برايمر عراب الفساد في العراق ومجلس الحكم أول……

فؤاد المازني

الحديث المتداول في أوساط المجتمع العراقي وعلى إختلاف متبنياتهم العقائدية والفكرية والثقافية والإجتماعية متشعب جدآ ويتطرق الى مناحي الحياة المختلفة ولا تكاد تغيب عنه التحاليل السياسية وآخر المطاف لابد من عروجهم على الأوضاع التي يمر بها البلد وتطفو حينها الاحاديث المتواترة عن الفساد الذي أخذ مأخذه في عمق الواقع العراقي المعاش والذي أصبح تداوله والتعامل به يشكل الحالة الطبيعية ومن لا يزاوله ويتعامل به ولازال يحتفظ بمنصبه أيآ كان يعتبر حالة نادرة أو شاذة . وتأخذ الأحاديث أبعادآ كثيرة وتوصيفات عديدة لرموز من الطبقة السياسية التي تحكم البلاد والتي إعتلت المناصب وأياديها خاوية وملابسها بالية وأشكالها شعثاء ووجوهها غبراء لاتملك مدخرآ لا بيضاء ولا صفراء وفي أسرع من البرق أصبحت متربعة على عرش الغنى والبذخ والترف والليالي الحمراء وتبقى هذه الأحاديث تتمحور في النتائج الوخيمة التي يعيشها أغلب الشعب وتشبث الساسة المترفين بسدة الحكم . ماوصل اليه البلد الآن هو النتيجة الحتمية التي خطط لها من جاء لتحرير أو إحتلال العراق وبدون شك إعتمد على بطون الجياع الحالمة بلقمة عيش بعد أن أتعبها الإستجداء لتسانده في مهمته وتعينه على تحقيق مخططاته الآنية والمستقبلية للبلد وإنعكاس ذلك على تغيير خارطة المنطقة . من هنا لابد من تسليط الضوء على الحاكم الأمريكي المدني برايمر عراب الفساد في العراق فهو الذي سن جملة من القوانين التي إرتكزت على الإغواء والتدليس وشراء الذمم في وسط سوق النخاسة السياسية وبائعي الضمائر والفارغين إلا من هوس الكنى والألقاب وعقدة الأنا ومرضى الزهايمر ومروجي الأحلام والاوهام ولم يبذل برايمر جهدآ كبيرآ في هذا المضمار بل كان شباك تذاكره مزدحمآ وكل يجر النار الى قرصه ، فشكل مجلسآ للحكم الذي يعتبر أغلب رواده أول الفاسدين الذين لم يكن همهم إلا رواتبهم ومناصبهم وإمتيازاتهم  والإستحواذ على قصور  وممتلكات النظام الدكتاتوري السابق ، وبخطوة غير مسبوقة في تاريخ العراق القديم والحديث هيأ لهم الأرضية التي يقفزون فيها من اللاشيء الى كل شيء في ظل أوضاع إقتصادية في بداية نشاطها ونموها حيث إرتفع فيها معدل دخل الفرد العراقي شهريآ الى مبلغ لايتجاوز 400 ألف دينار عراقي في قبال مبلغ يدفع  لكل واحد من أعضاء مجلس الحكم يصل الى 60 مليون دينار عراقي ورواتب بنفس المعدل لنوابهم ومستشاريهم ومناوبيهم وسكرتارياتهم ومكاتبهم ورواتب أخرى لحماياتهم وغيرهم من لم يكشف الستار عنهم أي بفارق يصل الى عشرات الأضعاف ، كما وغض النظر عنهم ليستحوذوا هم أو من يلوذ بهم على مشاريع ومقاولات لتصرف الأموال لهم دون متابعة ومراقبة ومحاسبة أو أنجاز ، وفتح لهم أبواب القصور الرئاسية على مصراعيها وقصور وعقارات القيادات البعثية السابقة وجمعهم في منطقة تحيط بها الأسوار والكتل الكونكريتية العملاقة تحرسهم مرتزقة الإحتلال بأسلحتها وكلابها وهيأ لهم أجواء الفخامة والريادة والرئاسة والمعالي ويفرش السجاد الأحمر تحت أقدامهم ليسيل لعابهم وتنبهر عيونهم وتتوجم وجوههم وهم يتلمسون كل هذا فتطايرت العقول عن البصيرة وإرتدت الأفكار على أعقابها فتسابق المتسابقون لتتظافر جهود كل منهم ليعتلي ويسحق كل من يقف أمامه ولو كان الشعب كله حتى صار الهم كيفية الإستخواذ على أي شيء قبل الغير ومن هنا بدأت الكارثة وإرتكزت أصول الفساد ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here