًا إلى أقصى شرق سوريا، واستطاع كذلك فيها أن يفتح ممرًا أمنًا لمقاتليه بين سوريا والعراق، قبل أن تبدأ معركة الموصل، وبعدها عمليتي درع الفرات بقيادة القوات التركية ومعها قوات من الجيش السوري الحر، وغضب الفرات بقيادة قوات سوريا الديمقراطية والتي يطلق عليها (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، أدى لتقليص مناطق نفوذه بشكل كبير، وجعله محاصرًا ضمن المساحة الجغرافية محددة .وقد سعت القوات التحالف الدولية قبلها بأيام قليلة استهداف رتلًا عسكريًا يضم مقاتلين من القوات السورية والحشد الشعبي العراقية متوجهة لقاعدة عسكرية تتلقى فيها المعارضة السورية الموالية لها تدريبات عسكرية من القوات الأمريكية والبريطانية، شمال غرب “التنف” قرب الحدود الأردنية والمتهمة في استخدام الفوسفور الأبيض بالضربات المدفعية ضد المدنيين. حسب هيومن رايتس ووتش”، المعنية بأوضاع حقوق الإنسان حول العالم، ان التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي اتهمت هذه القوات باستخدام مادة الفوسفور الأبيض في مناطق مأهولة بالسكان في سورية والعراق وكان المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون،قال تعقيباً على ذلك بكل صراحة “نحتفظ بحق استخدام جميع الامكانات المتاحة لهزيمة تنظيم داعش بما يتناسب مع قانون النزاع المسلح” يعني ان هذه القوات غير معنية بالمدنيين وكان الجيش السوري وصل في 9 حزيران ، إلى الحدود العراقية شمال شرق التنف التي تقع على طريق دمشق بغداد على الحدود مع العراق وعلى مسافة غير بعيدة من الحدود الاردنية و في عمق البادية السورية بعد القضاء على تجمعات تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في المنطقة.هذه الانتصارات لم تاتي اعتباطا بل نتجة التعاون العسكري بين البلدين ومن هنا فقد وصل وفد عسكري عال المستوى الى بغداد و عقد محادثات مهمة في بغداد مع نظرائه العراقيين بخصوص أمن الحدود المشتركة ومن اجل التنسيق وبحث عددا من القضايا منها مسرح العمليات العراقي السوري باعتباره مسرحا واحدا وعدوا مشتركا يتمثل بتنظيم داعش والقضاء عليه يتطلب المزيد من التعاون والتنسيق في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية ومسك الحدود” من قبل الجانبين”.لمواجهة هذا العدو المشترك” وهو تنظيم “داعش” والذي يتطلب المزيد من التعاون والتنسيق في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية. واتفقا على ضبط الحدود من قبل القوات النظامية للجيشين العراقي والسوري لادامة الضغط المتواصل على هذه العصابات وقطع انفاسه المحتضرة اصلاً وتم وضع جدول زمني على هذا الاتفاق وتحقيق مرونة في الضربات الجوية للقوة الجوية العراقية التي تستهدف مواقع العدو القريبة من الحدود المشتركة والاسراع في انشاء مركز عمليات مشترك يتم من خلاله التنسيق بين الجانبين وحسب مصادر مشتركة ان مركز ثقل عصابات داعش قد تحول من الموصل الى المناطق الحدودية السورية – العراقية وبات محاصراً بعد ان قام بنقل المراكز الاستراتيجية والتخطيطية والتدريبية المهمة الى تلك المناطق . يذكر أن رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدرالعبادي سبق وأن أعلن عن استعداد القوات العراقية للقضاء على الإرهابيين ليس فقط داخل العراق، بل وفي البلدان المجاورة، ويقصد بذلك سوريا قبل غيرها. وقال: “لن أتردد لحظة واحدة في توجيه ضربات إلى مواقع الإرهابيين في الدول المجاورة، ونحن نستمر في محاربتهم”: مشيرا في الوقت نفسه إلى احترام سيادة دول الجوار .وفعلا أن الطائرات العراقية شنت سابقاً هجمات على مواقع الإرهابيين في مدينة البو كمال الحدودية داخل سوريا في نهاية فبراير/شباط الماضي. وقد أُعلن حينها عن أن التنسيق بشأن العمل تم مع السلطات السورية.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here