الواسطيون يتبادلون أطباق الطعام ضمن طقوس “صينية رمضان”

واسط / جبار بجاي

من بين العادات والتقاليد المتوارثة في شهر رمضان الكريم أن العائلات العراقية تتبادل فيما بينها وجبات الإفطار يومياً، إذ تحرص ربات البيوت على أن إيصال جزء من وجبات الإفطار الى الجيران، وفيما تحرص العائلات الواسطية على أن تستمر هذه العملية يومياً طيلة أيام الشهر، يدعو ناشطون الى الاهتمام بشريحة الفقراء والمعوزين وإيصال هذه الصينية لهم بدلاً عن العوائل المتخمة والتي تتناول أنواعاً عدة من الطعام عند أفطارها خلافاً عن الفقراء الذين بالكاد يفطرون على أبسط أنواع الطعام وأقله.

وتقول أم زمن ( 61 عاماً ) في حديث الى (المدى)، إن ” شهر رمضان فيه من الفضائل الكثير مثلما تكثر فيه العادات والتقاليد التي توارثناها أبا عن جد وهي عادات ما تزال راسخة الى يومنا هذا رغم وجود الكثير من المتغيرات الاجتماعية التي طرأت لاسيما في السنوات
الاخيرة”.
وأضافت “لعل من أهم التقاليد الرمضانية هي أن تتبادل العائلات العراقية فيما بينها وجبات الإفطار يومياً من خلال ما تطلق عليه ربات البيوت صينية رمضان التي قد تصل الى الجار السابع، إذ تحرص كل عائلة على تقديم أنواع عدة من طعام الفطور في صينية يتم إرسالها الى الجيران وكذلك يفعل هذا الجار وذاك وهو أمر تتكفل به ربات البيوت”.
وأشارت الى أن “قضية صينية رمضان هي من أجمل التقاليد في هذا الشهر الكريم وانها لا تختص في منطقة معينة أو حي سكني ولا في مدينة عراقية دون سواها إنما حالة عامة وسائدة في كل المدن والمناطق العراقية وأن هذا التقليد توارثناه عن الأمهات والاجداد وما زال مستمراً الى اليوم”.
وأوضحت أن “هذه الحالة تكون طوال الشهر، إذ تصل الى العائلة الواحدة أحياناً أكثر من صينية من الجيران وأن الموروث الاجتماعي السائد لدى العائلات العراقية وتحديداً عند النساء أنه من المعيب أن يتم إرجاع الصحون والأواني التي جيء بالطعام فيها فارغة الى أصحابها، بل لابد من وضع أي نوعية من الطعام المتوفر لدى العائلة التي وصلتها الوجبة وأعادتها إليها”.
وأضافت شكرية جابر أنه “خلال هذا الشهر تحرص غالبية العائلات العراقية على تقديم عدة نوعيات من طعام فطورها الى الجيران وتتم العملية كل يوم بتبادل طعام الفطور بين الجيران بغض النظر عما إذا كان هذا الجار من العائلات المترفة أم البسيطة… المهم أن صينية رمضان لم تنقطع “.
وأشارت الى أن “صينية رمضان عادة تحتوي على نوعيات من الشراب كالعصائر مثلا واللبن إضافة الى نوعيات متعددة من الطعام والحلويات التي يتم صنعها من قبل هذه العائلة ليتم إرسالها الى أكثر من جار”.
مضيفة بالقول إن “هذا التقليد لا يقف عند حدود العائلات، ففي الكثير من الأحيان يتم إرسال هذه الصينية الى حراس الدوائر والأبنية الحكومية القريبة مثلاً، أو الى رجال المرور ودوريات النجدة المرابطة قريبا”.
ويقول أحمد عبد الصاحب، وهو أحد منتسبي شرطة المرور في واسط إنه “في أغلب الأيام يكون واجبي في حي الهورة السكني بمدينة الكوت لتنظيم السير في الشارع الرئيس بهذا الحي والذي يتميز بكثافة عالية في حركة المركبات وكذلك الأشخاص لوجود الكثير من المجمعات التسويقية فيه لذلك يكون فطوري في الواجب ولن أذهب الى البيت”.
