الحلول المستحيلة

الحلول المستحيلة
قد تكون الحرب الدائرة بين شعوب العالم و الأرهاب الأسلامي قد اقتربت من نهايتها العسكرية بعدما اجمعت و اتفقت شعوب الأرض كافة و دون استثناء على دحر هذا الأرهاب الأسود الذي يقتل و يفتك بالجميع و دون تمييز بين المدنيين من اطفال و نساء او اجهزة الأمن و العسكريين فأن دعاة الأرهاب لا يملكون من الأدلة و البراهين المقنعة ما تجعل الناس يتقبلون افكارهم و يؤمنون بها لذلك فهم يلجأون الى اسلوب الترهيب و التخويف و اجبار الناس على الأقتناع بعقائدهم و افكارهم و كما فعل ( الأسلاف ) من قبل و يبدو ان هذه الطريقة المجربة قد نجحت في الماضي عندما اجتاح اولئك ( الأسلاف ) البلدان و ارغموا سكانها بحد السيف و سن الرمح على الأخذ بآرائهم و دينهم و فيما بعد و بتوالي الأجيال و تعاقبها اصبح ذلك ( الدين ) الذي فرض بالقوة و العنف وقتها جعل شعوب تلك البلدان المقهورة من اشد المدافعين عنه ( الدين ) لا بل كانوا الخزين الكبير في تمويل الأرهاب بالمقاتلين الأشداء و الأنتحاريين المؤمنين .
ان اولئك المقاتلين و المحاربين الذين يتركون رغد العيش في بلدانهم و عوائلهم ورائهم و يعانون مشاق السفر و عنائه و مخاطره بغية الوصول الى ارض ( الجهاد ) و من ثم القتال حتى الموت في ساحات الوغى او الأندفاع بالسيارات المفخخة و تفجيرها وسط جيوش الأعداء و اجهزتهم الأمنية بكل جرأة و اقدام فهذا الصنف من البشر المؤمن بعقيدته حد التضحية بالنفس من اجلها ليس بالمرتزق اللاهي و اللاهث وراء الأموال و الملذات او العميل الذي جندته المخابرات الدولية بحفنة من النقود انما هو انسان مؤمن حق اليقين بتلك الأفكار التي باع من اجلها الوطن و الأهل و الأحبة و( هاجر ) للألتحاق بدولة الخلافة و القتال متطوعآ في صفوف جيش تلك ( الدولة ) .
اذا كان قتل الجندي العدو لا يتعدى تلك الطلقات النارية التي توجه الى رأس ذلك المقاتل او قلبه و ينتهي بها من الحياة اما الأفكار التي في رأس ذلك الجندي القتيل لا يمكن لأي سلاح و مهما كان قويآ و فتاكآ ان يقضي عليها لذلك كانت العقائد و الأفكار تظل باقية حتى بعد موت اصحابها و رحيل المؤمنين بها الا اذا وجدت و تكونت معتقدات و اراء جديدة مغايرة و معارضة تدحضها بقوة البرهان و وضوح البيان عندها تندحر تلك المدارس العقائدية و الزوايا الفكرية و تندثر و يطويها الأهمال و النسيان و لا يعد لها من وجود او اتباع او مريدين و الحال نفسه مع ( المدارس الفكرية ) الأرهابية الحالية و التي لا يمكن للسلاح الحربي وحده ان يقضي عليها ما لم يرافقه حهد فكري اقوى و امتن يفند به ارائها و يطبع على افكارها بالخيبة و البطلان و الهزيمة و الخسران .
يبدو ان المرجعيات الدينية الأسلامية لم تستطع ان توجد الدليل القاطع و لا البرهان المانع الذي يمكنه من الوقوف امام مدارس ( الأسلام المتطرف ) و على الرغم من الأمكانات المادية و الأعلامية الهائلة المجندة لها و تحت تصرفها فهي اي المرجعيات الدينية التقليدية ( السنية ) اخفقت تمامآ في وقف التعاطف الكبير و المتزايد لتلك الحركات الأسلامية الأرهابية و هي في أزمة فكرية خانقة و خطيرة و بدأت تفقد الكثير من الأتباع و ألأنصار لصالح التيار ( المتطرف ) و الذي يبدو اكثر انسجامآ و تفهمآ للنص ( القرآني ) من المرجعيات التقليدية و التي تحاول مستميتة في التخفيف من حدة تلك النصوص و تلطيفها و ان كان من خلال المناورة الكلامية و الغوص في المفردات اللغوية و لكن بلا جدوى او نفع يذكر .
لقد تخلصت المرجعية الشيعية ( حوزة النجف ) و بحركة فكرية بارعة من ذلك الأحراج بتأجيل قيام الدولة الأسلامية و تطبيق احكام الشريعة و مبادئها الى حين ظهور ( صاحب الأمر ) الذي يحق له وحده اقامة تلك الدولة الموعودة و قيادتها و الى حين رجوع ( المخلص ) من غيبته تكون كل الدول و التي ادعت انها ( اسلامية ) هي باطلة و على ظلال مبين و ليس لها الحق في اقامة النظام الأسلامي دون وجود ( الأمام المعصوم ) الذي سوف ( يملء الأرض قسطآ و عدلا بعد ان ملئت ظلمآ و جورا ) و يبدو ان الكرة اصبحت في ملعب المرجعيات الدينية السنية و التي عليها ايجاد الحل البديل في هذه المعضلة الصعبة و هي امام خياران او اختياران احلاهما علقم اما الأول هو الأخذ بنظرية ظهور ( المهدي المنتظر ) و التي تبنتها المرجعية الشيعية في النجف و بالتالي سوف تضطر للأقرار ( بصحة ) تلك النظرية و التي كانت و على مدى مئات من السنين لها رؤية مغايرة لتلك الرواية التي يعتمدها الشيعة اما الخيار الآخر هو القبول بما تقوم به الحركات الأسلامية المتطرفة ( القاعدة و داعش ) من قتل الناس المرتدين و الفتك بالمسيحيين الكفرة و سبي الأيزيديين الخارجين عن الملة و قد يكون عند المرجعيات الأسلامية السنية و التي يأخذ برأيها الملايين من الأتباع و المريدين حلآ وسطآ تعيد به الدين الذي تؤمن به الى مصاف الديانات التي ترحم البشر و ترأف بحالهم بدلآ من سفك دمائهم و هتك اعراضهم و مصادرة اموالهم و املاكهم كما يفعل امراء الدول الأسلامية و خلفائها .
حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here