علي المرتضى الدور .. الشهادة

أبوذر الكندي
حفلت حياة أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام منذ مولده وحتى استشهاده بالجد والاجتهاد من أجل إعلاء راية الإسلام، وقد انصب جهده في سنوات حكمه وهي السنوات الأخيرة من عمره الشريف على مقارعة طلاب السلطة والنفوذ والذين جمعتهم تسمية ” الناكثين والمارقين والقاسطين ” .
ولم تكن هذه المقارعة بدافع القضاء على المعارضة كما قد يحلو للبعض تصويرها حيث لم يكن يتصف جميع هؤلاء بأي صفة من صفات المعارضة بقدر اتصافهم بالتمرد على نظام الحكم الشرعي وتسلطهم على رقاب قطاعات من رعايا الدولة وتصرفهم بمقدراتها كيف يشاؤون.
ولو امعنا النظر في أسباب تركيز الإمام علي عليه السلام على الوقوف بوجه هؤلاء وتوجيهه بوصلة الإصلاح إلى الداخل الإسلامي بدلاً من الإكثار من الفتوحات الخارجية سوف نجد بوضوح أن جميع هؤلاء كانوا يمثلون نماذج بديلة عن النموذج الحقيقي للإسلام الذي يمثله الإمام سلام الله عليه.
وكان من الضروري إنكار الإمام علي عليه السلام على هؤلاء والوقوف بوجههم كي يمنع تمدد هذه النماذج المزيفة للدين عبر الزمان أعني الأجيال اللاحقة وعبر المكان أعني الشعوب والبلدان التي لم يكن قد وصلها الإسلام بعد، فإذا قدّر لهذه النماذج الحكم فسوف تكون اساساً لانتشار الدين المزيف ومانعاً من انتشار الدين الحقيقي.
ان اسطع برهان على صحة هذا الزعم هو التجربة التي عاشها المسلمون بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام والتي امتدت إلى يومنا هذا بعد أن لم يقدر للإمام أن يكمل مشروعه في القضاء على تلك القوى بشكل نهائي، تلك التجربة المتمثلة بوقوع بعض المحذور وهو وجود شيء من الأمتداد عبر الزمان والمكان لتلك القوى متمثلاً في القوى التكفيرية  والمدارس المنحرفة، ويمكننا القول أنه لولا جهوده عليه السلام في الوقوف بوجه هذه القوى لكان امتدادها اكبر ولكان قد وصل إلى محق الإسلام ومحوه.
وهذا واحد من الأسباب التي تدفعنا إلى القول بأن استشهاد الإمام علي عليه السلام وهو لم يكن قد اكمل مشروعه في القضاء على هؤلاء كان السّر وراء عدم اكتمال اهتداء الكثير من المسلمين إلى النموذج الحقيقي للإسلام، فبقتله .. تهدمت والله أركان الهدى ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here