رفقا بتاريخ حركتنا الكردية السورية

رفقا بتاريخ حركتنا الكردية السورية
صلاح بدرالدين

في بحث مطول نشره موقع ” عنب بلدي 12 – 6 ” كان المفترض أن يكون حول تاريخ الحركة الكردية ولكنه وبالرغم مماتضمنه من معلومات الا أنه لم يكن موفقا من حيث المضمون والشكل فمجرد قراءة العنوان غير المناسب والهزيل معنى وانشاء ( انشقاقات الأحزاب الكردية صدوع أولى في جدران العمل السياسي ) يتراءى للمتابع أن المدخل ينبىء عن وجود موقف سلبي مسبق تجاه الحركة الكردية عندما يتم عنونة المادة بانشقاقات الأحزاب التي ورغم أنها أحد التعابير الأكثر نشاطا في بعض المراحل ولكنها ليست كل الحركة الوطنية الكردية السورية التي تتشكل بغالبيتها العظمى من الوطنيين المستقلين والشباب والحراك المجتمعي من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية ولها وجه مشرق طوال التاريخ على الصعيدين القومي والوطني .
واذا كانت مقدمة البحث بدأت بتساؤل : ” كيف تطورت الحركة السياسية ( الكردية ) منذ نهاية القرن الماضي ؟ ” فان المداخل الرئيسي السيد – زردشت محمد – بدأ بتناول الموضوع من – الثمانينات – قافزا من فوق عقود بكاملها متجاهلا مراحل تاريخية هامة ومفصلية في تاريخ الحركة السياسية الكردية مثل قيام حركة – خويبون – في ثلاثينات القرن الماضي وظهور العديد من المنظمات والروابط الثقافية والشبابية مرورا بانبثاق ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) أواسط الخمسينات وكونفرانس الخامس من آب التجديدي أواسط الستينات .
وتصحيحا لماورد في مداخلة الصديق – زردشت – الذي غلب على تحليله التعصب الحزبي أقول أن الفكر اليساري الكردي ظهر بشكل واضح ومنظم وجماعي وموثق لأول مرة مع الكونفرانس الخامس وقبل ذلك كان هناك أفرادا يسارييون بقيادة الحركة وقواعدها مثل الراحل أوصمان صبري ومجموعة جبل الأكراد وفي صفوف الشباب المتعلم وحسم الكونفراس الخامس الأمر عندما طرح برنامجه السياسي وأطلق اسم ( البارتي الديموقراطي الكردي اليساري ) كما أصدرت قيادة اليسار كراسا تحت عنوان : ماهو اليسار الكردي ؟ الذي شكل الجواب النظري حول التعريف والهدف وخلص الى اعتباره الجناح الديموقراطي القومي معبرا عن المصالح القومية والاجتماعية لغالبية الشعب الكردي وجزء من الحركة الديموقراطية والثورية في البلاد وليس فرعا أو تنظيما للحركة الشيوعية .
وقد كان لليسار الكردي المنبثق عن كونفرانس الخامس من آب 1965 ( وليس لحزب الصديق زردشت في الثمانينات ) علاقات التعاون والعمل المشترك مع معظم القوى اليسارية السورية وخصوصا – رابطة العمل الشيوعي – و – حزب العمل الاشتراكي – مع علاقات مد وجزر مع الكتل الشيوعية المنسلخة من الحزب الشيوعي ( الرسمي ) وتمددت علاقاته نحو التيارات والمنظمات اليسارية الكردية في تركيا وخصوصا مع جناح د شفان في الحزب الديموقراطي الكردستاني – تركيا وكذلك مع منظمات كردية يسارية في العراق وايران الى جانب علاقات الصداقة مع اليسار اللبناني والفلسطيني والعربي بشكل عام وصولا الى علاقات مع معظم الدول الاشتراكية سابقا التي استقبلت ولأول مرة أفواجا من الطلبة الكرد بموجب منح دراسية عن طريق حزبنا اليساري بلغت أكثر من 300 خلال عدة سنوات كما استضافتني تلك الدول كسكرتير الحزب الكردي اليساري وحللت في عواصمها أكثر من مرة .
اليسار المنبثق عن كونفرانس الخامس من آب ( وحين ذاك لم يكن حزب الصديق زردشت على قيد الحياة بعد ) كان يستند الى أوسع اصطفاف جماهيري في المدن والأرياف وكانت قاعدته الراسخة بين طلبة جامعات حلب واللاذقية ودمشق وكان من أكثر الأحزاب ان كان حزب اليمين أو الأحزاب التي ظهرت مؤخرا الذي أصدر الصحف والمجلات والكراسات السياسية والثقافية والفكرية وقد بدأ لأول مرة في اقرار الوجوب باحياء مناسبة نوروز من خلال الخلايا الحزبية الصغيرة وتوسيع ذلك ليشمل الاحتفال شبه العلني ثم العلني مع تنظيم فرق فولكلورية للمرة الأولى في تاريخ كرد سوريا ( فرق كاوا وخلات وجيا وووو ) .
