داعش يزجّ مقاتلين قوقازيين في محيط جامع النوري

ترجمة/ حامد أحمد

في الميل المربع الأخير من مساحة الارض التي يسيطر عليها داعش في الموصل فان العوائل المرعوبة القابعين في سراديب بيوتهم توّاقون لرؤية نهاية حاسمة لوضعهم المأساوي.
أكثـر من 150 ألف شخص محشور داخل المدينة القديمة للموصل في وقت يعزز فيه مسلحو داعش تحصين مواضعهم ضمن بيئة ذات شوارع وأزقة ضيقة.

ومع عدم وجود مياه صالحة للشرب فان الامراض والاوبئة بدأت تنتشر بالتزامن مع انخفاض نسبة الاغذية والأدوية بمعدلات خطيرة.
وقال احد سكان المنطقة المحاصرة عبر الهاتف بان “الهاونات المطلقة من قبل القوات الامنية لمحاولة ازاحة المسلحين تسقط علينا مثل المطر في حين تدمر الغارات الجوية مباني في الحي المكتظ بالسكان.
ولكن محاولة الهروب تحمل خطورة أكثر مع وجود مسلحين مصرين على ابقاء المدنيين كدروع بشرية. وأقدم المسلحون على اعدام المئات من الذين حالوا الهروب خلال الاسابيع الاخيرة، من نساء واطفال ورجال.
وأضاف المتحدث الذي طلب عدم ذكر اسمه، قائلاً إن “احتمالية موتنا ونحن نحاول الهروب من المدينة أكبر من احتمالية موتنا ونحن متواجدون في بيوتنا. نحن نعيش في حالة من الذعر والحصار”.
ويقول سكان محليون، ان كل مسلحي التنظيم متمركزون الآن في المدينة القديمة حيث وصلت عدة مئات اخرى من المسلحين الاجانب خلال الاسابيع الاخيرة مع انكماش الأراضي يسيطر عليها داعش.
واستنادا لمتحدث آخر من السكان المحليين الذين تمكنوا من الهروب مؤخرا فان المسلحين مختبئون بين الأزقة المحيطة بمعدل تسعة او عشرة مسلحين سوية يتجولون حول المنطقة على دراجاتهم النارية.
وردعت المجازر التي لحقت بالمدنيين الذين حاولوا الخروج من المدينة، محاولات المدنيين المتبقين بالهروب. وفي اسوأ حادثة من تلك وقعت عندما تم اعدام اكثر من 100 شخص باطلاق النار عليهم قرب معمل للمشروبات الغازية في المدينة هذا الشهر.
وعمد المسلحون أيضا الى مصادرة هويات الاهالي التعريفية، حيث ان بعض الرجال يخشون الهروب بدونها لأن القوات الامنية قد يشكون بأنهم من مسلحي داعش.
وأضاف المتحدث من سكان المدينة القديمة بان خزين طعام عائلته المكونة من 20 فرداً قد نفد مؤخراً وانهم تمكنوا من شراء مايقارب من 12 كيلوغرام طحين بسعر 170 دولاراً. وانهم يتناولون وجبة طعام واحدة كل يوم عند الغروب.
ومضى بقوله “قد تعتبر هذه معيشة باذخة، لأن الكثير ليس باستطاعتهم ايجاد ذلك”.
وقال ان السكان يتحدون مخاطر قذائف الهاون بوقوفهم في طابور على بئر ماء طيني للحصول على مياه تسبب الاسهال والتهاب الكبد الفايروسي واذا استطاعوا الحصول على حطب فانهم يغلون الماء قبل شربه.
وقال ان مايقارب من 10 الى 15 مدنياً يموتون يوميا بسبب القصف، وكذلك يطالب المسلحين بابقاء ابواب البيوت مفتوحة ليتمكنوا من الصعود الى سطوح البيوت للقتال مما يتسبب ببث الرعب في نفوس الاهالي خشية تعرضهم لقصف جوي من جراء ذلك.
وأضاف المتحدث بان المباني قديمة وغير مستقرة وقد تدمر عدة مباني وبيوت بضربة
جوية واحدة.
ويجتمع الذين يتمكنون من الهرب في مواقع مخصصة لغرض التدقيق الأمني من قبل القوات الأمنية. واستنادا لمصادر طبية فان اغلب الذين وصلوا يعانون من الجفاف وسوء التغذية بالاضافة الى جروح تعرضوا لها وجميعهم متضررون.
وقال أحمد هيثم، “انه موت، موت أحمر، لم نر الشمس منذ شهر مضى”. واضاف انه قبل يوم فقط قتل 18 شخصا في غارة جوية في البيت المجاور لبيته.
وما تزال عائلة أحمد تملك طعاما، ولكن اخرون ذكروا بان الجوع اجبرهم على الهروب.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى حسام العبار ان مجلس المحافظة أرسل طلبا منذ شهرين الى الحكومة الاتحادية والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لالقاء تجهيزات من مواد غذائية رئيسية من الجو ولكنهم لم يتلقوا أي رد.
كما قال الكولونيل ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف الدولي، بان التحالف لم يتلق أي طلب من هذا النوع.
وتتباين التخمينات بشأن اعداد المواطنين العالقين في المدينة القديمة بشكل واسع. ويقول العبار ان هناك مايقارب من 45 ألف شخص. في حين ذكرت ليز غراند منسقة الامم المتحدة للشؤون الانسانية في العراق بان هناك مابين 120 الى 150 ألف مواطن عالق في المدينة القديمة.
وقالت غراند ان “القلق الاكبر هو مايتعلق بالمياه، وكذلك هناك شحة بالغذاء وان الكهرباء مفقودة في معظم الوقت وهناك نقص حاد بالادوية”.
وهرب أحمد محمد، من المدينة القديمة قبل اسبوعين مع زوجته وطفليه البالغان من العمر 4 سنوات وسنتين بسبب نفاد الحليب الخاص بطفليه حسب قوله وانه لم يكن لديه خيار اخر. وقد استغرق هو وعائلته يومين للذهاب من بيته الى اقرب موقع للقوات الأمنية رغم انه لايبعد عنه سوى كيلومترات قليلة، وقال انه تنقل من بيت الى اخر لتفادي المسلحين الذين يستوقفون الناس في الشارع لشكوكهم بمحاولة الهروب.
وقال محمد ان “رحلتنا بدأت في الساعة 2 صباحا وذهبنا الى بيوت أوصانا بها اصدقاؤنا، او اصدقاء اصدقائنا”.
وأضاف “والآن اتحدث مع اقارب في الداخل يقولون بانهم لن يحاولوا الهروب بعد ما حصل في الزنجيلي”، مشيرا الى حادثة القتل الجماعي عند معمل المشروبات الغازية هناك.
وقال محمد انه قبل مغادرته المدينة كان مسلحو داعش يعززون من تواجدهم حول جامع النوري الكبير بمزيد من المقاتلين القوقازيين الذين وصلوا الى المنطقة مؤخراً.
وقال اللواء نجم الجبوري قائد عمليات نينوى، ان هناك مايقارب من 300 الى 400 مقاتل اجنبي بين مسلحي داعش في المدينة ونفس هذا العدد من المسلحين المحليين.
وحدد المتحدث باسم التحالف الكولونيل ديلون، العدد الكلي لمسلحي داعش “باقل من 1000 مسلح”.

عن: واشنطن بوست

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here