عائلات داعش تنتظر مصيرها المجهول في تكريت

غزوان حسن الجبوري

في خيمة صغيرة داخل مخيم الشهامة بدت فيها مستلزمات العيش بسيطة وتكدست في احد أرجائها مساعدات من المنظمات الإنسانية انتهى المطاف بالحاج الستيني ابو علي وزوجته بعدما رُحّل من بيته الى مخيم للمنبوذين بسبب انتماء ابنه إلى تنظيم داعش.

يقول ابو علي “حاولت منع ابني (16 سنة) من الالتحاق بداعش ونهرته لكنه استدعى الحسبة وضربوني في بيتي وقالوا انه أصبح ابن التنظيم وليس ابنك وقرأت في الفيسبوك انه قتل قبل سنة ونصف لكنني بقيت ادفع ثمن تهوره وتم ترحيلي إلى المخيم”.

نادرا ما تجد شابا في المخيم ومنهم الشاب العشريني احمد محمود الذي اعتقل من قريته شمال الشرقاط وأودع في المخيم لوحده قبل خمسة أشهر بعد ان عزل عن زوجته وابنته وعائلته لكون أخيه غير الشقيق منتميا لداعش، يقول احمد لـ “نقاش” ان “الحشد الشعبي والجيش اعتقلوني من الشرقاط وعزلوني عن عائلتي منذ خمسة أشهر ولم يحقق معي احد كما لم أقدم الى محاكمة ولا اعرف مصير شقيقي الذي تركنا وذهب إلى الموصل للقتال مع داعش”.

سميرة محمود (47 عاما) قتل زوجها بانفجار عبوة لاصقة استهدفت سيارته ولكونه شرطيا فقد حصلت على راتب تقاعدي كان يساعدها على إعالة أطفالها لكن ذلك الراتب انقطع منذ زمن بعدما عمل ابنها البالغ (12 عاما) مع التنظيم المتشدد عقب دخوله الى قضاء الشرقاط.

تقول سميرة “تم تدمير منزلنا ونقلنا الى هنا بعدما غادر ابني الى الموصل مع عناصر داعش، ورغم صغر سنه لكن عناصر التنظيم اعطوه دروسا في الشريعة وقاموا بتدريبه وأخذوه معهم إلى الموصل ولم اعرف مصيره منذ ذلك الوقت”.

معظم العائلات الموجودة في مخيم عائلات داعش جيء بها من قضاء الشرقاط (125 كلم) شمال غرب الموصل وبعضها الآخر ارتحل الى الموصل عند دخول الجيش العراقي وبقية الفصائل المسلحة الى القضاء وبقي في الجانب الايسر او الأيمن حتى دخول الجيش الى المدينة اذ سلموا أنفسهم وتم نقلهم الى المخيم كما قالوا، وبعضهم الآخر تم ترحيله بالقوة.

في 30 آب (اغسطس) الماضي اتخذ مجلس محافظة صلاح الدين قراراً بطرد عائلات المنتمين لداعش لمدة عشر سنوات خارج المحافظة ومنع العائلات من الرجوع الا انه تريث في التنفيذ بفعل الضغوط من المنظمات الدولية والإنسانية.

بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) أرسلت رسالة احتجاج الى رئيس الوزراء العراقي في ايلول (سبتمبر) الماضي واعتبرت قرار مجلس صلاح الدين غير قانوني ومخالفا لدستور العراق والمعاهدات الدولية والإنسانية وحقوق الإنسان ووصفته بأنه “قرار انتقامي يضر بالمصالحة في العراق والترابط الاجتماعي في المحافظة”.

قيادة عمليات صلاح الدين قررت تفعيل القرار الصادر من مجلس صلاح الدين وتجميع عائلات داعش في مخيم واحد بعد موجة من الأعمال الانتقامية التي حدثت ضدهم في قضاء الشرقاط نهاية عام 2016 وقامت قوات الجيش والحشد العشائري بترحيل عشرات العائلات الى المخيم.

وحدهم الأطفال لم يفهموا ما يدور حولهم ويقضون وقتهم في اللعب بين الخيام والسمة الأبرز في وجوههم هي تلك السحنة البرونزية القاتمة الطاغية على وجوههم واشقرار شعر رؤوسهم بفعل اشعة الشمس اللاهبة ورياح السموم الموسمية.

احد الضباط المكلفين بحماية المخيم قال إن الإجراءات الأمنية لا تسمح لأي شخص غير مخوّل بالدخول إلى العائلات المحتجزة حتى إن كان من الأجهزة الأمنية ذاتها ويسمح فقط للمنظمات الإنسانية بتقديم المساعدة.

الناشط المدني بلال العبدالله العامل في احدى المنظمات الدولية التي تقدم المساعدة للنازحين في المخيم يقول إن “أوضاع المحتجزين الإنسانية صعبة للغاية ولكن الأصعب ان هذا الملف من اعقد الامور التي تواجه المجتمع في مرحلة ما بعد داعش إذ ان عائلات العاملين مع داعش تقدر بالآلاف وهم موجودون في عدد من المحافظات ولابد من خطط وستراتيجية واضحة للتعامل الامني والاجتماعي مع تلك الشريحة كي لا يورثوا جيلا مستقبليا للتطرف والإرهاب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here