بخصوص قضايا الخلاف في الحركة الكردية وأحزابها في البدايات وبخلاف ما ذكره ( الصديق زردشت ) تركزت على مضمون البرنامج والشعار ( كردستاني أم كردي ) وسرعان ماتم تدارك الأمر واتفق الجميع على النأي عن تبعات المسألة القانونية والأمنية ولكن القضية الأبرز في الصراع داخل الحركة كانت ومازالت حتى يومنا هذا مسألة الحقوق القومية هل هي ضمن مبدأ حق تقرير المصير أم لا ؟ وسبل معالجة القضية الكردية من خلال النضال الوطني الديموقراطي وتاليا الثورة السورية أم عبر التفاهم مع نظم الاستبداد ومسألة العلاقة مع كردستان العراق والنهج الذي سطره الزعيم الراحل مصطفى بارزاني وحول كل هذه القضايا كان اليسار الكردي المنبثق عن كونفرانس آب واضحا وصريحا أي مع مبدأ تقرير المصير ومع النضال الوطني والثورة فيما بعد ومع نهج البارزاني .
خطأ آخر وقع فيه ( الصديق زردشت ) عندما اعتبر أن نظام الأسد الأب ( منح هامشا لحرية الترشح للكرد لانتخابات مجلس الشعب حيث فاز ثلاثة مرشحين ) وحقيقة الأمر أن أجهزة النظام وتحديدا الضابط الأمني – محمد منصورة – وصل الى القامشلي كمسؤول الامن العسكري بمهمة تشتيت وشق صفوف اليسار الكردي المنبثق عن كونفرانس الخامس من آب ونجح جزئيا في استمالة الأحزاب ومجموعة من اليسار وكان الثمن عضوية البرلمان لثلاثة لقاء التفاهم معه ( وكان هناك ترتيبات في كوباني وعفرين من حصة أوجلان ) وعندما التقيت على هامش المؤتمر التضامني العالمي مع الشعب الكردي المنعقد في السويد أواخر عام 1990 مع المرحوم الصديق – كمال أحمد آغا – سكرتير البارتي الديموقراطي الكردي في سوريا أخبرني بتفاصيل مايجري وخصوصا دور منصورة وعزم الكتلة المنشقة عن اليسار على اعلان الانقسام وزاد نحن الثلاثة هنا جئنا بعد الاجتماع مع منصورة طالبا منا عدم اللقاء ( معك بل عزلك ان امكن ) .
وبخلاف ماذكره ( الصديق زردشت ) فان التواصل الأول بين الحركتين الكردية والعربية كان عبر اليسار الكردي المنبثق عن كونفرانس الخامس من آب منذ عام 1966 حيث وبالاضافة الى العلاقات مع الأحزاب العربية في سوريا كما ذكرنا أعلاه تم التعارف والتعاون مع خلايا حركة فتح في مخيم اليرموك بدمشق وبعد ذلك مع الجبهتين الشعبية والديموقراطية في دمشق ولبنان ومنظمة التحرير والحركة الوطنية اللبنانية حيث كان فرع حزبنا اللبناني من مؤسسي المجلس المركزي للحركة الوطنية اللبنانية ومن المشاركين في جميع مؤسساتها العسكرية والأمنية وتوسعت العلاقات لتشمل فصائل واحزاب عربية في المشرق والمغرب والخليج .
أخيرا أتمنى على ( الصديق زردشت ) تصحيح معلوماته فان الحزب الذي كنت أترأسه أو كنت قياديا فيه لم ينشأ عام 1980 – 1982 كما يذكره هو بل أنني كنت عضوا بالحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا منذ عام 1958 ومسؤولا عن محلية الطلبة بالقامشلي ثم قياديا بالبارتي اليساري المجدد عام 1965 ورئيسا لحزب الاتحاد الشعبي بعد تغيير الاسم بمؤتمره الرابع عام 1980 الا أن انسحبت من العمل الحزبي نهائيا عام 2003 وكنا أول حزب كردي سوري نوزع الملصقات المناهضة للنظام وضد مخطط الحزام والاحصاء ومن اجل الحقوق في مدينتي القامشلي والحسكة وعلى أثر ذلك تمت اعتقالات وملاحقات عام 1966 .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here