وأضاف أن “الكثير من سكان الحي يرسلون لي ولزملائي الآخرين سواء في دوريات النجدة أم رجال المرور وجبات كبيرة من طعام الإفطار ونحن حين نعيد لهم الصحون نضع فيها بعضاً من العصائر أو المرطبات أو أي شيء آخر نشتريه من المحال القريبة”.
ويقول موسى شاكر، وهو أحد منتسبي شرطة النجدة أنه “في بعض الأيام أن كميات ونوعيات الطعام التي تصل من الجيران يومياً تكفي لأكثر من عشرة أشخاص فيما لا يتجاوز عددنا عن ثلاثة أشخاص يومياً”، معتبراً أن “ذلك دليلا على حرص العائلة العراقية في المحافظة على هذا التقليد السنوي الذي يدل على الكثير من المعاني النبيلة وترسيخ معاني ودلالات الشهر كونه شهرا خير
وبركة”.
لكن الناشط المدني جلال الشاطي يرى أنه “من الضروري جداً أن يتم الانتباه الى العائلات الفقيرة في هذا الشهر الفضيل وأن يتم إرسال الطعام لها من قبل الميسورين وأصحاب الدخول العائلة ففي ذلك فضل كبير عند الله “.
وأضاف الى (المدى) أنه ” من المفرح جداً أن يستمر العراقيون في المحافظة على هذه التقاليد وترسيخها أكثر فأكثر ومنها صينية رمضان التي يتم من خلال تبادل وجبات الإفطار بين الجيران لكن لو أن الجيران اجتمعوا وقرروا أن يرسلوا كميات ونوعيات الطعام التي يتبادلونها عند الإفطار الى العائلات الفقيرة التي تقطن العشوائيات والأماكن المعروفة لدى الجميع لكان ذلك أفضل بكثير وأقرب الى الله.”
ودعا الشاطئ الناشطين المدنيين والفرق التطوعية الى تبني هذه الحالة من خلال التنسيق مع مختاري المناطق أو العائلات الميسورة والعمل على إيصال وجبات صينية رمضان التي يتبادلها الجيران الى العوائل الفقيرة”.
من جانبه يقول السيد سعد الموسوي، وهو أحد الأشخاص العاملين ضمن مؤسسة البرهان الخيرية لدعم الفقراء إن “المؤسسة تبنت أفطار العشرات من العائلات الفقيرة يومياً خلال شهر رمضان وسوف تمضي بهذا الاتجاه لحين انتهاء الشهر كما ستعمل على توفير ثياب العيد لأطفال العائلات الفقيرة”.
وأضاف الى ( المدى ) أن “عملنا هو تطوعي لوجه الله وقد وجدنا تعاوناً كبيرا من قبل الكثير من الأشخاص والعائلات الواسطية التي تتصل بنا يومياً لأخذ كميات من الطعام المتنوع بعد وضعه بشكل مرتب على شكل سلة غذائية لنقوم بدورنا بإيصاله الى الفقراء والمحتاجين، إذ لم ننقطع يوما واحداً عن
هذه المهمة”.
لافتاً الى أن “معظم العائلات العراقية تعمل وجبات كبيرة من الطعام عند الفطور وبالتالي فأنها تكون مجبرة على رمي كميات منه في الحاويات المخصصة للنفايات وهذا أمر مخالف للعرف والشرع، بل من الافضل أن يكون الطعام على قدر الحاجة أو إذا كانت فيه زيادة كبيرة يتم إعطاؤها الى الفقراء والمحتاجين”.
وحث الموسوي الأسر الواسطية على أن تستبدل صينية رمضان بـ “سلة رمضان وتكون هذه السلة هي بنفس محتوى الصينية شريطة أن يتم إرسالها الى العائلات الفقيرة كلا ضمن منطقته أو إذا تعذر وجود فقراء في المنطقة يمكن أن يتم إرسال السلة الرمضانية المخصصة للإفطار الى المناطق المعروفة بوجود الفقراء فيها”.
ونوه الى “أهمية استغلال شهر رمضان للوصول الى الفقراء وتقديم ما يمكن تقديمه لهم من طعام وشراب وأية احتياجات أخرى يمكن أن تفيدهم مثل الملابس
وغير ذلك”.
يذكر أن شهر رمضان هو الشهر التاسع في السنة الهجرية الذي يمسك فيه المسلمون عن الطعام والشراب منذ طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وشهر رمضان كغيره من شهور السنة الهجرية حيث يتكون من 29 أو 30 يوماً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here