خطوتان جيدتان لا تنقصهما الحكمة

مرتضى عبد الحميد
بعيداً عن تهويمات وتملقات البعض من الوصوليين والانتهازيين، والمستفيدين من تغوّل الفساد وتخريبه للدولة والمجتمع، أو الذين تأخذهم العزة بالإثم لأنهم لا يملكون من الكفاءة والنزاهة شروى نُقير، كما يقول المثل المشهور، بعيداً عن كل هؤلاء، يقتضي الأنصاف والموضوعية، الإقرار بالخطوات الجيدة التي تتبلور احياناً في أروقة صناعة القرار السياسي، وبشكل أساسي في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ورغم أن طائر الحكمة لا يحلق في سماء العراق إلا لماماً، إلا انه لابد من رصده وتوجيه حركة طيرانه، والعمل من اجل تنقية الأجواء أمامه، ليكون باستطاعته الوصول إلى الضفاف الآمنة، وبناء أعشاشه اللاطائفية، مستبدلاً إياها بما هو وطني وجامع للعراقيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية.
وتدرك الغالبية العظمى من أبناء شعبنا العراقي، ان الحكومة الحالية ورئيسها الدكتور حيدر العبادي، يتعاملان مع الملف الإقليمي بصورة أفضل بكثير من الحكومات السابقة، وقد أقدما على خطوات يمكن إدخالها بسهولة في خانة الانفتاح على دول الجوار، وسعيهما لإقامة علاقة متوازنة معها، بالاستناد إلى المصالح المشتركة وعلاقات حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلد الأخر. وهو ماكان على الدبلوماسية العراقية ان تأخذه على عاتقها وتقوم بتنفيذه لأنه في صلب عملها، وفي الصدارة من واجباتها. لكن هذه الدبلوماسية انشغلت بالنشاطات الاستعراضية والسفرات المكوكية إلى مختلف بلدان العالم دون أن تقدم للعراق وشعبه وجالياته شيئاً يذكر.
إن زيارة العبادي للسعودية، تأتي في هذا الإطار السليم، إطار التوازن في العلاقات الطيبة مع كل دول الجوار والسعي إلى تصفير الأزمات معها. الأمر الذي يحتاجه العراق أكثر من أية دولة أخرى في المنطقة، فقد شبعنا من التوترات والتدخلات الإقليمية وغير الإقليمية، وآن الأوان للحفاظ على السيادة الوطنية، واستقلالية القرار العراقي رغم الصعوبات والتعقيدات الكثيرة القائمة الآن، بسبب تمدد العديد من هذه الدول في بلدنا، وتدخلها السافر في الشأن العراقي. كما ان التريث في هذه الزيارة وتأجيلها لبعض الوقت دلل على تفكير سليم وحرص كبير على إبعاد العراق عن أية محاور واقعية او مفترضة. فتوقيتها الأول لم يكن موفقاُ، وربما أعطى الانطباع للآخرين بانحياز العراق الى طرف دون أخر في الأزمة الخليجية الحالية، التي تشكل مفارقة من مفارقات الدول الداعمة للإرهاب وتلك التي تريد أن تلعب دوراً اقليمياً ودولياً اكبر من حجمها بكثير.
لقد كان العديد من أركان الحكومات السابقة، بارعين حقاً في خلق الأعداء، وتمهيد الطريق إمامهم لممارسة هوايتهم المفضلة في التدخل بشؤون العراقيين. وكان للمبالغة في انحياز هؤلاء المسؤولين لطرف دون آخر، ووضع كل بيضهم في سلته، اكبر الأثر في توسيع قائمة الدول التي تريد التدخل بشؤوننا الداخلية، بينما تقتضي المصلحة الوطنية إقامة علاقات طبيعية بل ودية مع كل دول الجوار، او على الأقل تحييدها، وبالتالي كف إذاها عن شعبنا ووطننا.
ولهذا السبب تحديداً يلقى التوجه الجيد لحكومة السيد العبادي المساندة، والأمل باستكماله لما فيه مصلحة العراق والعراقيين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الثلاثاء 20/ 6/ 2017

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here